اسمها سيناء، امرأة مصرية كغيرها من النساء المصريات ممن حملن مسئولية هذا الوطن على أكتافهن على مر التاريخ، رأيتها كثيرا في زياراتي لشمال سيناء, كانت وما زالت تقهر أصعب الظروف بل وتسطر بمفردها ملحمة جديدة في حب الوطن، سواء من خلال التغلب على شبح البطالة ومساندة أسرتها من خلال مشروعات المنتجات اليدوية البسيطة التي تساعد بها نفسها وأسرتها وفي نفس الوقت تكرس من خلالها لمفهموم الحفاظ على التراث والهوية المصرية، أو من خلال التضحية بأعز ما تملك الابن والزوج والسند أيا كان من أجل الحفاظ على هذا الوطن، ولا عجب في هذا فتاريخ المرأة السيناوية على وجه التحديد حافل بالعديد من البطولات خاصة وكونها قد وجدت على مر العصور في أرض النضال والكفاح، فاعتادت على أن تكون جزءا منه بكل ما تستطيع من قوة، فمنذ فترة ما بعد نكسة عام 1967، تجسد دورها فعليا في حرب أكتوبر1973 من خلال قيامها بمساندة ودعم الفدائيين وعلاجهم داخل أرض سيناء الحبيبة، بل ومساعدتهم على الوصول إلى الأراضي المصرية من خلال العديد من الطرق والوسائل التي ابتكرتها بفطرتها الوطنية البسيطة، ولم ينجح العدو في اكتشافها رغم أنها لم تتعلمها أو تتدرب عليها ولكنها عرفتها بفطرة الانتماء وحب الوطن، وقامت بها دون أدنى مشاعر خوف أو قلق، ولم يتوقف الأمرعند حد هذه المرحلة فأراض سيناء التي رويت على مر التاريخ بدماء الشهداء وبطولاتهم كانت المرأة السيناوية أول من ضحى وشارك في نسج هذا، واليوم ونحن نعيش ملحمة مواجهة الإرهاب من خلال العملية الشاملة " سيناء 2018"، نعيش مع هذه المصرية الأصيلة أسطورة جديدة من النضال، من خلال وقفتها الصامدة خلف قواتنا الباسلة وجنودنا من الجيش والشرطة، فالسيناوية لم تهرب ولم تفر بأبنائها من هذه المعركة ولم تسهم في نشر الشائعات العديدة التي استهدفت قلب هذا الوطن وحاولت تحويل الهدف الوطني لهذه العملية الباسلة من الحفاظ على الأرض ومواجهة الإرهاب إلى تهجير الأهالي وغيرها من الدعاوى المغرضة التي أشاعها أعداء الوطن، بل كانت لها بالمرصاد ترد وتواجه وتقاوم مستمرة في حياتها داخل أرض سيناء متحملة كافة الصعوبات والظروف الطارئة من جراء هذه العملية، حتى تعبر بالوطن إلى بر الأمان، وهو ما تجلى فعليا من خلال نسبة مشاركتها المشرفة وبكثافة في الانتخابات الرئاسية مؤخرا دون أن تستخدم هذه الأوضاع كذريعة للامتناع أو البعد بل نزلت وحشدت وأكملت دورها على أكمل وجه، واليوم ونحن نستعد للاحتفال بعيد تحرير سيناء الحبيبة في الخامس والعشرين من أبريل الجاري، علينا وأن نتوجه بالتحية إلى هذه المرأة الصامدة في أرض النضال، بل وندعو إلى دعمها على كافة المحافل بصورة أكبر، فإذا كان المجلس القومي للمرأة كعادته مشكورا قد منح المرأة السيناوية مؤخرا 750 وثيقة أمان مجانية، وإذا كان يعني فعليا بدعم مشروعاتها اليدوية المميزة، فعلينا أن نعمل على مضاعفة هذا الجهد من قبل كافة الجهات المعنية من خلال مواجهة مشكلة معاناة المرأة السيناوية من الأمية، ومساعدتها في تسويق منتجاتها التراثية من خلال معارض ومنافذ التسويق المحلية والعالمية، وأن نكمل كجهات حكومية وأهلية اهتمام ورعاية القيادة السياسية لأمهات وزوجات شهداء الشرطة والجيش من سيناء الحبيبة، من خلال العمل على تمكينهن اقتصاديا بصورة أكبر فلا يكفي ما قد يعتمدن عليه من مشروعات للمنتجات اليدوية والغذائية البسيطة كوسيلة للحياة بعد فقدان الأب أو الزوج بل لابد من تدريبهن على مشروعات تعود عليهن وأسرهن بعائد أكبر، فدعونا نتكاتف جميعا ونكمل ما تقوم به قيادتنا السياسية في هذا الإطار وندعم من ضحين بالابن والولد بكل ما نملك، وكل عام وسيناء الحبيبة بألف خير.
ساحة النقاش