أخلاقنا الجميلة.. متى تعود؟
كتبت :فاتن الهواري
متى تعود أخلاق المصريين الجميلة ، متى تعود الشهامة والأخلاق الحميدة والطيبة والجدعنة التى كانت تميزنا عن بقية الشعوب ، متى تعود النخوة والسماحة وحب المصريين لبعض وللخير وحبهم لبلدهم ... متى يعود الهدوء لحياتنا والوئام والصفاء والعواطف النبيلة ؟!
لا أعرف لماذا تذكرت جدى رحمه الله الشاعر الكبير رقيق الإحساس «على الجندى» عميد كلية دار العلوم وعضو المجمع اللغوى الذى ولد وتربى فى صعيد مصر، ولكن رقته فى التعامل وأدب أخلاقة واحترامه للآخر وتقديره للمرأة يفوق من درس فى السربون .
كان جدى رحمه الله يجامل جيرانه إلى أقصى حد وأتذكر وأنا طفلة مات جار جدى فى العمارة المقابلة لسكنه وقام جدى بغلق التليفزيون مراعاة للجيران مدة أربعين يوماً .. هل هذا معقول ! نعم فى الزمن الجميل كل شىء كان معقولاً ومقبولاً ولكن أعتقد هذه الأيام لو مات أحد أفراد الأسرة فى المنزل سوف يفتح التليفزيون فى نفس اليوم .. تذكرت سلوك جدى الراقى فى التعامل وأنا سهرانة للفجر بالإكراه بسبب أصوات الأغانى التى تنبعث من سيارات التاكسى التى تقف أمام المول الذى سعدنى حظى بالسكن أمامه وياليتها أغانى هادئة تهذب النفس وتريح الأعصاب مثل أغانى فيروز وأم كلثوم تساعد على النوم العميق ولكنها أغانى مزعجة من نوعية «هاتى بوسة يا بت» والله حتى طلوع الفجر والأغانى على هذا المنوال الهابط بأعلى صوت ، بالإضافة إلى صوت الكلاكسات التى ليس لها داع .. وقتها حدثت نفسى بأنه لابد من إعادة تربيتنا مرة أخرى وتهذيب سلوكنا فنحن فى أشد الحاجة لذلك وخصوصا الأن مع انتشار مسلسل فوضى الأخلاق بعد ثورة عظيمة لم نعرف قيمتها ولم نصونها بل شوهناها بسلوكياتنا الفوضاوية ومظاهراتنا العشوائية ومليونياتنا اللانهائية ... فلابد أن نتعلم أن الليل سكن وله احترامه وهدوءه ونراعى الناس النائمة والمريضة والطلبة السهرانة، كل هذا لابد أن يكون فى الحسبان ، نتعلمه ونتذكره دائماً لأنه كان من صميم أخلاقنا المفقودة وهى مراعاة الأخر ومشاعره وظروفه ولكن الكل يطبق المثل الأنانى «أنا وبعدى الطوفان» .
العنف أصبح السمة الأساسية للشارع المصرى والتعامل بالقوة هو اللغة السائدة، هل يصح أن تركن سيارتك أمام سيارة الآخرين وتمنعهم من الخروج بالقوة وتحدد إقامتهم بالإجبار لأنك راكن سيارتك أمام سيارتهم ، هل نجد هذا فى أى مكان فى العالم ، هذا يحدث فى مصر فقط وكأنه شىء عادى والمهم مصلحته فقط ، للأسف الدول التى كنا نرسل لها المعلمين والأطباء وعلمناهم أصبحوا أفضل منا مائة مرة ، نحن نسير فى الطريق إلى الهاوية هذه هى الحقيقة التى يجب ألا تغيب عن الأذهان وتكون أمام أعيننا.. نحن كلنا مسئولون عما وصلنا إليه من فوضى الأخلاق سواء بتصرفاتنا الطائشة أو السكوت على هذه التصرفات، سوف تكون صورتنا أمام العالم سيئة أن لم تكن أصبحت كذلك ... بعد أن كنا بلد الأمن والأمان والطيبة والحنان، لابد من وقفة مع النفس نحاسب فيها ضمائرنا ونحاول استرجاع سلوكياتنا وتهذيب أخلاقنا ونعود إلى أيام الزمن الجميل الذى كنا نقف فيه احتراماً للمعلم ، ونقبل إيدى الأباء والأمهات ونراعى الجار وحقوقه ونعطى للطريق حقه ، لابد من إعادة تربيتنا مرة أخرى وتهذيب سلوكياتنا وهذه مسئولية المجتمع ككل ، الأسرة والمدرسة والإعلام والحكومة والجمعيات الأهلية والجامع والكنيسة حتى تعود لنا أخلاق الزمن الجميل
ساحة النقاش