على أعتاب فترة رئاسية جديدة
هل تنطلق مسيرة المرأة للأمام ؟
هل تعرف أيها الشاب الذى اعتاد معاكسة البنات والسيدات فى الشارع والأماكن العامة ما هى مشاعر الفتاة حين تمر جوار مقهى؟ هل تدرك مقدار تخوفها إذا مر بجانبها موتوسيكل؟ هل فكرت فيما يعتمل بداخلها حين تضطر للسير بالقرب من مجموعة من الشباب على إحدى النواصي؟ هل تتخيل أنها مطالبة بالتكشير والتقطيب دوما كي لا يفهم شيء ما من ابتسامتها.. من مجرد ابتسامتها التى هى حق طبيعي للإنسان؟ وأنها إذا ركبت أى وسيلة مواصلات تحتاج لإجراء تقدير موقف مبدئى عن المكان الذى ستقف فيه فتنظر إلى من يقف لجوارها: أين وكيف يحرك يديه وطبيعة نظرته للسيدات داخل الأتوبيس مثلا.
تواردت إلى ذهنى كل هذه الأسئلة عندما رأيت شابة فى مقتبل العمر لا تتعدى الخامسة والعشرون.. ترتدى إسدالا عصريا.. تمسك بيدها مسبحة وتتمتم بشفتيها بعض الأذكار والأوراد، ظلت هكذا طوال فترة وقوفها فى عربة السيدات بمترو الأنفاق، وعندما نزلت ظللت أتابعها من بعيد فقد كانت بالصدفة تسلك نفس الطريق، وبينما هى منهمكة في تلاوة أذكارها.. إذا بشابين يقتربان منها ساخرين: "ابقى ادعى لنا معاك يا ستنا الشيخة"!
لم أفهم لماذا يتطوع شابان بمعاكسة فتاة أو مضايقتها، بينما تنشغل هي –افتراضا- في أمر يبدو "دينيا"، ولا ترتدي أي ملابس لافتة للانتباه.. فهى محجبة وملابسها واسعة ولا تتلفت في سيرها.. ومع ذلك تجد نفسها هدفا لتعليقات "سخيفة".
ذيل القائمة
صدر قبل أيام تقرير لوكالة رويترز عن أوضاع النساء في البلدان العربية، واعتبر التقرير مصر في ذيل القائمة وأن أوضاع النساء فيها هي الأسوأ مطلقا مقارنة بباقي الدول، وبالطبع أثار التقرير جلبة وضجيجا ممزوجين بشعور يختلط فيه الأسى بالحزن والخجل.. وقبل ذاك التقرير صدرت تقارير أخرى من منظمات عربية ودولية لم تكن نتائجها أفضل مما وصلت إليه "رويترز"، ونحن أيضا فى مصر ما زلنا نذكر ما فجرته الشابة المصرية شيرين ثابت منذ عام تقريبا عن قضية التحرش التى تواجهها النساء في مصر.. ومن بينهن المحجبات والمنتقبات، وكان ذلك في تدوينة مطولة على موقعي تويتر وفيسبوك، لم تكن شيرين أول من تكلم ولا أكثرهن شهرة، كانت مجرد فتاة عادية جدا، إلى حد اللحظة التي قررت فيها توثيق أنماط التحرش التي تتعرض لها الفتيات، وكان الأمر صادما للكثيرين، ففي واحدة من تغريدات شيرين قالت : هل تعلم أنه بعد عملية التحرش بتفضل البنت متوترة وأطرافها ساقعة وفاقدة القدرة على الكلام لمدة تعتمد على طريقة التحرش؟" ثم أضافت شروحا وتفاصيل ليس من اللائق نشرها.
وتم تداول تلك التدوينة آلاف المرات بين جمهور فيسبوك، وتلقفتها المواقع الإليكترونية على الشبكة العنكبوتية، وربما تجرأت الكثيرات بعد التدوين الصادم الذى كتبته شيرين على كتابة التجارب الذاتية مع التحرش بالنساء وسوء معاملتهن في مصر.
جحيم النساء
فهل تعتبر مصر جحيم النساء فعلا في الشرق الأوسط؟ وهل يمارس ضدهن كل هذا التحرش وكل هذا الإقصاء وكل هذا التهميش؟ البعض اعتبر التقرير مبالغا فيه أو غير دقيق أو معيبا من الناحية العلمية في طريقة إجرائه، رغم صحة الأسباب التي برر بها وصوله لهذه النتيجة "مصر أسوأ دولة عربية بالنسبة لأوضاع النساء"، فعلى سبيل المثال جاءت العينة التي تم سؤالها عن أحوال النساء في مصر- رغم اتساع قاعدة هذه العينة- غير ممثلة تمثيلا موضوعيا عن كل فئات المرأة ، كما أن آراءها كانت مبنية على انطباعات ووجهات نظر.. ولذا يعد ما جاء بها مؤشرا قويا لكنه ليس مقياسا علميا جازما، ومن ناحية أخرى فإن الهجوم الذي قوبل به التقرير جاء على افتراض أنه - بالنسبة للبعض - "يسيء لسمعة مصر!"..بغض النظر عن كونه واقعيا، فقد يكون وضع النساء في مصر أفضل من دول عربية أخرى..وقد يكون أسوأ.. لكن المؤكد أن وضعهن مؤسف بغض النظر عن أي ترتيب، وحتى لو كانت أوضاع المصرية أفضل من نظيرتها في دول أخرى عربية، فإن علينا أن نكون "جشعات" فيما يتعلق بحقوقنا، لأن البحوث والدراسات العلمية تؤكد أنه كلما تدنى سقف الحريات تراجعت الديمقراطية وأن المرأة هى التى تدفع ثمنا مضاعفا للاثنين معا، أرجو أن نتخطى كل العقبات والسلبيات التى تواجه نجاح ومسيرة المرأة المصرية خاصة ونحن على أعتاب فترة رئاسية جديدة كان حظ المرأة فيها من الوعود وافرا.
<!--
مانشيت
تؤكد الدراسات العلمية أنه كلما تدنى سقف الحريات تراجعت الديمقراطية، والمرأة هى التى تدفع ثمنا مضاعفا للاثنين معا
<!--
ساحة النقاش