لا أستطيع إخفاء إعجابى بالنساء السوريات، وقد تعرفت إليهن مبكرا فى حياتى عن طريق أمى السورية المولد المصرية النشأة، رحمها الله، وقريباتها اللاتى يعشن فى القاهرة, تعلقت بجدتى "الشامية" التى كانت تحرص على استضافتى لعدة ليالى فى بيتها، وتشربت منها الكثير من العادات، وكنت أقلدها فى كلامها، فلم تتخل عن اللكنة الشامية حتى آخر يوم فى حياتها, ثم حدثت الوحدة السورية عام 1958 وزارنا العديد من أقارب أمى "الشوام" فزاد إعجابى بهن, جمال وشطارة وخفة دم وثقافة تجرى فى شرايينهن ذات التاريخ العريق, وعن طريق المؤتمرات النسائية والثقافية تعرفت إلى فنانات شاميات كثيرات منهن نجاح سلام ومنى واصف, والأديبات كوليت الخورى وأنيسة عبود, والمحاميات حنان فرحة وإلهام أسعد وغيرهن، ونشأت بيننا صداقة طيبة لم تنقطع, وإلى اليوم ما زلت لا أفرق بين السوريات واللبنانيات والأردنيات والفلسطينيات، كلهن يتشاركن فى اللكنة والجمال والعراقة وفى الكثير من أسلوب الحياة والتفكير, كلهن شاميات فرقت بينهن حدود مفتعلة صنعها الغرب عندما رغب فى أن يوزع "كعكة الإمبراطورية العثمانية" فيما بين دوله.
بعد ثورة الربيع العربى أصبحت سوريا كفتاة جميلة تكاثرت عليها الذئاب، كلٌ ينهش فى عضو من أعضائها, وأكثر ما يحزننى أن يشارك فى التحرش بها جماعة من أبنائها يصفون أنفسهم بالمعارضين، وهم فى الواقع ليسوا سوى عملاء لأنظمة غربية لا يهمها سوى مصالحها، تنفق عليهم بسخاء لكى يحققوا مآربها فى وطنهم المهدور, ألم يعلن الرئيس الأمريكى ترامب بكل وضوح أن أى فصيل يتماهى مع واشنطن ويقبل بالخضوع لها سيحصل على المساعدات الأمريكية فيما أي فصيل لا يخضع للسياسة الأمريكية سيتم فرض الحظر عليه واتهامه بالإرها, أما المساعدات المقصودة فليست سوى الأسلحة التى تفتك بالشعب السورى بلا رحمة!
ومنذ بداية المحنة السورية وأنا أتابع باهتمام ما يحدث لسوريا ونسائها الشقيقات على وجه الخصوص, عشرات الآلاف من شقيقاتنا السوريات أجبرتهن الاعتداءات المسلحة على بيوتهن إلى النزوح من بلداتهن، وما يلاقينه من متاعب لا حصر لها كلاجئات ومغتربات فى بلاد لا ترحب شعوبها باستضافتهن, أما من تشبثت بالأرض فالويل كل الويل من المعاملة اللا إنسانية على يد التنظيمات الإرهابية المسلحة مثل "جبهة النصرة" و"داعش" وغيرهما, تحرش أو اغتصاب تحت مسمى "نكاح الجهاد" وفرض أنظمة متخلفة وعقوبات بشعة لكل من ترفض الانصياع لتعليماتهم المتخلفة, ورغم ظروف الحياة الصعبة والحرب الدائمة وغياب رجال الأسرة ما بين شهيد أو مختطف أو مصاب عاجز عن العمل فالشقيقة السورية تكافح من أجل البقاء، صامدة تواظب على عملها فى المستشفيات والمدارس والجهات الحكومية لتقضى حاجات المواطنين، أما من لم تكن تعمل فهى تقاوم بكل ما لديها لتربية أطفالها وتحمل نفقاتهم، ولم تترك الحرب لها خيارا سوى العمل.
ادعوا معى أن يفك الله عز وجل كرب الشقيقات العربيات، فما يجرى فى سوريا وفى ليبيا والعراق ولبنان ما هو إلا إنذار لمصر، وعلينا أن نصلى ليل نهار وندعو الله أن يهزم الخونة فى سيناء وينصر جيشنا الباسل على أعداء مصر، وما أكثرهم.
ساحة النقاش