كتبت: إيمان العمري

ونحن نتحدث عن شروط المرشح لرئاسة الجمهورية، فهناك شرط قديم قدم الأزل، وضعه المصري القديم منذ آلاف السنين، وليس حديثاً كما يدعى البعض.. ما هو هذا الشرط العجيب يا ترى؟!

إنه الشرط الخاص بجنسية والدة الرئيس، فحاكم مصر لابد أن يولد من أم مصرية ترضعه حب البلاد، فيهون عليه بذل دمائه ليرفرف علم البلاد خفاقا في عنان السماء..

هذه ليست عبارات إنشائية جميلة، وإنما هي حقيقة آمن بها المصريون منذ فجر التاريخ ، ولعبت دوراً واضحاً في تاريخ البلاد..

فمنذ أيام الفراعنة العظام كان هناك شروط ليتولى الحاكم عرش البلاد ومنها شرط أن تكون والدته مصرية تجري في عروقها الدماء المصرية المباركة، ولكن حتى لو كانت الأم من النبلاء لكنها غير مصرية لا يرضى الشعب بأن يحكم ابنها البلاد حتى لو كان الابن الوحيد للملك، ووريث العرش لا يحكم طالما والدته ليست مصرية، وهنا تكون الكلمة الفاصلة هنا للشعب ولإرادته..

وهذا ليس ضرباً من ضروب الخيال، أو إحدى أساطير الماضي، ولكنها حقيقة، ومشكلة كبرى واجهت أحد ملوك الدولة الحديثة، ومسجلة على جدرن معبد الأقصر بمدينة الأقصر، فماهي قصة هذا الملك ، وكيف واجهة مشكلة جنسية الأم ؟!

                          الولادة الملكية

إنه الملك امنحوتب الثالث أحد ملوك الدولة الحديثة .... فقد كانت والدته من النبلاء لكنها غير مصرية، وهذا شئ مرفوض من الشعب، والكهنة.. فكيف يواجه الملك هذه المشكلة ؟!

بالطبع لم يلجأ إلى استخدام القوة، فنحن نتحدث عن الشعب المصري أيام الفراعنة حيث الكلمة للشعب، وعلى الحاكم أن يحصل على رضاه، وإن حاول اللجوء إلى غير ذلك سيكون من الخاسرين، وسيفقد عرشه، فموافقة الشعب الشرط الأساسي لشرعية الحكم..

فلم يكن أمام أمنحوتب سوى استرضاء الكهنة والشعب.. كان رضاء الكهنة سهل ظان يشترى أما الشعب ، فمن الصعب جدا أن يوافق على شئ عكس قناعاته ، فلم يكن أمام امنحوتب سوى الأسطورة لكسب رضاء الشعب، ومباركته لحكمه..

وبالطبع ساعد الكهنة الملك في رسم الأسطورة التي أنقذت ملكه من الضياع، ومن المعروف في ذلك العصر مكانة الأساطير الدينية، وقوة تأثيرها على حياة المصرين القدماء، وعلاقتهم بالملوك الذين كان لابد أن يحملوا الدماء الإلهية..

فصورت الأسطورة الإله أمون قد اجتمع بوالدة امنحوتب، وأمر بأن تحمل في أمنحوتب، ثم صورت الأسطورة الولادة الملكية للملك ابن إله، وهنا أصبح امنحوتب ابن مباشر للإله، وهنا لا حاجة لحديث عن جنسية الأم      وقد تم تصوير كل أحداث تلك الأسطورة على جدران حجرة الولادة الملكية في معبد الأقصر حيث يظهر الإله أمون بصورته البشرية، وهو مع والدة أمنحوتب الثالث، وصورته وهو يأمر بميلاد الملك.

 

وهكذا نجد أن فرعون مصر في أوج عصر الدولة الحديثة يستخدم كل الوسائل لإقناع الشعب بشرعية حكمه، ويسترضيه باستخدام كافة السبل ، فالكلمة للشعب ، وأي حاكم عليه أن يخضع لإرادته حتى فرعون ذاته خضع للشعب وسعى للحصول على رضائه.

المصدر: ايمان العمري
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 358 مشاهدة
نشرت فى 13 مارس 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,747,385

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز