د.سارة حمزة :أول رئيسة للتخصص بالجامعات المصرية لـ"حواء":

مع طب المسنين هتعيش زمنك وزمن غيرك

أجرت الحوار :د.عبير بشر

هى سيدة تؤمن بأن كل فرد فى المجتمع المصرى يدين للمسنين فى مجتمعنا، لأن هؤلاء هم من أعطونا حياتهم، وكل فرد منا له دور فى خدمتهم التى تعتبرها شرف ورسالة، ونحن جميعا مسئولون عنها سواء كنا طلبة أو قائمين على رعاية المسنين، أو واضعى سياسات، وهناك قصور شديد فى الخدمات المقدمة لهم فى جميع مناحى الحياة فى مصر، وخدماتهم بشكل عام تحتاج إعادة نظر وهذا حقهم علينا. إنها د. سارة حمزة أول سيدة تتولى رئاسة قسم طب المسنين التي تحدثنا عن هذه الرسالة خلال السطور التالية..

تعتبر د. سارة طب المسنين عشقا لها، فهي تعشق التعامل مع المسنين وفلسفة طب المسنين، وهو من وجهة نظرها رسالة وفلسفة إلى جانب كونه تخصصا علميا صعبا ومعقدا ومتفرعا.

تؤمن بفكرة التعمر النشط وتنادى بها وبضرورة غرسها فى ثقافة المسنين فى مصر، الذين يجب أن يعلموا أن الأصل أن يكون المسن سليما قادرا على الحركة وخدمة نفسه.

يهدف طب المسنين بالأساس إلى الارتقاء بجودة حياة المسن، ويتحقق ذلك بالحفاظ على صحة المسن السليم، ومساعدة المريض لتجاوز تلك المرحلة العمرية الصعبة بأقل قدر من المعاناة.

الفئة المستهدفة

وتوضح د. سارة أن هناك المسن السليم الذى لا يعانى من أمراض صحية حادة، وهذا له طبيعة واحتياجات معينة فى نمط حياته من أجل الحفاظ على صحته. وهناك المسن المريض الذى عادة ما يعانى من مشكلات صحية متعددة خاصة بالصدر والقلب والمفاصل، وهى مشكلات معقدة ومتداخلة.

وبدلا من أن يلجأ المسن إلى أكثر من تخصص ويقوم هو بتوجيه نفسه، مما يفقده الكثير من فرص التدخل الطبي السليم يجب أن يعتمد على طبيب متخصص فى طب المسنين، حيث يجرى له فحصا شاملا لكل أجهزة جسمه، ويحدد المشاكل الصحية لكل حالة، ويستطيع التمييز ما بين التغيرات الطبيعية التى تحدث فى الجسم نتيجة التقدم فى السن والتغيرات المرضية.

كما أن هناك بعض الأمراض الخاصة بالمسنين التى لها أعراض غير نمطية، مثلا قد يأتى المسن مصابا بالتهاب رئوى وبدلا من الشكوى من أعراض كلاسيكية، تظهر عليه أعراض مختلفة تماما لا يميزها سوى طبيب المسنين، ويكون قادرا على التعامل معها فى حدود تخصصه.

الرعاية المجتمعية

وعن دورهم في توعية المجتمع وتوجيه العاملين بدور المسنين، تقول د. سارة :إن القسم يعقد دورات تدريبية لتدريب القائمين على رعاية المسنين وتوعيتهم بأهم المشكلات التى تواجههم وكيفية التعامل معها، ويقومون بنفس الدور مع من يريدون العمل بوظيفة جليس للمسنين الملازمين البيت، وجزء كبير من التوعية المجتمعية موجه إلى تدريب وتوعية الرعاة وتدريب الأطباء والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والمثقفين الصحيين فى وزارة الصحة.

لماذا المرأة؟

ونظرا لأن المرأة فى المنزل هى التى تتولى فى أغلب الأحوال رعاية المسنين فى أسرتها، سألنا د. سارة حمزة عن أهم النصائح والتوجيهات التى تقدمها لها؟!

أجابت : يتعين على المرأة أولا أن تحدد ما هى حالة المسن الذى يعيش معها؟ وفى حالة المسن السليم الذى لا يعانى أى أمراض حادة ويعتمد على نفسه فى تأدية أنشطة حياته اليومية بصورة مستقلة، هذا المسن يحتاج منا أن نحافظ على صحته والأداء الوظيفى لجسمه أطول وقت ممكن.

لذلك لابد أن يجرى كشفا دوريا روتينيا على صحته، ولا يذهب إلى الطبيب فقط عند ظهور الشكوى، بل يتبع برامج الكشف المبكر للأمراض والأورام، وأن يجرى تحاليل سنويا، وهى اجراءات بسيطة ومعروفة وغير مكلفة إذا ما قورنت بتكاليف العلاج فى الحالات المتأخرة.

وأذكر هنا دور الرياضة حتى لو اقتصر الأمر على المشي ، وأن يتبع العادات الغذائية السليمة مثل شرب المياه بكثرة وأكل كل الوجبات فى موعدها ولا يستسلم لحالات انعدام الشهية، وأن يأخذ تطعيم الانفلوانزا سنويا، وتطعيم الالتهاب الرئوى مرة كل خمس سنوات لو كان تحت سن 65 ومرة فى العمر فى حالة المسن الأكبر.

عبارة مرفوضة

وتحذر د حمزة من استسلام المسن لفكرة عدم الذهاب للطبيب تحت شعار "كفاية عليا كده، أنا كده كويس على قد سنى" وتؤكد أنها كلها مفاهيم خاطئة يجب أن تلغى فالمسن في الظروف الطبيعية يكون قادرا على خدمة نفسه والعمل والعطاء، ولا يوجد ما يمنعه من القيام بأنشطة حياته بصورة مستقلة، وما دون ذلك فهو مريض.

وفى حالة المسن المريض يقوم الأطباء المتخصصون بدراسة حالته وتحديد ما إذا كانت المشكلة التى يعانى منها وظيفية أو عقلية، مع تحديد حالته النفسية.

وتشرح أستاذة طب المسنين أن مرحلة الفحص يتبعها وضع خطة علاج لكل مشكلة، وتعليم المرافق للمسن كيفية الاهتمام به ورعايته، وكيفية التعامل مع المسن الذى لديه مشكلة فى الحركة والذاكرة مثلا.

دور الأبناء

وعن أكثر المواقف تأثيرا فيها تؤكد: أنهم الرعاة أو أولاد المسنين، حيث يتاح لها رؤية كل الأنماط البشرية المستعدون للمساعدة ومن ينتهج النكران والجحود .

إن مهنة رعاية المسنين بها قدر كبير من العظة، ودعوة "ربنا يسعدك يا بنتى" من قلب أى مسن أعتبرها أكبر من أى شهادة فى الدنيا، ويسعدنى تخفيف معاناة المرضى، وأخشى من ابتعادهم وتدهور حالتهم مرة أخرى لو لم يستمروا على المتابعة.

تدريب ودراسة

وتؤكد د. حمزة أن تخصص طب المسنين يدرس لطلبة الفرقة الخامسة بكلية الطب ضمن مقررات الباطنة، ويدرس لطلبة الفرقة الرابعة في قسم الصحة العامة فى شكل عرض اكلينيكى لكيفية عمل رعاية صحية للمسنين، ويقوم القسم بعمل دورات تدريبية لكل أطباء الامتياز بدء من العام الدراسى الحالى.

أما بالنسبة لطلبة الدراسات العليا يقدم القسم مقررات ماجستير ودكتوراه ودبلومة متخصصة في طب المسنين و في الدراسات العليا ندرس أمراض باطنة ، ونفسية وعصبية ، وقلب ، وعظام ، وجراحة مما يؤهلنا للتعامل مع معظم مشاكل المسنين.

عمل القسم

وعن دولاب العمل بقسم طب المسنين تقول رئيسة القسم : يعمل القسم بنظام فريق العمل، فهناك أخصائيون نفسيون وتغذية وتخاطب، بالإضافة إلى الزملاء من أعضاء هيئة التمريض وبعضهم حاصلون على درجات عليا فى تمريض المسنين.

وهناك عيادة خارجية للمسنين الذين يعانون من مشكلة، وعيادة رعاية صحية للذين يأتون بدون أى شكوى لإجراء الفحوص الشاملة بأسعار مخفضة، ويلى ذلك عملية متابعة لهم، وهناك قسم داخلى للحالات الحادة، بالإضافة إلى رعاية مركزة وحيدة فى مصر فى هذا التخصص كما أن هناك وحدة هشاشة عظام.

ورغم أن رواد القسم من المرضى محدودي الدخل الذين ينتمون لفئة اقتصادية تعانى لكنهم حريصون على متابعة صحتهم ويتشبثون بالحياة.

أسرتها الصغيرة

وبالنسبة لأسرتها الصغيرة، تقول د. سارة: لدى أولادي أحمد 14 سنة، وحبيبة 11 سنة، وزوجى د. أشرف أمين أستاذ مساعد فى قسم طب المناطق الحارة ومتخصص فى مجال الكبد والمناظير بالكلية.

أما عن أسرتها الكبيرة فالوالد هو أ.د. أحمد حمزة الرئيس الأسبق لجامعة المنصورة ويرأس حاليا إحدى الجامعات الخاصة وتعتبره مثلها الأعلى فى الحياة وحب العلم والعطاء، والوالدة تنتمى لمجال الإعلام وهى السيدة سحر خليل وكانت تعمل بالبرامج الموجهة بالإذاعة المصرية قبل أن تخرج على المعاش على درجة وكيل وزارة، وأختها الكبرى د. مى أستاذة مساعدة في قسم الأدوية بكلية الطب وهى مثال للباحثة الدؤوبة، وسبق أن حصلت على جائزة الدولة التشجيعية وتعتبرها صديقة عمرها، والأخت الصغرى رؤى وتعمل فى جهاز شئون البيئة.

وتؤكد أستاذة طب المسنين أنهم جميعا أسرة مترابطة جدا تساعد بعضها وسط مناخ أسرى، كما تدين بالفضل لزوجها لأنه يدفعها دائما للأمام ويوفر لها الدعم ، وإذا كانت قد حققت نجاحا فى حياتها فإنها تدين به لهم جميعا