الفنان المبدع محمد صبرى .. نجم من نجوم الفن التشكيلى المصرى الذى ساهم فى بناء جسر لتلاقى وتواصل الحضارات بين الشرق والغرب .. فى أول بعثة ثقافية أرسلها طه حسين لتكون بين مصر وإسبانيا..فمنحته إسبانيا وسام الاستحقاق بدرجة فارس وهو من أرفع الأوسمة..كما قدمته دائرة المعارف الإسبانية فى طبعتها عام 1978 وقال عنه رئيس أكاديمية سان فرناندو بمدريد:"الفنان محمد صبرى قدم بلوحاته أنبل مارسم من المناظر الإسبانية التى رسمت بنظرة متعمقة".. وهو من أهم فنانى الباستيل فى هذا الوقت, ولهذا اختير عضوا دائما فى الأكاديمية الملكية الإسبانية بمدريد منذ عام 1967..هذا الفنان المصرى الذى قدمته الموسوعة البريطانية الأشهر"من هو؟" كأحد أهم الفنانين المعاصرين وقد منحته مصر وسام العلوم والفنون وأيضا جائزة الدولة التقديرية.
قدم محمد صبرى "العلامة الثانية فى فن الباستيل بعد أستاذه أحمد صبرى"..بلوحاته وفنه قصة الحضارة المصرية على ضفاف النيل من الأقصر وأسوان إلى قاهرة المعز.. كما جسد الحس الاجتماعى ونبض الشارع من حياة الفلاح المصرى إلى الريفيات صانعات الحياة..كفراشات ينطلقنللعمل مع خيوط الفجر وإشراقة الشمس..كما جسد المرأة وانفعالاتها فى صور شخصية إلى جانب صورها فى الحياة الشعبية التى أبدعها بفنه..ونقل صور الحياة والمناظر والمعالم الإسبانية إلى الآثار العربية الإسلامية التى امتدت حضارتها بقوة لأكثر من سبعة قرون, وأيضا سجل بفنه معالم من المغرب العربى من مناظر ووجوه بشرية بالملابس التراثية مع العمارة العربية.
ولد الفنان صبرى فى نهاية شهر ديسمبر من عام 1917, وهو أول فنان مصرى يعرض فنه فى إسبانيا, قدم أول معرض له وهو فى العاشرة من عمره فكان نبوغه الفنى والدراسى متقدما ليلتحق بالمدرسة العليا بالفنون التطبيقية ويتخرج منها الأول على دفعته عام 1937, والتحق بعد ذلك بداية الأربعينات للدراسة بالقسم الحر بالفنون الجميلة ليكون الأول على الدفعة الأولى,وقدم بعدها معرضين للوحاته, وكان معرضه الذى أقيم فى عام 1950 وضم أعماله منذ بدايتهالتى تنتمى إلى الواقعية التعبيرية والتأثيرية بالوان الباستيل مما أثار اهتمام كبار نقاد الفن, وقد وصل صدى المعرض إلى مسامع الدكتورطه حسين عميد الأدب العربى ووزير المعارف فى ذلك الوقت, فضمه إلى أول بعثة للمعهد المصرى للدراسات الإسلامية بمدريد الذى أنشأه ليكون جسرا ثقافيا بين مصر وإسبانيا ليعيد مسيرةالحضارة العربية هناك, وأصدر قراره ليكون ضمن الوفد الذى ضم أوائل الكليات المصرية كأعضاء بالمعهد.
ويعود إلى مصر من جديد ليقدم فنه الجميل الذى ينبض بالماضى وأسرار التاريخ من الجوامع والمساجد:الأزهر والأقمر والمسجد الأزرق مع حركة البشر مسجلا أصداء الحضارة وبصمات التاريخ, كما سجل قوة وإصرار المقاومة الشعبية فى مصر لمواجهة العدوان الثلاثى على منطقة القناة وبوررسعيد فى لوحة صرحية عام 1956, كما سجلت ريشته خطاب السلام الذى ألقاه الرئيس جمال عبد الناصر فى كلمته فى مقر الأمم المتحدة أمام رؤساء العالم عام 1961, وأيضا تألقت لوحته الصرحية لاجتماع رؤساء وملوك الأمة العربية بالقاهرة من أجل القضية الفلسطينية التى رأسها الزعيم عبد الناصر..وجاءت لوحته عن ملحمة 6 أكتوبر وأسطورة الجيش المصرى والعبور العظيم.. والتى قالت عنها د. نعمات فؤاد: إننا معا بانتصارنا هذا جيشا وشعبا والفن الذى سجل هذا الانتصار.
تحية تقدير وعرفان للفنان والأستاذ الذى علم الأجيال ومازال يمتعنا بفنه الجميل فى عيد ميلاده المائة.
ساحة النقاش