كتبت : ايمان حمزة

خرجت النتائج الأولية غير الرسمية للاستفتاء على مسودة الدستور بموافقة حوالى 56% إلى حوالى 44% للرافضين وذلك من المحافظات المصرية التى كانت بالمرحلة الأولى للتصويت على الاستفتاء والتى تمت السبت من الأسبوع الماضى، وذلك حتى كتابة هذه السطور صباح يوم الأحد الموافق 16/12/2011 أي اليوم التالى للاستفتاء.

وهو مايؤكد على أن الشعب المصرى يمارس حقه فى الديمقراطية واختيار دستوره فرغم الموافقة للدستور بشكل أولى، أيضا المعارضة جاءت قوية وهو ما يمكن أن يمثل تقارباً فى وجهات النظر بين المصريين جميعاً إن شاء الله بأن يكون هناك طرح للمواد التى كانت عليها الاختلاف فى مواد الدستور والتى قيل أنها سيعاد النظر بها، كما أكد الرئيس المصرى د. محمد مرسى على أنه سيصدر قراره بالموافقة على المواد الدستورية إذا تمت الموافقة على مسودة الدستور بالاستفتاء للمصريين للمواد التى كانت محل خلاف من خلال عرضها على التشريع بمجلس الشعب الجديد وموافقة النواب عليها...

ولكن أيضا مع الدستور الذى سينظم الحقوق والحريات لحياة المصريين أصبح الأهم وشغلنا الشاغل هو استعادة الشعب المصرى لأمنه وأمانه مع وحدته كنسيج مصرى منسجم مع نفسه وقد أصبحنا نرى مايحزننا جميعاً مع ماحدث الآن من محاولة البعض لتقسيم وتفتيت هذه الوحدة بين جميع طوائف الشعب .. نعرف أن الاختلافات هى طبيعة الشعوب فالله تعالى خالق الخلق وأقر أنه خلقنا مختلفين وأنه خلقنا لنتعارف ونتكاتف ويحتاج بعضنا البعض .. وليس الخلاف الذى يدعو إلى الفرقة والضعف والعودة إلى عصر القبلية أو الجاهلية .. علينا جميعاً أن نستعيد قيم المصريين التى ظهرت واضحة فى روح ثورة 25 يناير 2011 التى وحدت بين كل المصريين مسلماً ومسيحياً، كلنا مصريون فما أصبحنا نراه اليوم غير مقبول حتى بين المسلم والمسلم .. أين روح المصريين من حب وقبول لمن حولنا، لقد ولدت وتربيت فى هذا المناخ المصرى الذى كان يميز المصريين بالحب، ولم يفرقنا ديننا يوماً، لماذا نسمح للتطرف أن يفرق بيننا؟ إن ديننا دين الحب والسماحة، دين يدعو للحق وإن الدين لله والوطن للجميع كما أقر ذلك وأكد عليه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين الذى جاء متمماً لمكارم الأخلاق .. فقد قال رسول الله صلوات الله عليه وسلامه «إنما بعثت متمماً لمكارم الأخلاق» فهل هذه أخلاق المسلمين التى دعا إليها المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام..

وهل هذه المواطنة التى أقرها وأعلا أسسها فى المدينة المنورة مع وضعه أسس الدولة فجعل الحقوق المتساوية والواجبات العامة لكل من كان من أهل المدينة والمهاجرين؟ لا فرق طالما كان الجميع ملتزماً بوثيقة الالتزام بأسس الحفاظ على المدنية والدولة...

لماذا نسمح للفرقة أن تدب بيننا ونترك الساحة لدخول أعداء الداخل والخارج بيننا، لنرى ما نراه من سلوكيات تحزننا جميعاً بل تدمى قلوبنا من وقوع ضحايا بالأرواح .. هذه الروح والنفس التى حرم الله قتلها وجعلها أكبر الكبائر .. وهذا الدم الذى يراق فى شوارع مصرنا الحبيبة، هذه الدماء الغالية علينا جميعا .. الأسبوع الأول للانتخابات كانت هناك روح جميلة، الكل ملتزم جاء للاستفتاء بالصندوق إلى حد كبير، كان الكل متحضراً ليس هناك أى مظاهر غير صحيحة إلا فى حالات قليلة، هكذا هى الصورة التى تميزنا كمصريين وليس هذه الصورة الدخيلة علينا التى كنا نراها قبل الاستفتاء من مظاهرات كان بعضها غير سلمى بالمرة بل كان مرعباً مفزعاً للشعب المصرى المسالم المحب الذى كانت قيم الحب والإيثار والشهامة والكرم هى أهم مايميزه حتى لو لم يكن يجد ما يسد احتياجه فهو كريم بأخلاقة وسماحته وصفاته بمن يلاقيه أو يأتيه .. أصبح الأهم عندنا الآن استعادة روح الثورة وقيم المصريين، حب المصرى لأخيه لافرق بين غنى وفقير مسلم ومسيحى .. أيضاً مسلم ومسلم من التيارات الدينية ولا الأحزاب السياسية .. لافرق بين رجل وامرأة بل كان دائماً يحترم المرأة التى هى بمثابة الأم والابنة الزوجة والأخت .. لا ننكر أن الميراث الثقافى الاجتماعى الشعبى والتى تتمثل العادات والتقاليد كانت ظالمة لبعض حقوق المرأة ولكن كان هذا الأمر قد تطور بفعل تطور المجتمع وتقدم المرأة ووعى الرجل بأن المجتمع لاينهض إلا بتعاون كل طاقات المجتمع وليس بحرمانه من نصف طاقاته المتمثلة فى المرأة..

وخاصة فى وقت نحن أحوج مانكون إلى ذلك للنهوض لما وصلنا إليه من توقف عجلة الإنتاج والتدهور الاقتصادى الذى يشمل آثاره كل الشعب المصرى وخاصة الطبقات الأكثر فقراً والمتوسطة..

وإن كان الكل قد ثار بشكل بالغ .. فمن حق المرأة وحقوق كل المصريين والمساواة والعدالة الاجتماعية وحياة حرة كريمة برفع الحد الأدنى للأجور من خلال خفض الحد الأعلى للإجور، فتطبيق هذا فى الوقت الحالى نوع من تطبيق العدالة وإحساس المصرى بأن القائمين على الدولة يشعرون به .. أمور أخرى كثيرة تحتاج إلى - ليس فقط وضع مواد الدستور بل الأهم أن تطبق هذه المواد بشكل فعلى على أرض الواقع ليلمسها المصرى فى حياته ويرى تأثيرها فى حياة كريمة آدمية يملك فيها مايسد احتياجاته وأفراد أسرته ويحقق طموحاته أيضا العلمية والعملية، وأيضا حريته داخل وطنه وكل الخدمات الطبية والتعليمية والاجتماعية وحقوقه السياسية .. وأيضا أن نمد أيدينا للفقراء ومواجهة الأمية بتطبيق المشروعات متناهية الصغر التى تربط محو الأمية بتعلم حرفة من أجل أن يعيلوا الكبار كما نرى من عمالة الأطفال، وأيضا ظاهرة أطفال الشوارع وحل مشاكلهم والعنف الذى يمارس ضدهم من عصابات الشوارع فهو مايصدر الجرائم والمخدرات والقنابل الموقوتة داخل الشعب المصرى مع العشوائيات وتفشى السلاح

الحرص على العمل بقول الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم» 

المصدر: مجلة حواء- ايمان حمزة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,815,711

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز