فى ظروف خاصة
هدية ماما ضحكة وصحة وألف سلامة
كتبت :أميرة اسماعيل
مشاعر الأم لن تغيرها الظروف ولا المحن .. هذا ما أمنت به خلال لقائي بعض الأمهات اللاتى تعاملن ببساطة وحب مع حالات أطفالهن من ذوى الإعاقة , فكم كانت نظراتهن رائعة لأطفالهن وكأن الله منحهن هبة لا يمتلكها غيرهن .. وهنا نخصص لهن تلك السطور لننقل لكم مشاعرهن الخاصة جدا فى عيد الأم ، وكيف أن الهدية التى يحلمن بها دوما هى الصحة والسعادة لأطفالهن ..
البداية مع السيدة أسماء حمدى - ربة منزل - وطفلها عبد الرحمن محمد عوض (10سنوات) , مصاب بمياه على المخ أدت إلى ضعف حركة الجزء الأيسر، ويخضع للعلاج الطبيعى وهو فى تحسن الأن، وبمجرد سؤال عبد الرحمن عن هديته لوالدته فى عيد الأم حتى قال : " بابا جابلى برفان وأنا اديته لماما "، وتضيف الأم.. " لما بيقرب منى عبد الرحمن ويحضنى ويمشى أشعر وقتها أنه يقول لى : " ماما أنا من غيرك ولا حاجة ".
- " لما إيهاب بيتفرج على التليفزيون ويلاقى فيه احتفال وهدايا بيعرف علطول إن فيه عيد أم" هذه أولى كلمات بدرية إبراهيم - والدة الطفل إيهاب نادر حسين المصاب بتأخر ذهنى نتيجة نقص فى الغدة الدرقية - وتضيف..لأن تعامله مع والده قليل فأنا متحملة مسئوليته فى كل شئ.
وتبتسم فى حنان قائلة : " إيهاب من الممكن أن يعطيني ولو حتى ورقة مرسوم عليها وردة ففى أحد المرات لاحتفالية عيد الأم أهداني ورقة بشريطة.
- بدموع لم تسطع أن تخفيها تحدثت إلينا غالية جودة - خبير لغة انجليزية بوزراة التربية والتعليم - ووالدة الطفل عمر محمد (13سنة) قائلة :" أصيب ابنى بإعاقة ذهنية ونظراً لوفاة والده وأمي التى كانت تشاركني رعايته أصبحت أتحمل المسئولية وحدي، وكانت أجمل هدية عيد الأم من عمر فى أولى حضانة حيث صنع كارتاً بصورتي الشخصية ".
قص ولصق
" كنت رافضة حالة يوسف وكثيراً ما أبكى وأنا بمفردي ".. كلمات لم تمنعها نشوى محمد - ربة منزل - ولكنها أضافت.." حالة يوسف منغولى، ولدي حمزة - الصف الثانى الإعدادى، وعبد الرحمن - الصف الثانى الابتدائى - وهما سويان، لكنى للأسف بعدما تقبلت حالة يوسف أصبحت أفضله عن باقى أخواه وهو ما ولد لديهما الشعور بالغيرة، أعلم أننى المتسببة في هذا الاحساس لديهما ولكنه الأكثر حناناً منهما، هادىء الطباع وفي كثير من الأحيان يبكي عندما يراني أبكي ويأتي ليطبطب علي، وهو أول من صنع لي قلباً من القص واللصق.
" هيلين كيلر المصرية "
ولأننا نتحدث عن أمهات تقبلن إعاقات أطفالهن بكل حب، وكل أم تحمل بداخلها هواجس القلق من مستقبل طفلها المعاق، فأمام هذا التحدى القوى كان لابد أن نلتقى بالطفلة منة الملقبة بـ " هيلين كيلر المصرية" ووالدتها المهندسة إيناس عبد الله , منة لديها إعاقة مركبة - سمعية وبصرية - وتتحدث والدتها عنها قائلة : " تشعرمنة بالاحتفالات ولكنها لا تميز عيد الأم تحديدا، وكم كان هذا يغضبني، ولكن مع الوقت تقبلت حالتها تماما، وبخاصة بعدما قررت إنشاء مؤسسة لرعاية الحالات الخاصة المركبة كحالتها، فقد كانت منة أولى الإعاقات المركبة فى مصر، ولا أنكر أننى تعبت كثيرا معها ولكن كلما وجدتها تستجيب أو أشعر بردود أفعالها استمر فى محاولة مساعدة ابنتى فهل بعد ذلك هدية؟ "
- فى هذا الإطار تقول بدوية سعيد - ربة منزل - : " لدى محمود 18 سنة وهو طبيعى، أما دينا 14سنة، ومحمد 6 سنوات، فكلاهما متأخر ذهنياً وبصرياً لكننى أشعر بالسعادة للتقدم فى صحتهما "، وتضيف ضاحكة.. أحضرت لمحمد هدية "مج" لأن عيد ميلاده هو نفس يوم عيد الأم ودينا فلا تنسى عيد ميلادها علشان تأخذ هديتها، أما أنا ففرحتى بهما هى هديتى.
- "أنا خلاص أخدت هديتى ".. بهذه الكلمات تبدأ ولاء فوزى مصطفى - مدرسة- قائلة: " لدي منار (8سنوات )، و محمد (5سنوات ) مصاب بضمور فى المخ مما كان له تأثير حركى وذهنى ولكنه الحمد لله بدأ يستجيب للعلاج، وهذا الأمر جعلنى راضية وشاكرة لربى ".
وعندما سألتها عن مناسبة عيد الأم..أجابت وابتسامتها لا تفارقها : " إصابة محمد بالكهرباء الزائدة تؤدى لمسح كل الذكريات التى يمر بها ولكنى غير مهتمة لأن حالته تتحسن الأن وهذه هى هديتي ".
- وفى إحدى المؤسسات المصرية لرعاية ذوى الاحتياجات الخاصة , قابلته.. سيد رمضان (10سنوات)، لديه إعاقة ذهنية بسيطة، فنسبة التحصيل والتركيزلديه فى الدراسة ضئيل للغاية.
توجهت له بالسؤال عن والدته.. فأجاب : " أمى تعمل وأبي مات وأنا بحاول أساعدها ".
وعندما سألته هل أحضرت هدية ماما ؟ أجابني : " اه جبتلها شمعة علشان لما النور يقطع تنور بيها".
كل أم تنتظر هذا اليوم من أجل أن تشعر بأمومتها لمجرد كلمة حلوة من ابنها أو ابنتها.. تلك هى أحاسيس أمهاتنا فى هذه المواقف والتى وصفتها د. نعمة رجب - أخصائية نفسية بجامعة عين شمس- بأنها حق لكل أم مهما كانت حال طفلها رغم أن هناك أطفالاً لا يشعرون بهذا اليوم ومنهم من يتقبل التذكير فيربت على كتف والدته ويقبلها وقد يهديها أى شىء رمزى ولكنه يعنى لها الدنيا وما فيها لأنها تشعر أنه يعاملها كطفل طبيعى.
وتضيف د. نعمة رجب.. إننى أشفق بحق على هؤلاء الأمهات لأنهن يتحملن المشقة مع أطفالهن وقد يصابن بالإحباط أو الخوف عليهم من المستقبل، وبين هذا وذاك لابد أن نجدد بداخلهن الأمل، وهى بحق تستحق فى هذا اليوم ألف جائزة وجائزة لما تصبرعليه كل لحظة وكل يوم.
- كما تدعو د. هدى زكريا - استاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الزقازيق - إلى أن تكون هناك مؤسسات مجتمعية تساهم فى تدعيم الأم نفسيا وماديا وأن يكون لدى هذه المؤسسات ملفات معلوماتية متكاملة عن حالات ذوى الإعاقة من مختلف أنواعها ودرجاتها لأنها بذلك تعلى من مسئولية المجتمع تجاه هذه الفئة التى تزيد عن 8 مليون فرد
وتشدد د. هدى على الاهتمام بهذه الفئة فى الريف، حيث زواج الأقارب والإهمال وغياب التوعية والفقر
ساحة النقاش