كتبت : سمر الدسوقى

أزمات عدة ألقت بظلالها السوداء على سوق الملابس الجاهزة منذ العام الماضي وحتى الأن فأدت إلى ارتفاع بعض الأسعار، وبالتالي ظهرت مشكلة جديدة تواجه المواطن المصري، فيما يتعلق بسوق شراء الملابس سواء كان بائعاً أو مشترياً خاصة في فترات المناسبات والأعياد، ومع بدء الاستعداد لاستقبال موسم الشتاء عادت بعض المخاوف مرة أخرى للظهور خاصة بعد تداول بعض التوقعات  المتعلقة باحتمالية أن يشهد هذا السوق زيادة متوقعة قد تصل إلى 40%، فهل تشهد الملابس الشتوية ارتفاعا أخر في أسعارها بما يشكل أزمة جديدة  تقع على عاتق المواطن المصري؟

 

 

البداية تأتي مما حذر منه علي شكري نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية، ونائب رئيس شعبة الملابس، من خلال تصريح له تم نشره على موقع غرفة القاهرة ، من اتجاه أسعار الملابس الشتوية إلى الارتفاع بنسبة 40%، بسبب ارتفاع أسعار خامات قطاع الملابس ''غزول القطن'' إلى أكثر من 100 %.

متوقعا أن يشهد سوق الملابس في مصر ''كساداً'' غير مسبوق، نتيجة لهذه الزيادة، مما سيؤدي لاستمرار حالة الركود في سوق الملابس الجاهزة خلال الفترة المقبلة.

وقد أرجع سبب ارتفاع أسعار خامات قطاع الملابس، إلى أنه لا توجد خريطة زراعية لأصناف وكميات القطن، التي تحتاجها مصر للاستهلاك بالسوق المحلي، حيث أن هناك تقليصاً كبيراً في مساحة القطن المزروعة مما يجعلنا نستورد ما يقرب من 70% من احتياجاتنا من السوق الخارجي، ونفس الوقت يتم  فرض رسوم إغراق على الغزول المستوردة، مما يترك تأثيراً سلبياً على الصناعة المحلية.

هذا عن التوقعات فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، ولكن ماذا عما يحدث على أرض الواقع؟

أشرف خيري، صاحب أحد محال الملابس الجاهزة بمنطقة وسط البلد، يقول: خلال الفترة الماضية والتي احتفلنا فيها بعيد الأضحى المبارك كان الإقبال الفعلي على الشراء يتركز في المحال التي تجري تخفيضات فعلية على الأسعار خاصة محال المنتجات الجلدية والتي تنافست في هذا الشأن بحكم نهاية الموسم الصيفى وبدء الاستعداد لموسم الشتاء، أما نحن كمحال للملابس الجاهزة فقد كان الإقبال علينا محدودا ويكاد يكون ضعيفا وهذا الأمر نلمسه منذ العام الماضي نتيجة لسوء الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية العادية والتي يفضل أرباب الأسر توجيه نفقاتهم الأساسية إليها، ومع بدء استعدادنا لموسم الشتاء بدأ بعضنا في عرض بعض المنتجات والبضائع التى مازالت موجودة لدينا منذ موسم الشتاء الماضي لأن أسعارها تكاد تكون عادية حيث نتوقع ارتفاع وزيادة في أسعار الملابس الجديدة والتي سنبدأ في طرحها الفترة المقبلة بحكم تقليل حجم البضائع المستوردة من الخارج نتيجة لأزمة النقد الأجنبي وهذا بالنسبة لمن يعرضون بضائع أو ملابس مستوردة هذا بجانب ارتفاع أسعار بعض الخامات المستخدمة في الملابس المحلية وهو ما يعني ارتفاع أسعار الملابس المنتجة محليا، ومن هنا فنحن نتوقع بالفعل ركود خلال الموسم الحالي!

خزينة ملابس مجددة!

وتقول سامية صالح، موظفة بإحدى المؤسسات الحكومية، قمت بجولة على بعض المحال التي بدأت في عرض الملابس الشتوية وذلك لشراء بعض المستلزمات لي ولأسرتي ومما رأيته أستطيع القول إن هناك زيادة فعلية في الأسعار لا تقل عن 20% وبالطبع لا أستطيع أن أجد لها تفسير كالخبراء، ولكنها باتت أمرا عاديا فنحن نعاني من وضع اقتصادي صعب منذ فترة طويلة  حيث لا تنخفض أو حتى تحدد فيه الأسعار بحد معين أو بنسبة زيادة لا تتجاوزها وبالتالي فعلى كل منا أن يجد الحل المناسب له بشكل فردي، وعن نفسي قررت إعادة تجديد خزينة ملابس الشتاء الماضي ببعض القطع البسيطة لي ولأسرتي بدلا من شراء قطع كاملة جديدة حيث يعد هذا إرهاقا لميزانيتي.

خريطة زراعية

في حين يرى  الخبير الاقتصادي د.هاني وهبة رئيس المركز الاقتصادي المصري للتنمية، أن الأزمة في قطاع الملابس لا ترتبط بهذا الموسم أو بالوقت الجاري بقدر ما تعد تراكمات شهدها هذا القطاع منذ العام الماضي نتيجة لأزمات السولار والمازوت والانقطاع المستمر للكهرباء مما ترك ظلالا على ارتفاع تكاليف الإنتاج ، وبالتالي ارتفاع أسعار الملابس، ولأننا في بداية مرحلة التعافي فإن هذه الآثار لم يشفى منها هذا القطاع بعد، ويزداد الأمر سوء مع إرتفاع أسعار الخامات المستخدمة في قطاع الملابس كغزول القطن، هذا بجانب  فرض رسوم إغراق على الغزول المستورد  في نفس الوقت وهو ما يؤثر على الصناعة المحلية، بصورة تجعلنا نرى أن علاج المشكلة يتطلب تكاتفاً بين جهات عدة منها وزرات الزراعة والصناعة والتجارة الخارجية، وذلك لتحديد الخريطة الزراعية في المرحلة المقبلة والأصناف التي ينبغى التركيز على زراعتها حتى تكفي كمخصصات للإنتاج المحلي في سوق الملابس خلال الفترة المقبلة.

ويؤكد على طه، صاحب إحدى محال بيع الملابس الجاهزة بأحد المراكز التجارية على أن مسئولي المركز التجاري لم يحصلوا منه على مقابل الإيجار منذ ثلاث سنوات نتيجة للركود الذي تعانيه حركة البيع والشراء وأنهم يبقون على محاله والمحال النظيرة ربما ينجح المركز التجاري في جذب الزوار إليه فتتحرك عجلة البيع والشراء، ولكنه بشكل شخصي لا يبيع شيء منذ فترة طويلة إلا فيما ندر وهذا يكون في العادة خلال فترات الأعياد، كما أنه يضطر أحيانا لمحاولة شراء بعض قطع الملابس الجديدة حتى يواكب التغييرات والصيحات الجديدة التي تطرأ على عالم الموضة، ولكنها لا تجد سوى إقبال محدود لارتفاع أسعارها مقارنة بملابس الموسم الماضي التي يتم بيعها في فترات التخفيضات.

خطة بديلة

في حين تشير إيمان عبد المطلب، ربة منزل إلى أنها لن تقوم بشراء ملابس شتوية لها أو لأسرتها خلال هذا الفصل حيث وجدت خلال جولة لها على محال الملابس الجاهزة مؤخرا أن سعر القطعة الواحدة  من الملابس أي كانت قد ارتفع خلال هذا الموسم بما لا يقل عن 200 أو 300 جنيه، ونتيجة للوضع الاقتصادي الراهن، هذا بجانب تعاقب موسم الاستعداد لشهر رمضان والأعياد ثم دخول المدارس، ففصل الشتاء وهو ما يتطلب العديد من النفقات المادية، قررت أن تنتظر حتى وقت التخفيضات في نهاية الموسم الحالي، حتى تستطيع أن تقوم بشراء بعض القطع لها ولأسرتها بسعر معقول.

وأخيرا تشير د.ليلى البيلي عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة، إلى أن بعض الزيادات المتوقعة في الأسعار داخل سوق الملابس خلال فصل الشتاء الحالي، قد لا تتعدى الزيادات العادية المتوقعة في بداية كل فصل جديد نتيجة لارتفاع أسعار المواد الخام هذا بجانب تأثيرات الوضع الاقتصادي العام، ولكن المواطن العادي مع الهيئات الرقابية يمكنه أن يقوم بدور في هذا الشأن من خلال ترشيد إستهلاكه والامتناع عن شراء كل ما يلاحظ به شبه غير عادية فيما يتعلق بسعره أو موطن إنتاجه، ولا شك أن الجهات الرقابية تقوم بدور في هذا الشأن  ودون تهاون، ولكن على المواطن أيضا بجانب وضعه لخطة محددة للشراء والبيع حتى لا يرهق ميزانيته من جهة ولا يؤدى لارتفاع أكثر للأسعار من جهة أخرى، أن يراقب السوق ويقوم بالإبلاغ عن أي مخالفات في هذا الشأن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: مجله حواء -سمر الدسوقى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 775 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,814,518

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز