استطاعت المرأة أن تكون الجواد الرابح خلال السنوات الأربع الماضية، حيث تم توجيه الحكومة إلى تقديم كافة أشكال الدعم لتمكينها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وهو ما بدا جليا من خلال ما تقلدته من العديد من المناصب رفيعة المستوى وما حصلت عليه من المكاسب التى دعمتها عدد من القوانين والتشريعات حماية ودعما لها، فماذا عن تطلعاتها وطموحاتها للفترة المقبلة..
حققت المرأة المصرية فى الأربع سنوات الأخيرة ما لم تستطع تحقيقه فى عهود سابقة، واستطاعت أن تطرح كل مشكلاتها للمناقشة حيث كانت البداية بإعلان 2017 عاما لها، واعتماد استراتيجية تمكن المرأة 2030 التى أطلقها المجلس القومى للمرأة وثيقة العمل للأعوام المقبلة لتفعيل الخطط والبرامج والمشروعات التى تتضمنها من خلال إتاحة فرص العمل والمساواة فى الوظائف بينها وبين الرجل وتيسير القروض وفتح الحسابات المصرفية، إضافة إلى سن قوانين تحمى حقوقها فى كافة المجالات الاجتماعية مع الاهتمام بتمكينها سياسيا وتأهيلها للمشاركة فى العمل العام بكافة أشكاله.
التمكين الاقتصادى
كان إطلاق مبادرة قومية للمشروعات متناهية الصغر تمول من صندوق «تحيا مصر » بمثابة طوق نجاة للكثير من الأسر المصرية خاصة التى تعولها نساء، حيث تم تخصيص مبلغ 250 مليون جنيه لدعم المرأة المعيلة، ما يسهم فى التمكين الاقتصادى لها، مع توفير منح للسيدات من خلال قروض دوارة لإقامة مشروعات متناهية الصغر تساعدهن على إيجاد دخل لهن بشكل مستمر، بالإضافة إلى إتاحة 250 مليون جنيه لتوفير خدمات الطفولة المبكرة بما يسمح للأم المصرية بالعمل والمساهمة فى بناء الدولة.
المرأة في المقدمة
بعد سنوات من التهميش والإقصاء عن الحياة السياسية نجحت المرأة فى الحصول على 90مقعدا فى البرلمان المصرى حيث تعد النسبة الأكبر فى تاريخها النيابى،إلى جانب إسناد 6 حقائب وزارية إلى سيدات مصريات نجحن فى إثبات جدارتهن على القيادة، بالإضافة إلى تعين د. فايزة أبو النجا، مستشارة الرئيس للأمن القومى، ولأول مرة تعيين المرأة في منصب المحافظ الذى ظل على مدى سنوات طويلة رافعا شعار للرجال فقط ، كما ارتفع عدد القاضيات فى مصر ليصل إلى 66 قاضية و4 نائبات للمحافظين، وقد انعكس اهتمام القيادة السياسية بالمرأة على نظرة العالم لمصر حيث حصلت لبنى هلال نائب ، محافظ البنك المركزى المصرى على المركز الثانى فى قائمة أقوى 100 سيدة فى العالم العربى، كما استعرضت مصر تجارب نجاح 31 نائبة مصرية فى مؤتمر نجح فى لفت أنظار العالم إلى المرأة المصرية بعنوان "مصر تستطيع بالتاء المربوطة" .
قوانين انتصرت للمرأة
لعبت الثقافة الذكورية التى تحكم المجتمع المصرى دورا كبيرا فى تعظيم الظلم الواقع على المرأة والذى تجلى فى حرمانها من حقها الشرعى فى الميراث، ولرفع هذا الظلم عن المرأة تم التصديق على قانون المواريث الذى يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة 20 ألف جنيه ولا تتجاوز المائة ألف جنيه لكل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه من ميراثه الشرعى أو حجب سندا يؤكد نصيبه فى الميراث، أو الامتناع عن إظهار أو تسليم مستند خاص بالميراث حال طلبه منه.
وللحد من قضايا إثبات النسب التى يلجأ إليها ضعاف النفوس لإثبات نسب أطفال تكفلوا برعايتهم من خلال الأسر البديلة تم الموافقة على قانون رقم 215 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 2004 الخاص بإنشاء محاكم الأسرة الذى نص على أنه إذا تعلقت الدعوى بإثبات النسب وجب على الأخصائى الاجتماعى أن يضمن تقريره ما إذا كان الصغير خاضعا لنظام الأسر البديلة التابع لوزارة التضامن الاجتماعى أم لا.
تكافل وكرامة
كما تم توجيه وزارة التضامن الاجتماعى إلى إطلاق برنامج «تكافل وكرامة » لتقديم الدعم النقدى المشروط لمليون و 500 ألف امرأة مصرية ليستفيد منه حتى الآن حوالى 6 ملاين مواطن مصرى، وقد تم صرف 6 مليار و 200 مليون جنيه من بداية البرنامج فى عامن من مارس 2015 إلى مارس 2017 فى 5630 قرية.
قوانين الأحوال الشخصية
بعد استعراض ما حققته المرأة من مكتسبات خلال السنوات الأربع الماضية التقينا عددا من الشخصيات العامة والمهتمات بقضايا المرأة للتعرف على تطلعاتهن فى الفترة المقبلة حيث أكدت السفيرة ميرفت التلاوى، مدير عام منظمة المرأة العربية، والتى أكدت أن المرأة قد حصلت على العديد من المكتسبات خلال السنوات الأخيرة ويتجلى ذلك فى وصول عدد النائبات بمجلس النواب إلى ٩٠ نائبة لأول مرة إلى جانب إسناد ٦حقائب وزارية للمرأة، وإعان 2017 عاما لها ما أعطاها فرصة لإيجاد حلول لعدد كبير من المشكلات التى عانت منها لسنوات.
وتقول: تعد المرحلة المقبلة فرصة لنساء مصر للتأكيد على المكتسبات التى حققنها وإحراز مزيد من الإنجازات والمطالب التى من بينها إجراء بعض التعديات على قانون الأحوال الشخصية ورصد عدد الأطفال فى بعض المحافظات للحد من زواج القاصرات مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك بعض المجالات الأصلح فى قيادتها هن النساء كالتعليم والثقافة والصحة وهى ما بدأت الدولة فى الاهتمام به خلال الفترة الماضية.
وتابعت: ما تم تقديمه من تسهيلات بنكية لدعم المشروعات متناهية الصغر للمرأة يعد إعادة للدور الاجتماعى لبنك ناصر الذى أنشئ من أجل مساعدة البسطاء فى إقامة مشروعات مستقلة ما يوفر للنساء حياة كريمة، إلى جانب تقديم معاش تكافل وكرامة الذى تستفيد منه المرأة المصرية فى المرتبة الأولى ويساعدها فى رعاية أسرتها سواء كانت أرملة أو مطلقة.
تغيير ثقافة المجتمع
تقول النائبة البرلمانية ابتسام أبو رحاب: لا شك أن الدعم الذى حصلت عليه المرأة خلال الفترة الماضية كان من أبرز إنجازاته اعتماد استراتيجية تمكن المرأة 2030 كوثيقة عمل للأعوام المقبلة، وتغليظ قانون العقوبات فيما يخص التحرش وزواج القاصرات وختان الإناث، ومواجهة بعض صور العنف ضد المرأة.
وتتطلع أبو رحاب إلى إصدار مزيد من القوانين التى من شأنها حماية حقوق المرأة من تسلط بعض أفراد المجتمع، والعمل على تغيير المفاهيم المجتمعية، فتغليظ العقوبة بحق الممتنع عن إعطاء المرأة ميراثها خطوة قوية لكنها تحتاج إلى تغيير ثقافة البعض خاصة فى الصعيد والريف وحث المرأة فى حد ذاتها على مواجهة بعض فئات المجتمع وإبلاغ الجهات القضائية حال عجزها عن التمكن من حقها الشرعى.
المشاركة الإيجابية
من جانبها أشادت د. منى الوكيل، عضو المجلس القومى للمرأة فرع القاهرة بالجهود الحكومية المبذولة خلال الفترة الماضية والتى تدل على صدق النية فى تمكن المرأة والتى تجلت فى تعيينها فى مواقع اتخاذ القرار كمستشار الرئيس للأمن القومى ووزيرة ومحافظة، وتدعو المرأة إلى الحفاظ على ما حققته من مكتسبات من خلال الحشد للانتخابات الرئاسية المقبلة والمشاركة بكثافة لاستكمال مشوار الإنجازات الذى بدأته منذ عدة سنوات.
وتضيف: ولا شك أن المرأة المصرية تتطلع خلال المرحلة المقبلة إلى صدور قانون شامل لمواجهة كافة صور العنف الممارس ضدها بدءا من حرمانها من التعليم وإجبارها على الزواج وعدم المساواة بينها وبين الرجل فى العمل والحصول على الأجر هذا بجانب كافة صور العنف الأخرى.
أما النائبة البرلمانية إليزابيث عبدالمسيح، فتؤكد على أن نائبات البرلمان يحملن هموم المرأة على أكمل وجه وأن ما تحقق للمرأة المصرية خلال الأربعة أعوام الماضية يعد إنجاز كبيرا، وتضيف: ونحن نأمل خلال المرحلة المقبلة أن نكمل هذا الدور كنائبات من خلال المساهمة فى صدور العديد من القوانين والتشريعات التى تساهم فى تحسين أوضاع المرأة على كافة المستويات إكمالا لما نجحت فى الحصول عليه من مكتسبات خلال السنوات الأخيرة وبالأخص فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية التى تحتاج إلى تغيير شامل مراعاة لمصلحة المرأة والأسرة ككل، وأعتقد أن هذا هو أبرز ما تتطلع إليه المرأة المصرية خلال الفترة المقبلة.
ساحة النقاش