لم تكن المرة الأولى التى تخبرنى بها إحدى صديقاتى بمعاناتها مع زوجها «الشهم مع الأخريات » بينما يتناسى هذا الدور معها، وتصارحنى أخرى بمفاجأتها الكبرى عندما تحدث زماء وزميات زوجها عن شهامته وتطوعه لخدمتهم من باب اللطف والذوق العام! وهنا تبادر إلى ذهنى العديد من الأسئلة لماذا يكون زوجى خدوما ومعطاء مع الأخريات بينما أكون أنا خارج القاعدة؟ وكيف على الزوجة أن تتعامل مع هذا النوع من الأزواج؟
فى البداية تقول نادية محمد، أخصائية اجتماعية: جذبنى فى زوجى شهامته ورقته فى التعامل، لكننى لمأعلم أن الحال سيتبدل بعد الزواج، فقد لاحظت مساعدته للأخريات دون الاهتمام بى,ولأننا فى جهة عمل واحدة ألاحظ ذلك لكننى لا أرى له مبررا،وعندما أتحدث معه يخبرنى أنه يتعامل مع الجميع بنفس الطريقة وأن شعورى مجرد غيرة ليس أكثر.
وتقول مى عبد المنعم ، موظفة:اعتدت على مبادرات زوجى لمساعدة الآخرين دون الاهتمام باحتياجاتى ، وأرى أن ذلك خطئى من البداية, فقد تحملت إدراة شئون المنزل دون أن أشعره بشيء, لذا أنصح الزوجات أن يشركن أزواجهن فى مسئوليات المنزل.
وتوافقها الرأى جيهان على، ربة منزل وتقول: يعتمد زوجى علي فى تدبير معيشتنا وأحيانا كثيرة أحتاج إلى مساعدته لتوصيل الأطفال أو قضاء بعض المهام فيتعذر بضيق الوقت أو عدم قدرته الصحية على ذلك, بينما إذا كانت جارتنا أو أحد أقاربنا فى مأزق سارع إليهم من باب "الشهامة" وكأنها أمر مقتصر على الغرباء فقط.
ويرى محمد السيد ، محاسب أن شهامة الرجلمع الأخريات ليست عيبا أو إدانه له بل أمر لابد وأن تشكره عليه زوجته قبل الآخرين لأنه يفعل ذلك من باب الذوق والمجاملة ليس أكثر وهذا لا يعنى أن تكون زوجته خارج هذا الإطار لكن طبيعة الحياة الزوجية مختلفة لأنها تفرض على كل طرف مسئولية وقوة تحمل مختلفة عن الآخر, وهناك زوجات يرين الأمور بشكل مختلف وأن أزواجهن متعاونون مع الجميع ماعدها لكن هذا أمر غير صحيح.
ويتفق معه فى الرأى أحمد الفار، مهندس ويقول: الرجل المصرى بطبعه شهم خاصة إذا طلبت منه المساعدة, ولا يعنى ذلك أن يكون شهما مع الآخرين ناسيا حق زوجته وأسرته عليه, ولا يعتبر الأمر واجبا والتزاما بل يفعله بحب ورضا كما يفعله مع الآخرين.
فرصة لإثباب أنه الأفضل
تعلق د. هند فؤاد، مدرسة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائيةعلى الآراء السابقة وتقول: إن الرجل الشرقى بطبعه يريد أن يثبت أنه الأفضل دائما سواء فى العمل أو المنزل,وتظهر شهامته بشكل أكبر مع الأخريات لدرجة قد تستغرب لها أسرتهأو زوجته تحديدا لأنه نفس الشخص الذى تشتكى من سلبيته وعدم تعاونه معها,ويرجع ذلك إلى تحمل الزوجة المسئولية دون طلب المساعدة منهما يدفعه لعدم التفكير فى تقديم يد العون لها، لذا أنصح الزوجات بمشاركةأزواجهن أعباء الأسرة وألا تستغنى أبدا عن خدماته.
وتتابعت: يميل الرجل الشرقى دائما لإظهار شجاعته وشهامته أمام الأنثى من باب إثبات الذات ليس أكثر, ويرجع ذلك إلى طبيعة شخصية الزوجة المسيطرة أحيانا أو أنه غير متحمل للمسئولية،وتكون شهامته موقف عابر وبالتالى يفضل الرجل أن يظهرها خارج إطار أسرته بحثا عن كلمة تقديرأو شكر وهو ما يفتقر إليه الأزواج، وأنصح الشباب المقبلين على الزواج أن يعتادوا تقدير ما يفعله الآخر منأجل الأسرة.
لفت الانتباه
يقول د. محمد حامد، أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة حلوان:قد تكون مساعدة الزوج للآخرين محاولة للفت الانتباه وإثارةإعجابهم، أو حب الظهوروسماع كلمات المدح والثناء خاصة من الأخريات بينما تنسى الزوجات الكلمات الطيبة لزوجها حتى يستمر فى مساعدتها، فكلمة "شكرا وتسلم إيديك" لها وقع السحر على الرجل,حيث يشعرون بمحبةوتقدير الزوجة له، وهناك زوجات يرفضن هذه الكلمات الطيبة البسيطة من منطلق أنهما متشاركان فى المسئولية ما يجعل الرجل يبحث عن التقدير من الأخريات، لافتا إلى إمكانية تغيير هذه الطباع إذا وضع الرجل تحت ضغط ومسئولية غير معتادة مثل سفر الزوجة أو مرضها وقد يفعل ذلك فى أحيان أخرى تطوعا منه, وهنا تنتهز الزوجة هذه الفرصة وتجعله شريكاأساسيا تلجأ إليه دوما.
لا تنتقدى زوجك
ترى هاجر مرعى ، أخصائية الإرشاد الأسرى والتربوى والصحة النفسية أن هناك رجالا متزنةتتعامل بنفس الطريقة داخل وخارج أسرتها ولكن لكل قاعدة شواذ, فهناك نوعية تثبت شهامتها ومساعداتها خارج أسرتها، وتقول: يرجع ذلك إلى العديد من الأسباب ويأتى فى مقدمتها أن الرجال بطبعهم محبين لذاتهم وللمظهر الاجتماعى بل وشديدى الاهتمام بنظرة الآخرين لهم, لذا يهتم الرجل بالوقوف بجانب الآخرين ومساعدتهم لأن ذلك يجعله محبوب بشكل أكبر، إلى جانب دور النشأة فى تربيته على أنه شخص مميز دائما وعلى أسرته احترام وتقديس هذا التمييز الذى يظل يطلبه طوال عمره،وقد يكون شخصا مدللااعتاد خدمة الآخرين له فلا يتشارك مع زوجتهالمسئولية, وأذكر هنا زوجات تحملن المسئولية بطريقة جعلت الزوج يشعر ألا قيمة له داخل منزله وبالتالى يبحث عن إثبات كيانه فى الخارج,كما أن هناك بعض الزوجات اللاتى يشتكين من أزواجهن وسلبيتهم وأخطائهم المتكررة,وهنا يحاول الزوج أن يظهر عكس ما تقوله زوجته عنه بتقديم المساعدة للآخرين وعدم الالتفات لها، لذا أنصح الزوجة أن تبدأ بالتدرج فى إشراك زوجها بالمهام الأسرية وعدم اليأس من تكرار المحاولة وأن تبتعد عن انتقاده المستمر بل تعزز من قيمته وخاصة أمام الآخرين، وأخيرا أن تكون لديهم أهداف مشتركة لتنفيذها.
ساحة النقاش