من تعجل الشىء قبل أوانه عوقب بحرمانه

بقلم :أمل مبروك

تحدث مؤرخو الحضارات - ومازالوا يتحدثون - عن سقوط الدول والأمم بسبب تدهور الأخلاق لدى من يمارسون العمل السياسى ومن يطلقون على أنفسهم لقب "النخبة"، ولهذا السبب بالذات لاتحتاج بلادنا السياسى الذى يعيش من السياسة، أى يستفيد منها لتحقيق أهوائه الشخصية، وإنما تريد السياسى الذى يعى مسئوليته ولا يستسلم للضغوط التى يمكن أن تمارس عليه، ولا يورط نفسه مع قوى شيطانية تخادعه وتبعده عن هدفه، لا أعتقد أن هذا مطلب صعب أو أنه من قبيل طلب المعجزات، خاصة ونحن نعيش فترة صعبة .. تضاعفت وتعقدت فيها مشاكل الحياة اليومية لدرجة جعلت طاقة الصبر عند عموم الناس ضيقة بينما طاقات الغضب سريعة الانفجار ولاتميز بين قريب وجار وزميل .. ولابين مسن وكبير وصغير .. ولارجل وامرأة وطفل !

مسكون بنظرية المؤامرة

هناك صنف من الناس يشككون - أساسا - فى أن ماقام به المصريون فى الخامس والعشرين من يناير 2011 هو ثورة لمواجهة الاستبداد والفساد، ويدللون على شكوكهم بما يرونه من أخطاء تقع هنا وهناك، وكأن هذا الصنف من الناس لايتوقع النجاح لأى عمل حتى لايفكر بما سيتحقق بعد النجاح ! وهناك صنف آخر مسكون بنظرية المؤامرة فهو لايتخيل أن يكون هناك تحرك ليس وراءه متآمرون من داخل البلاد أو من خارجها ولسان حاله يقول : هل من المعقول أن تقوم ثورة وتغيير في الأوضاع السابقة دون تدخل من بقايا العهد البائد ومن الغرب، فبقايا العهد البائد بالذات لن يكونوا مجرد "كومة" من الرجال سوف يمحوها ويفتتها مرور الزمن، ولكنهم يحلمون بالعودة من النافذة وبطرق شتّى مثل إنشاء تكتلات سياسية تدعي الديمقراطية وتستفيد من الحرية المتاحة .

إذا كان الأمر كذلك فما المانع إذن ونحن نستعد لانتخابات برلمانية جديدة أن نرى السياسى الذى يمتهن السياسة كدعوة ؟ أى أنه شغوف بها لخدمة المبادئ والقضايا الكبرى التى يؤمن بها لتطوير بلاده وتطهيرها مما بها من فساد، ولن ينجح أى إصلاح سياسى - مجتمعى إلا إذا كان نابعا من الإيمان بضرورة تحمل تلك المسئولية، وإذا كان العمل السياسى يستنفد الكثير من الجهد والتعب والمعاناة فإنه يحتاج أكثر إلى بعد النظر لأن خطأ الجاهل بالطب قد يودى بحياة شخص واحد بينما الخطأ فى السياسة قد يودى بمستقبل أمة بأكملها.

قطف الثمرة قبل أوانها

نريد السياسى الذى يملك الشجاعة لأن يقرر ما يعتقده، وهذه صفة قل أن نجدها فى السياسيين المعاصرين الذين يتخذون من السياسة حرفة لمصالحهم، فيتشدقون دائما بكلمات فضفاضة تصلح لكل زمان ومكان، وذلك لخوفهم أن يقال عنهم أن لهم فكرا معينا، هناك أوهام ذات ضجيج قد ترعب الجبناء ولكنها تذهب عندما تأتى الجسارة والإقدام وقول كلمة الحق.

نريد السياسى الذى لا يكون أسيرا للشعارات التى ترفع للتوافق والمصالحة على حساب المبادئ والقيم الإنسانية.. السياسى الذى ينتصر على السلبية فى التصرفات حين لا يدافع عن أى قضية هامة وهو يظن أنه ينأى بنفسه عن المشاكل.

وليعلم كل العاملين بالحقل السياسى أنه ستفشل كل سياسة تفتقد للأساليب التى تغرس فى المشتغل بها تفضيل مصلحة الأمة على مصالحه الشخصية، وتغرس فيه الفضائل الأخلاقية التى تجعله قادرا على التغيير للأفضل وميسرا لأمور الناس، وستفشل كل سياسة تريد قطف الثمرة قبل أوانها والقاعدة الفقهية تقول: "من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه" .. لذلك نريد من يضع خطة طويلة الأجل وأخرى قصيرة الأجل للخروج أولا من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تفتك بالغالبية العظمى منا، وثانيا لإعادة الشعور بالأمن فى الشارع المصرى من خلال احترام حقوق الإنسان وفى نفس الوقت تطبيق القانون بمنتهى العدالة والحزم .. فهل هذا من رابع المستحيلات ؟ بالتأكيد لا بدليل أنه مطبق فى دول العالم المتقدم، وإذا شعر الشعب أن هناك بداية صحيحة لطريق يمتليء بالتغيير للأفضل فإنه سيصبر ويتحمل كل المشاق والصعاب الحالية، الأمل فى الله كبير أن تكون الانتخابات التشريعية القادمة سببا فى الوصول إلى خطة النجاة والنجاح معا

 

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 644 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,733,561

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز