الدستور روح الأمة ومستقبلها

كتب :صلاح طه

  عزيزتى القارئة هذا الباب من أجلك للرد على أىة تساؤلات أو استفسارات قد تواجهك، وتطرأ على حياتك تتعلق بأسرتك أو مالك أو وظيفتك أو أى مجال من مجالات الحقوق والواجبات القانونية والتشريعية.. ارسلى إلينا أسئلتك وسوف يجيب عليها صفــوة مـن رجال القضاء

تسأل هند إبراهيم من حلمية الزيتون عن مواصفات الدستور الذى يحقق آمال وطموحات فئات المجتمع وطوائفه، وماهى شروط من يشارك فى وضع الدستور وسمات من يقوم بإعداد صيغته القانونية؟

- يقول د. إبراهيم أحمد أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة عين شمس: الدستور هو وثيقة على درجة كبيرة من الأهمية لأنه يعتبر القانون الأعلى فى الدولة وكل ما يصدر فى الدولة من قوانين أو قرارات أو لوائح لابد أن تكون متسقة مع هذا الدستور لأن مخالفتها للدستور من شأنه أن يفقده الشرعية القانونية، والدستور يجب أن يكون مناسباً للأمة ويعبر عن روحها وهويتها لذا فإنه انعكاس حقيقى لواقعها ومعبر بدقة عن طموحاتها.. لذلك من يشارك فى وضع الدستور هو ينوب عن الأمة بأسرها لذلك من المستحب فيمن يشارك فى الجمعية التأسيسية التى تعد مسودة الدستور أن يكونوا من كافة طوائف المجتمع هذا بالإضافة إلى ذلك تشارك طائفة متخصصة ونخبة من فقهاء القانون لديها القدرة على صياغة مواد الدستور صياغة سليمة وبسيطة وسهلة وواضحة من الناحية القانونية واللغوية، ويجب أن تكون من سمات الأعضاء الذين يشاركون فى وضع الدستور الإخلاص وحب الوطن والتضحية من أجله والبعد عن المصالح الشخصية وإنكار الذات وأن يغلب على كل عضو مصلحة الأمة على المصالح الذاتية أو مصالح فئات معينة داخل المجتمع وأن يكون الهدف الأسمى هو مصر ومصلحة مصر لأن الدستور بمثابة النبراس الذى يبصر الأمة جميعاً ويحقق لها أهدافها القومية العليا ويرتقى بالإنسان الفرد ويصون كرامته ويحقق آمال وطموحات المجتمع وما يصبو إليه من تقدم ليضع الوطن والدولة فى مصاف الدول العظمى الحضارية المتقدمة وليس فى زيل قائمة الدول كما وصل بنا الأمر فى مصر بل يعلو الدستور بحرية مصر وحرية المصريين ويمنحها مكانتها التاريخية والثقافية اللائقة بها.

ويضيف د. إبراهيم أحمد أستاذ القانون ولأن الدستور يجب أن يلتحم بالأمة ويعمل على تقدمها ورقيها ويعبر تعبيراً حقيقياً عن جذورها وأصالتها لذا فلابد أن تكون أحكام ومواد الدستور ونصوصه عامة ومجردة وتبتعد عن التفصيلات وعن الحشو الذى لا طائل من ورائه وأيضاً لا يجوز الخلط بين مواد الدستور والقانون لأن هناك أموراً وقضايا يفضل أن تصدر بقانون ينظمها ويفسرها ويكون لها مبرراتها وليس مكانها الدستور، وإذا كان الدستور السابق وهو دستور عام 1971 والذى تم تعديله فى 22 مايو عام 1981 يتضمن 211 مادة بينما مشروع مسودة الدستور الحالى وقد تناول ما يقرب من 230 مادة يتخللها الكثير من المواد يمكن الاستغناء عنها والبعض الآخر يمكن صياغته فى مواد القانون أو فى لائحة تنظمها على سبيل المثال المواد التى تتحدث عن تفاصيل المواد الدراسية ومراحلها المختلفة وأنواعها وتعددها وكذلك أنواع الزراعة والثروة السمكية ودروب الرياضة واكتشاف المواهب وهناك سطور مبهمة وغير واضحة تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية كالسكن والصحة والغذاء ووسائل الانتقال تشمل معان جوفاء ليس لها معنى ونصوص أخرى تتعارض مع ما تتضمنه من معان.. لذا يجب أن تكون نصوص الدستور واضحة ومحددة بدقة ولا تثير الخلاف عند التطبيق خصوصاً المواد التى تتحدث عن الشريعة الإسلامية مثل المادة «220» من مسودة الدستور تفسر الشريعة بأنها الاجتهادات الفقهية ومذاهب الشريعة الأربعة وهذا تناقض لأن آراء الفقهاء والمذاهب قد تختلف فكيف نسير وعلى أى مذهب وأى فقيه نتبع فهذه المادة تثير الخلاف والشقاق وعلى العكس يجب أن تكون مثل هذه المواد واضحة ومبينة تحقق الثقة والطمأنينة فى قلوب الناس ويجب أن تبتعد نصوص مواد الدستور عن كل ما يثير النزاع والشقاق والخلاف ليس فقط بين أعضاء الجمعية التأسيسية ولكن أيضاًَ بين فئات المجتمع لذا فإن التوافق والإجماع والوحدة حول الهدف الأكبر والأسمى من سمات المجتمعات الديمقراطية والحضارية المتقدمة والتى نسعى للدخول فى ركابها لكى نحقق لمجتمعنا بجميع فئاته وطوائفه آماله وطموحاته التى ينتظرها دون تفرقة بين يمين ويسار ومسلم ومسيحى خصوصاً بعد ما عاناه المجتمع المصرى مفتقداً للعديد من الحقوق الإنسانية فى المراحل الصعبة الأخيرة رغم صموده وصبره على تلك الحقوق فى ظـل النظام السابق.

ولكى يتحقق لمصر حكم ديمقراطى سليم يضمن للشعب الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. لذا يجب الانتباه والحذر من كل وسائل قسمة المجتمع وتشتته والعمل على وتيرة الثقة والحوار والوفاق لمصلحة مصر ما بعد الثورة ومستقبل الأجيال القادمة لمستقبل مشرق يحقق العدالة الاجتماعية والأخذ بمفهوم الإدارة الناجحة «الكفاءة والخبرة والمهارة» وهى الأبقى بعيداً عن منظومة الأخذ بالواسطة وقوة النفوذ والفساد الذى عم دروب مؤسسات الدولة ومنشآتها طوال العقود الثلاثة الماضية وقوانين مازلنا نعمل بها اقترب عليها قرن كامل من الزمان، وصدق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، ويقول أيضاً: «إذا وكل العمل إلى غير أهله فانتظروا الساعة»

 

المصدر: مجلة حواء -صلاح طه
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 580 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,697,062

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز