تابعنا فى الأسبوع الماضى الزيارة الناجحة لإثيوبيا التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى وعاد يبشرنا بآمال كبيرة فى العلاقة بين البلدين, وبحلول نهائية للأزمة الطارئة التى بدأت على إثر شروعهم فى بناء "سد النهضة", و قد شاء حظى أن أزور إثيوبيا وأتجول فى بعض مدنها العريقة بعد شهور قليلة من اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ، بدعوة من اتحاد الكتاب الإثيوبيين لحضور احتفالاته بمرور خمسين عاما على تأسيس الاتحاد, ولأنى أعتز كثيرا بعلاقاتى بالكتاب الأفارقة فقد لبيت دعوة "السمراء"، كما تلقب فى التوراة بكل سرور, وإثيوبيا واحدة من أعرق الحضارات فى العالم، ومن أقدم الدول الأفريقية بل والعالم، ففي عام 1000 قبل الميلاد استقر شعب سبأ وشمال اليمن في إريتريا والمرتفعات، حيث التقي الملك سليمان والملكة بلقيس ملكة سبأ وأنجبا "منليك الأول"، وانتشرت المسيحية فيها بين عام 325 ـ 350م, ودخلها الإسلام عام 600 م, وفي عام 1889 قام الإمبراطور (منليك الحادي عشر) بتأسيس أديس أبابا عاصمة لإمبراطوريته, ونحن المصريون لدينا سببان مهمان للإعتزاز بالشعب الإثيوبى أولهما الامتنان لملكهم النجاشى لإكرامه المسلمين الأوائل وحمايتهم بعد فرارهم من مكة، كما نعتز بصلة الود التى تربط بين مسيحيي البلدين الذين اتبعوا حتى عام 1974كنيسة واحدة هى الكنيسة القبطية المصرية.

وفى أديس أبابا لقيت ترحيبا كبيرا من كل من التقيت من الكتاب وعلى رأسهم السيد جيتاشيو بيليت رئيس اتحاد الكتاب الإثيوبى, الذى استقبلنى بصالة كبار الزوار بالمطار ومعه عبد الفتاح عبدالله مدير عام الجهة المنظمة للمؤتمر, وبناء على دعوة من السيد جيتاشيو بيليت، وفى قاعة كبيرة بمبنى "نيلسون مانديلا" بجامعة أديس أبابا ألقيت محاضرة طويلة عن الثورة  المصرية أسبابها ودوافعها، ثم توالت الأسئلة التى أفصحت عن اهتمام بالغ بمصر وثورتها وشعبها وشبابها العظيم الذى قام بثورة سلمية مستخدما التقنية العصرية لأول مرة فى التاريخ، ولم تكن مؤامرات الإخوان قد اتضحت بعد.

لقد كان التعالى وإهمال العلاقة بهذه الدولة المهمة خطأ كبير من النظامين السابقين، أما هم فكانوا يتابعون كل ما يجرى فى مصر باهتمام شديد، وقد أهدانى الشاعر أفورك بيكيلى قصيدة كتبها عن نجيب محفوظ عنوانها "It Takes a Century to make a mountain of A Man" ألقاها فى ندوة أقامها اتحاد الكتاب الإثيوبى بعد وفاة كاتبنا الكبير.

وبينما نحن فى قارب يتهادى فوق سطح بحيرة تانا التى ينبع منها النيل, رحت أتأمل عظمة وشساعة البحيرة والهضبة التى ينبع منها  النيل الأزرق الذى يهبنا 70% من  فيضان  نيل مصر، وشعرت بعمق العلاقات بين بلدينا وبحتمية التواصل والتعاون بين شعبينا, لقد شاءت الأقدار أن يرتبط مصير مصر بالجنوب، بأفريقيا حيث الجذور الأولى للشعب المصرى, إن الشعب الإثيوبى يعانى من مشاكل لا حصر لها، ومن حقه أن يستفيد من الكنز الذى يمر بأراضيه، فنقدم كل ما نستطيع لمعاونة هذا الشعب الشقيق، ولا أشك فى أن الدبلوماسية الهادئة للرئيس لسيسى سوف تنجح فى رأب الصدع  الذى أصاب علاقة مصر بإثيوبيا نتيجة للأخطاء الفادحة فى سياسات النظامين السابقين .

المصدر: بقلم : إقبال بركة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 492 مشاهدة
نشرت فى 14 فبراير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,064,441

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز