إكليل الزهور رسالة وفاء خاصة جدا

فاطمة الحسيني

 

المصري من قديم الزمان يضع الورود على قبر كل عزيز عليه أو  يغرس غصن شجرة أعلى القبر، حيث اعتقاده أنها تذكر المتوفى برائحة الحياة التي يأتي منها أقاربه، فكما تباع الزهور للعشاق على شاطئ النيل تباع أيضا فى القبور للتعبير عن فراق أحبابهم، ولزهور المدافن أنواع شتى تختلف طبقاً للثقافة والذوق والموسم، ولمعرفة أنواع الورود التى تشترى لزيارة المقابر كانت لنا هذه الجولة...

من بين الذين يعملون في هذا الأمر "عم جمعة" بائع زهور المقابر فى "السيدة عائشة" الذى قال إن رحلته مع المهنة توارثها عن جدوده، وأضاف أن ورد المقابر له أسماء كثيرة منها "داليا ومنطور، القرنفل، الريحان، عايق، وورد بلدى، والبنفسج، وقطيفة، وألابانزا"، كما أنه يشترى كميات كبيرة من الورود قبل العيد مباشرة من أصحاب الحدائق التي تزرع الورد بمنطقتي الحوامدية والقناطر الخيرية، ويتم شراؤها بالجملة حيث يبلغ سعر الحزمة التي تضم حوالي 300 وردة من نوع القرنفل والورد البلدي بحوالي 100 جنيه، لتباع الوردة الواحدة بعد ذلك بـ2 جنيه بالنسبة للقرنفل وجنيه للوردة البلدي، ويباع جوز الجريد بعشرة جنيهات.

وقال "عم جمعة" إن الزمن تغير فرابطة البلدى كانت تباع بـ10 جنيهات لكن الآن بـ30 جنيهًا و25 جنيهًا والبلدى بـ100 جنيه، و شراء الورد يكون حسب الزبون أى هناك من  يشتروه جريد خالص وهناك البعض يأخذ حزمتين ورد والحزمة بتكون بجنيه ونصف، وهناك من يطلب خوص من غير ورد، وعمومًا الناس الآن تشترى أكثر من الأول، وعن مواسم بيع الورد فى المقابر قال "إحنا بنبيع أكثر كل خميس وجمعة عن باقى أيام الأسبوع  لأن الزيارات بتبقى كثيرة، وفى المواسم الدينية لازم الميتين يحطولهم ورد مثل موسم نص شعبان وطلعة رجب والأعياد، أما عن أكليل الورد فالطلب عليه قليل جداً نظراً لغلو سعره لأنه بيحتوى على أكثر من 100 وردة".

ليه يا بنفسج دايماً حزين

اروق" إنها تزور قبر والدها منذ سنوات فى مدافن "باب النصر"، وفي كل مرة تأتي فيها تضع باقة من زهور البنفسج على قبره، مضيفة أنها تشتريها من الأطفال أو الشباب عند مدخل المقبرة، وتطلب البنفسج حيث ارتباطه بالحزن ولأن والدها كان يعشق هذا النوع من الزهور، وتكلفها هذه الباقة حوالى 50جنيها فقط وكانت فى البداية لم تتعد 20 جنيها .

أما "كمال  عدلى" فلا تعجبه فكرة شراء الورد من أمام باب المقبرة  إنما يفضل غرس إحدى النباتات عند القبر، حيث إنه قام بغرس صبار التين الشوكى لتحمله المياه عند قبر والدته وفي كل مرة يزور فيها القبر يقوم بتقليم الشجيرة والاعتناء بها وسقيها، كما يقوم بتنحية الأعشاب الضارة من حول القبر لأنه يفضل أن تبقى الزهور متفتحة فوق القبر طيلة أيام السنة على أن يقتصر وضع الورد على القبر في أيام الزيارة فقط .

صدقة جارية

ويشاركه فى الرأى "محمد قناوى" الذى قرر أن يزرع شجرة زيتون وريحان عند قبر ولده الوحيد وذلك لتكون صدقة جارية تستفيد منها الطيور، ويدفع مبلغا سنويا "للتربى" لكى يرعى الزرع، ويقول إن الورد بطبيعته يذبل بسرعة ويتحول لرماد مثل الموتى وهو ما يجعله حزيناً.

ما أجملها باقة الورود التى تتخللها أوراق الجريد والخوص خاصة ورد القطيفة والأبانزا هذا ما أكدت عليه "رويدا عباس " التى تحرص على زيارة زوجها فى مدافن "السادس من أكتوبر" كل جمعة منذ وفاته من 5سنوات حيث تقول إن الورد له طبيعة توحي  بالتفاؤل والراحة النفسية، وتضيف أنها لا تتردد فى شراء الورود لأن الأزهار متوفرة عند بائعى الورود الذين يفترشون مداخل المقابر وبأسعار زهيدة حيث حزمة الورد من زهرتى القطيفة والأبانزا والتى تحتوى على 12 زهرة تباع 15 جنيها.

إقبال ضعيف

الإقبال على  الأزهار وزراعة الأشجار في المدافن أصبح ثانوى والصدقة الجارية "برتقال، قرص، كولدير مياه، لحمة" هي الأساس ... من هنا بدأ كلامه الحاج "محمود الباشا " 71 سنة يعمل "تربى ومقاول بناء أحواش بمدافن الجيزة فى طريق مصر الفيوم "قائلاً إنه يعمل فى هذه المهنة منذ عام 1989 وكان فى البداية يجد إقبال زائرى المدافن على زرع أشجار"الصبار واليوكا والتين الشوكى والريحان وشجر الفيكس والبينسيانا وشجر الزيتون" فى مقابر أمواتهم ويقومون براعايتها فى البداية ثم بعد شهر أو شهرين من وفاة ذويهم يتركون الأمر للغفير يرعاه مقابل أجر شهرى 30 جنيها نظراً لما يحتاج الشجر من مياه ورعاية، أما الآن فأكثر ما يقوم به زائرى المدافن هو زراعة الصبار البلدى وسعره 10 جنيهات ولا يتطلب مياه لرعايته، وأيضاً شجر الزيتون يتحمل الصحراء وقلة المياه والجفاف ويتكلف 20 جنيها.

أما بالنسبة لوضع الورد وإكليل الزهور على مقابر الموتى فلا نرى هذه الظاهرة إلا قليلاً خاصة فى موسم "مطلع رجب، وأول شعبان" حيث يفترش مداخل المدافن باعة الورد وتباع باقة الخوص يتخللها وردتين بنصف جنيه.

 

 

 

 

 

المصدر: فاطمة الحسيني _مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1422 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,776,545

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز