الزواج من أسمى العلاقات التى تحكمها المودة والألفة والرحمة المتبادلة، لكن بعض الخلافات قد تشوب تلك العلاقة، ومع مرور الأيام وتراكم المواقف السيئة بين الزوجين قد يتصاعد الخلاف إلى تبادل الكلمات الجارحة لتكتب نهاية أسرة وتشتت أبناء، فكيف يمكن تفادى الوصول إلى هذه النهاية؟
يعد فيلم «سهر الليالي » من أنجح الأفام الاجتماعية المصرية التى تم إنتاجها فى بداية القرن الواحد والعشرين من نوعية «الماستر سينز » أو اللقطات الفاصلة التى تبدأ بها معاناة القصة وفقا لآراء كثير من النقاد والروائيين، حيث تبدأ تلك النوعية من الأفلام بث اثة شجارات بين الأزواج يقال خلالها ما لا يجب أن يقال بين الزوج وزوجته لتكون بمثابة الشرارة للانفصال بينهما، وقد أثبت الواقع المعاش أن بعض الخلافات الأسرية قد تتحول إلى معركة من الكلمات القاتلة التى يستحيل بعدها العشرة، أو على أقل تقدير تنهى حواجز الألفة بين الطرفين، وهذا ما اعترفت به سهام محمد التى انفصلت عن زوجها بسبب خلاف عابر على موعد خروجها من المنزل، لكن الأمور تصاعدت كالنار فى الهشيم وفجأة عيّرتُه بأمه السيدة الكفيفة صاحبة المظهر البسيط وانتهى الأمر بالطلاق. أما أمل فتذكر أنها انفصلت عن زوجها بسبب فقدانه أحد أزرار قميصه والذى نشب على إثره خلاف كبير تصاعد إلى السب والتطاول بالأيدى، ورغم ذلك إلا أنها تنازلت عن حقها إعاء لمصلحة أبنائها وحفاظا على أسرتها، لكنها لم تستطع نسيان ما بدر من زوجها فى ذلك اليوم، وما زالت تشعر بالانكسار وضياع الكرامة.
وتقول ندى محمود: تعودت ألا ألوم زوجى على ما يفعله وكنت دائما المضحية بكرامتها الصابرة على الإيذاء والإهانة، لكن فى خلافنا الأخير لم أستطع تمالك نفسى وانفجرت فيه وذكرته بكل إساءاته لى خال سنوات زواجنا، وحاليا أعيش فى بيت أهلى أنتظر الطلاق.
ويحكى حسن إبراهيم قصة انفصاله عن زوجته قائلا: بعد زواجى بعام واحد اكتشف عدم قدرة زوجتى على الإنجاب، ولأننى أحبها آثرت الاستمرار معها على الأولاد، حتى جاء اليوم الموعود وبينما نجلس سويا نتبادل الحديث قلت لها إننى أكثر زوج صابر فى الدنيا، فانفجرت فى وجهى بالبكاء والصراخ وتبادلنا الكلام الجارح، بعدها أصرت على الانفصال وبالفعل رفعت قضية خلع وانفصلنا.
السبب العلمي
أرجع محمد عثمان، أخصائى التعديل السلوكى والاستشارات الاجتماعية، تصاعد خلافاتنا إلى تبادل الكلمات الجارحة التى تتسبب فى الانفصال فى حالات كثير إلى عدة أسباب منها .. أن يكون الشخص حادا فى أسلوب تفكيره بمعنى أنه يعتقد أنك إن لم تكن معه فأنت ضده، والخلاف معناه العداوة وهو ما ينتج عنه ما يعرف لدى العامة بـ «الفُجر فى الخصام »، أو الغضب الشديد الذى لا يمكن للإنسان أن يتمالك نفسه خلاله وهو نوع غير صحي، ويوضح أنواع الغضب قائلا: ينقسم الغضب إلى عدة أنواع: الغضب الصحي.. حيث نعترف خلاله أمام أنفسنا بالغضب ونختار أن نعبر عنه بطرق تراعى مشاعرنا والآخرين، وهناك الغضب الجامح «الثورة » وهذا النوع لا يبذل صاحبه مجهوداً على الإطلاق للتحكم فى غضبه حتى ينتهى به الأمر بجرح نفسه وإهانة الآخرين، أما الغضب المكبوت فعادة ما يظهر فى صورة مشاعر سلبية ومن الممكن أن يتحول إلى اكتئاب أو أمراض عضوية، بينما يتمثل النوع الرابع من الغضب فى سلوكيات من العنف السلبى لا يعترف صاحبها بها بوضوح، ولكنه ينتقم ممن أغضبه بطرق خبيثة ومن وراء الستار ويسمى بالغضب السلبى.
الخلاف الصحى
وترى د. إيمان إبراهيم، أخصائية علم النفس والتوجيه، أن تخزين الاستياءات والإهانات التى تتلقاها الزوجة من زوجها أكثر أسباب انتشار تصاعد الخلافات الزوجية وتبادل الكلمات التى تؤدى فى النهاية إلى الانفصال، حيث تتغاضى الزوجة عن بعض المواقف بحجة أنها لا تستعدى المواجهة بينها وزوجها أو التصعيد، لكن مع الوقت يتحول مجمل ما خزنته المرأة من إساءات إلى قنبلة موقوتة.
وتقدم د. إيمان بعض النصائح لتجنب الكلمات الجارحة قائلا: على الزوجين تجنب الحدة فى التفكير فالخلاف لا يلغى أبدا المشاعر الطيبة، والتحكم فى غضبهما والتعبير عنه بشكل صحي ضرورة، إلى جانب مناقشة الاستياءات والمضايقات مع الشريك أولا بأول دون مواجهات قاتلة مع الحرص على اختيار الوقت المناسب لذلك، بالإضافة إلى أهمية الإنصات للطرف المتضرر وعدم الاستهانة بكلامه.
***
أبرز المشكلات الزوجية وحلولها
- عدم تقديم المساعدة فى الأعمال المنزلية: تبدلت الظروف واختلف توزيع المسئوليات وصار من الضرورى توزيعها بين الزوجين، وهو ما يعد أحد الأسباب الرئيسية للخلافات الزوجية.
الحل: المشاركة بين الزوجين فى الأعمال والمسئوليات المنزلية تقطع الطريق أمام العديد من الخلافات.
- إهمال الزوجة لمظهرها: بعد مرور وقت على الزواج تفقد الزوجة الحافز الذى يدفعها إلى الاهتمام بشكلها، إلى جانب إرهاقها الناتج عن واجباتها المنزلية، وصعوبة استعادة رشاقتها بعد إنجاب الأطفال.
الحل: ممارسة الزوجين للرياضة معا، وعلى الزوج أن ينظر لنفسه فى المرآة قبل أن يعلّق على مظهر زوجته ليتأكد ما إذا كان يهتم بمظهره بالشكل المناسب أم لا.
- عدم الاستعداد لإنجاب: يعد اتخاذ قرار الإنجاب قضية جوهرية فى الحياة الزوجية، بل المسألة الأكثر أهمية للزوجين، لكن يبقى تأجيله من الأسباب الرئيسية للتوتر والخلافات بين الزوجين.
الحل: إذا كان الزوجان يؤجلان مسألة الإنجاب، يجب أن يقوما أبرز المشكلات الزوجية وحلولها ببعض الحسابات، لمعرفة سنهما عند تخرج أبنائهما فى الجامعة.
- الاختلاف فى طرق التربية بين الأم والأب، فوجود الأولاد نفسه يؤدى إلى تغيّرات كبرى فى الحياة الزوجية.
الحل: من المهم أن تعرفا أنه يكفى أن تحبا أولادكما حتى تجرى الأمور جيداً فى العائلة ككل.
- وجود الأهل: قد تزيد الخلافات بين الزوجين مع زيارات الأهل المتكررة أو تواجد أحدهما بصفة مستمرة فى المنزل.
الحل: على الزوج قبل أن يتشاجر مع زوجته بسبب قدوم والدتها أن يتذكر زيارة والدته له، فليحترم عائلتها حتى تحترم عائلته.
- الضغط الاقتصادى من الأسباب الشائعة فى الخلافات الزوجية وعادة ما يكون سببه المتطلبات الكثيرة للعائلة من الأقساط المدرسية إلى مصاريف العائلة والواجبات الاجتماعية.
الحل: الشفافية هى الحل الأمثل لإزالة التوتر الذى قد ينتج عن هذا النوع من الضغوط. والأفضل هو التحدث عن الضائقة الاقتصادية مع الشريك لتكون الأمور واضحة بينكما ولتتشاركا هذه الهموم وتكونا حريصين فى الإنفاق.
ساحة النقاش