أحداث يوم 2 فبراير 2011 ما زالت حية فى ذاكرتى، فلم يكن يوما عاديا فى حياتى ولا فى تاريخ بلدى، كنت فى فترة نقاهة من نوبة إنفلونزا حادة ألزمتنى الفراش عندما اندلعت الاحتجاجات فى الخامس والعشرين من يناير، واضطررت لمتابعة الأحداث على الشاشة الفضية وقلبى يكاد ينخلع من شدة القلق، فالفضول الصحفي لا تعطله الأمراض، ثم أنى كنت من المعارضين بشدة للنظام، أنتقد سياسات رجاله فى مقالى الأسبوعى بمجلة روز اليوسف «فضفضة »، وفى لقاءات الكُتاب بالرئيس هل حانت اللحظة الحاسمة وانتفض الشعب ثائرا.

تمنيت أن تنجح الثورة وما أن تحسنت صحتى حتى قررت الذهاب إلى حيث تدور المعركة فى ميدان التحرير، حاول زوجى أن يثنينى عن الخروج، ولكنى ادعيت أننى سأزور أختى، وبالفعل ذهبت إلى بيتها واصطحبت ابنتها الكبرى إلى الميدان، وبينما يتابع زوجى ما يجرى على شاشة التليفزيون رآنى وسط المتظاهرين.

ثم رن جرس التليفون فى بيتى وسمع زوجى شخصا يتحدث باللغة الإنجليزية هو جون رالستون سول رئيس منظمة القلم الدولية، سأله أين إقبال؟ أجاب زوجى: فى ميدان التحرير، قال بول: ما يحدث الآن فى ميدان التحرير خطير جدا، قال زوجى: أعرف ولكنى لم أستطع منعها من الذهاب إلى هناك.

سرنا على الأقدام من حى العجوزة إلى كوبرى قصر النيل وعندما وصلت تلقانى الشباب بترحيب كبير، كانوا مصطفين فى صفين يستقبلون القادمين إلى الميدان بهتاف منغم “أها أها بالثوار.. أها أها بالأحرار”، وصافحنى أحدهم ثم سار بى وسط الحشود حتى وصلنا إلى “المنصة” حيث سلمنى شخص آخر الميكرفون وطلب منى إلقاء خطبة، بعد أن انتهيت من الخطبة سمعت هاتفى الخلوى يرن ووجدت مستر سول على الخط يسألنى بقلق شديد: هل أنت بخير؟ ألم يحدث لك مكروه؟ أجبته ضاحكة: لا, كل شىء على ما يرام، لا تقلق الجميع بخير.

 

لم يكن من عادة رئيس المنظمة الدولية أن يهاتفنى، ولكن ما رآه على الشاشة فى بلده بكندا أقلقه بشدة، ورأى أن من واجبه أن يطمئن على المصرية رئيسة لجنة القلم للكاتبات، كانت الأحداث قد تطورت بشكل مفاجئ بعد أن ألقى الرئيس الأسبق خطابا أعلن فيه أنه لن يتنحى عن الحكم، وأنه يفتخر بما أنجزه للبلاد، وبينما كنت ألقى بخطبتى بالقرب  من الجامعة الأمريكية كانت معارك دامية تدور فى الطرف الآخر من الميدان تحت تمثال الشهيد عبد المنعم رياض، سرت بضع خطوات فرأيت بعض الناس يقذفون المتظاهرين فى الميدان بالحجارة من فوق كوبرى 6 أكتوبر، وشاهدت مجموعة من النسوة الفقيرات يجمعن الحجارة من الأرض أمام المتحف المصري، جذبنى من ذراعى شاب لا أعرفه وأصر على أن أغادر الميدان من ناحية كوبرى قصر النيل مؤكدا أن الوضع خطير جدا، وقد أتعرض للإصابة بواحدة من الحجارة التى يلقيها أنصار مبارك, صحبنى الشاب عبر كوبرى قصر النيل حتى وجدت سيارة أجرة أمام بوابة المعرض وعدت بها إلى البيت، وفى ميدان مصطفى محمود القريب من بيتى رأيت مظاهرة من المؤيدين لمبارك الذين خرجوا لإعلان تعاطفهم معه، وكان بينهم بعض الفنانين والإعلاميين ولاعبي كرة القدم.

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 594 مشاهدة
نشرت فى 31 يناير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,817,038

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز