أصبح أمر الألفاظ البذيئة والقبيحة والإباحية الوقحة والمصحوبة بحركة أكثر بذاءة وقبحا وإباحية خارج السيطرة، فهي على ألسنة وفي حركة الكثير من المصريين، الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء على حد سواء، ولم يعد الأمر قصرا على منطقة دون أخرى، أو شريحة اجتماعية دون أخرى، وأن هذه الألفاظ والحركات المصاحبة لها وصل أمرها إلى الجلسات والمناقشات الخاصة والعامة في الشارع والأماكن العامة وحتى في البيت وأماكن العمل والدرس، وذلك يجري في الوقت الذي ينشغل فيه الجميع عن ملاحظة ودارسة ظاهرة تعمل كالوباء في أخلاق المصريين بل إن أحدا لا يحرك ساكنا لوقف أسبابها والحد من تأثيرها على المجتمع.
من ضمن الأسباب القوية وراء هذا الانتشار الواسع لتلك الألفاظ والحركات موجة الأفلام التي تسيطر على الساحة منذ سنوات، وقد تطور أمر قباحة الألفاظ فيها إلى درجة السب بالأب والأم والقذف بالإيحاءات والحركات الجنسية والإعلان المباشر عن الشهوات والخيانات، وتتداخل الألفاظ والحركات سواء باليد أو الرأس أو أجزاء أخرى من الجسم تداخلا فظا غليظا، ولنراجع أفلام عيد الأضحى المبارك الماضي لنرى كأن الأمر ممنهجا ومدروسا لتخريب وتدمير المجتمع بما لا يسمح له التنبه والوعي بالأخطار المحدقة به داخليا وخارجيا من إرهاب أسود وتطرف قاتل.
ويدخل ضمن الأسباب برامج التوك شو التى لا يحكمها ضابط مهنى أو أخلاقى ولا لغوى، يتحدث مقدموها كما يتحدث رواد المقاهى من الدهماء والعامة، حتى عند مناقشتهم لقضايا اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية محورية يتوعدون هذا ويهددون هذا ويحرضون على هذا ويطعنون في هذا وينافقون هذا، وقد تحولت برامجهم إلى "سبوبة" لا تراعى وطنا ولا مواطنين ولا ظروف صعبة تطحن الجميع، وكل ذلك فى إطار لغة سفيهة وأحاديث بالغة الجهل.
أيضا ضمن الأسباب تراجع حضور الشخصيات التي يمكن أن تكون قدوة ومثلا كريما في الوطنية والعلم والأخلاق والأدب بل انسحابها احتراما لذواتها، وحضور شخصيات مقيتة ملوثة بالانحطاط والنفاق لتتصدر المشهد وتلوثه أكثر وأكثر بحثا عن مكاسب رخيصة.
ولا يبتعد الوضع الاقتصادى للأسرة المصرية عن تلك الأسباب، فالأسرة ترزح تحت ضغوط لا تجعلها قادرة على الالتفات إلى أخلاقها ولا أخلاق أبنائها، فعندما تكون مطارة بالبحث عن لقمة العيش واللهاث حفاظا على الحد الأدنى من الحياة الكريمة ومقاومة الابتزاز والاستغلال والاستنزاف الذي يمارسه التجار والمدرسين والأطباء وهلم جرا، فليس أمامها إلا الاستسلام للأوبئة الأخلاقية التي تجتاح الجميع.. وهنا نتحدث عن أسرة تملك العمل، فما بالنا بأسر لا تملك العمل وليس لديها ما يكفل لها الحياة من أصله، كيف ستكون الأخلاق والألفاظ والحركات وما شابه، بالتأكيد فقدان تام للتوازن.
يعلم الله أننا أمام وباء خطر، أعتقد أن أحدا لا ينجو من أثره، لا كبيرا ولا صغيرا، فهل منا، رجل أو امرأة، شاب أو فتاة، من لم يتعرض للفظ قبيح أو منحط أو سافل أو إباحي، ومما يؤسف له أن نصيب النساء والفتيات أكبر، وتأثيره على نفسياتهن أضعاف مضاعفة تأثيره على الرجال والشباب، لذا ينبغى التحرك سريعا باتجاه وجود حلول تبدأ من التعليم والثقافة والإعلام والصحافة ورقابة قوية في الشوارع وقوانين رادعة.
المصدر: محمد الحمامصي
نشرت فى 26 أكتوبر 2014
بواسطة hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
22,815,449
الصور المختارة
مقالات مختارة
رئيس مجلس الإدارة:
عمر أحمد سامى
رئيسة التحرير:
سمر الدسوقي
الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز
ساحة النقاش