اعتبرنى البعض "قصة نادرة" واعتبرنى البعض الآخر "نموذجا مستهدفا للنقد والمراقبة!" وآخرين آمنوا بقرارى فى اختيار الحياة التى تناسبنى , إنه قرار "الغربة", أن تعيش بمفردك, تكون حياتك, أفكارك, تنشىء مجتمعا صغيرا يحترم وحدتك بعيدا عن الأسرة.. وبين قرارى فى الدراسة والعمل بعيدا عن أسرتى، و نظرة مجتمع لا تزال تتحفظ على عيش الأنثى بمفردها, كان هذا التحقيق..
"أى فتاة قادرة على اتخاذ قرارتها والغربة لا تعنى الإهمال من قبل الأهل" هذا ما بدأت به أمال حلمى (30سنة)مهندسة, وتضيف: لى العديد من الصديقات والأقارب اللاتى قررن السفر فى محافظات القاهرة والأسكندرية للدراسة والعمل وهم نموذج مشرف للفتاة الناجحة بغض النظر عن انتقادات البعض إذا تأخر زواجهن على حساب الاستمرار فى العمل!
بينما تقول منار أحمد (25سنة) طبيبة, لقد قررت الدراسة والعمل فى القاهرة من أجل إثبات ذاتى فى مجال الطب وذلك لأن فرص التدريب والعمل أفضل ولا يعنى هذا الانقطاع الكامل عن أهلى، فمن حق أى شاب أو فتاة تقرير مصيره بالشكل الذى يرضيه, والأهم للفتاة أن تثبت للجميع أنها قادرة على الحفاظ على نفسها وتحقيق طموحها بشكل إيجابى.
صعوبات ولكن
"رغم صعوبات الغربة وانتقاد ومراقبة البعض لى إلا أننى نجحت فى تكوين ذاتى ومستقبلى" بهذه الكلمات أكدت منى الديب (27سنة) باحثة, أن الفتاة قادرة على النجاح بتوجيه وثقة الأهل بها, وأنصح أى فتاة ألا تهتم بانتقاد البعض لها مادامت على ثقة مما تفعله، وأضافت "الناس مش بتسيب حد فى حاله, فاهتمى بما تؤمنى بفعله، واثبتى نجاحك وتميزك للجميع".
وتقول سعاد السيد (45سنة)ربة منزل, أخشى على ابنتى من الغربة وقد رفضت بشدة التحاقها بكلية خارج القاهرة, وسأسمح لها بالعمل أيضا داخل البلد التى نعيش بها فقرار الغربة لا يناسب الجميع، وابنتى لا تستطيع مواجهة الحياة بمفردها, وهى فروق فردية بين فتاة وأخرى وبين أسرة وغيرها.
مجازفة
وترى رشا سامح (35 سنة ) مدرسة, أن قرار الغربة للفتاة يعد مسئولية ومجازفة، فرغم تقدم فكر المجتمع إلا أننا نعيش فى فوضى أخلاقية وقد يسىء البعض فهم الفتاة المغتربة وقد تواجه مشكلات مضاعفة إذا عاشت بمفردها وهو قرار صعب للغاية, وعلى الفتاة مراجعة نفسها حتى لا تندم يوما على خوض تجربة أكبر من توقعاتها.
متابعة لا مراقبة
ويرى سامى عبد السلام (50سنة)موظف, أن قرار الغربة مسئولية مضاعفة بالنسبة للفتاة خاصة إذا قررت الدراسة والعمل بعيدا عن أسرتها, وعلى الأسرة متابعتها بشكل أكبر وهذا لا يتعارض مع ثقتهم بابنتهم ولكن للإطمئنان عليها وحتى لا ينظر لها البعض أنها بلا "أهل يسألون عليها".. وهى نظرة مجتمعية مازلت موجودة لأى أنثى تعيش بمفردها.
"سأعطى لابنتى الحرية فى اختيار حياتها, ولن أقف أمام رغبتها فى السفر للدراسة او العمل سواء داخل مصر أو خارجها" هذا ما أكده أحمد صلاح (40سنة) أعمال حرة , فمن حق أى فتاة أن تثبت ذاتها خاصة إذا تربت على الأخلاق ومعرفة حقوقها وواجباتها, فالثقة فى الفتاة تجعلها أكثر نجاحا وتمييزا ولا يعنى ذلك ألا نتابعها أو ننساها بل العكس لابد أن تشعر أن لديها الأهل والسند مهما طالت غربتها, فلا غنى عن سؤال الأهل والاطئنان عليها من حين لآخر.
متهمة دائما
"الطالبة أو الفتاة العاملة المغتربة, أحيانا متهمة وبدون سبب!" هذا ما أشار إليه إبراهيم حمدى (50سنة), وذلك يرجع لنظرة المجتمع للفتاة التى تعيش بعيدا عن أسرتها ولابد أن نصحح هذا الفكر بل نكون سند لأى فتاة تريد إثبات ذاتها وتحقيق النجاح سواء فى الدراسة أو العمل.
أمر مطلوب
وترى الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعى, أن ما تمر به الفتاه المغتربة من أجل الدراسة أو العمل على حد سواء من اتهامات أخلاقية وانتقادات لاذعة قد تكون من الأهل أنفسهم هو من صنع النظرة الخاطئة للفتاة التى تعيش بمفردها, وفى الحقيقه أن المغتربة تركت بيتها من أجل العلم والحصول على عمل لائق بتعليمها, وهى فى أشد الحاجة إلى من يقوى من عزيمتها حتى تشعر بالفخر لما وصلت له وهذا عامل نفسى هام جدا لدعمها وضمان استمرارها فى طريق النجاح وأن نقدر خروجها للدراسة والعمل تحت ضغط الإحساس بالغربه! فمن الواجب علينا ألا نشعرها بصعوبة الأمر.
وتضيف هاجر مرعى استشارى أسرى وتربوى أن من تعمل أو تدرس فى محافظة أخرى هى "فتاة بميت راجل" فأحيانا تعمل لتربى من هم أصغر منها أو تقف بجانب والدها أو تسعى لنقل أهلها إلى مستوى أرقى أو حتى تعمل من أجل أن ترتقى وتصنع اسماً مشرفاً فى مجال عملها، ولا يصح ان نحبطها او نلقى باللوم عليها فى تقرير مصيرها، فهذا حقها، وعلى الأسرة أيضا أن تدعم بناتها المغتربات وتشعرهم بمدى فخرهم بقدرتهم على الاعتماد على أنفسهم فى مرحلة انتقالية من عمرهم ولا يجعلوا قائمه اللوائح والتهديدات هى خط سيرهم حتى يصلوا إلى النجاح.
وعلى الفتاة المغتربة أن تكون واثقة من نفسها ومن كل خطوة تخطوها من مدينة لأخرى من أجل العلم هى خطوة احترام وتقدير ولا تجعل صانعى الكلام والسفسطة حاجزاً حتى تصل إلى ما تريده، وأن تتجنب الشبهات حتى تعيش سالمة, فالخوف والقلق حاجز والتردد والتبعية حاجز والتفكير السلبى حاجز والسعى لإرضاء الناس دون مبرر حاجز للوصول لحياتنا التى نحلم بها، فارفعى كل الحواجز السابقة بأخلاقك وعلمك ونجاحك وقومى ببناء صرح الكيان الشخصى والاسم المشرف لك ولأسرتك ولقريتك أو بلدك التى رحلتى منها إلى عالم جديد.
وأخيرا.. دعونا ننظر إلى قوة المرأة فى عقلها وشخصيتها وأمومتها وبريق نجاحها الذى اكتسح كل الميادين ولا نبخل عليها بنصيحة إذا كانت طالبة ولا بدعم إذا كانت تعمل ولا بحب إذا كانت زوجة.
أميرة إسماعيل
ساحة النقاش