يا بنت بلدى رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير.. صدقونى.. إنه حقا كما تدين تدان وكما يقول المثل المصرى ..كله سلف ودين! أى والله!! جربت وبنفسى زمان.. وأيام الشباب أحيانا كنت أعيب على أحد وفوجئت بعد مرور السنين أن العيب الذى انتقدته أصبح عندى أنا !!

على سبيل المثال كانت لى زميلة عزيزة بدار الهلال رحمها الله كنت أحبها كثيرا ولاحظت إنحناءة فى ظهرها فكنت أتقدم وأفرد لها ظهرها بيدى، وأظل أقول لها افردى ظهرك أنت ما زلت صغيرة فى السن وتضحك وتقول إنها قعدة المكتب والقراءة الكثيرة، وعندما نظرت فى المرآة منذ فترة طويلة وجدت نفس الانحناءة لكننى لم أجد من يقول لى افردى ظهرك صدقونى ..من عيب على شىء ينتقل إليه، أما قارئتى ثريا فقد كانت اعترافاتها مباشرة وصادقة، قالتها بغرض التوبة حتى يسامحها الله «سبحانه وتعالى » بعد أن ارتدت عليها كل أفعالها وهى ما زالت على قيد الحياة بل بأكثر منها !!

***

قالت الحاجة «ثريا 65 سنة »فعلا.. كله سلف ودين وكما تدين تدان وكل ما فعلته فى دنياى ارتد إلى وأنا فى هذه المرحلة المتقدمة من العمر، لذلك أسأل الشباب ألا تغرهم الدنيا وبريقها فيحيدون عن الحق والعدل، وقالت سأحكى لك حكايتى من أولها حتى أضعك فى الصورة تماما وربما تسامحينى أو تعطينى بعض الحق لكن الواقع أننى أقول إنها عدالة السماء ولو على نفسى !!

***

قالت الحاجة ثريا .. كنت فعلا جميلة الجميلات فى حى الروضة المطل على النيل وكنت طالبة بالمدرسة الثانوية عندما تقدم لخطبتى شباب كثيرون لا أدرى لماذا اختار والدى ووالدتى من بينهم شابا يكبرنى بخمسة عشر عاما من أسرة ثرية، وأعتقد أنهما ربما اختاراه لكونه ثريا يمتلك شقة على النيل مجهزة بكل ما تحلم به أية فتاة فى مقتبل العمر، والواضح أننى تعجبت من قبولهما الفارق الكبير فى السن بينى وبينه 15« سنة » مقابل الفلوس، وربما أعطيتهما العذر لأن والدى كان موظفا حكوميا محدود الدخل ووالدتى ربة بيت بدون دخل، المهم أنه كان رجلا محترما بمعنى الكلمة وكان يعمل مهندسا بحقل بترول فى البحر الأحمر وكان يغيب عن بيتنا ثلاثة أسابيع ويعود إلى بيته أسبوعا واحدا كل شهر، وكان الاتفاق أن أكمل تعليمى الجامعى وأنا زوجة ولم يعارض فى ذلك، فأكملت تعليمى بالفعل وحصلت على ليسانس الآداب لكننى لم أعمل.

***

واستطردت الحاجة ثريا.. أحكى لك ماذا كان شكل حياتنا وكنت آنذاك فى حوالى العشرين من عمرى ! كنت معتزة جدا بجمالى وكنت أحب الذهب والماس حبا شديدا، وكنت أحرص على أن يشترى لى زوجى كل إجازة ملابس جديدة وقطعة ذهب، وأحرص على أن نقضى إجازته كل شهر فى فندق أو منتجع سياحى وألا نأكل فى البيت والأهم ولا أدرى لماذا كنت أفعل ذلك ..كنت لا أسمح له برؤية أحد من أهله !! كان والده ووالدته قد فارقا الدنيا وبقيت شقيقتان وأخيه الوحيد، وعندما كانوا يطلبون رؤيته كنت أصرخ وأقول دا أسبوع واحد كل شهر يا جماعة سيبونى مع جوزى حرام عليكم !!ومن شدة حبه لى كان كثيرا ما يرضخ لصرخاتى وكان يحادثهم ويعدهم بالزيارة فى الإجازة التالية !

***

وتسطرد الحاجة ثريا.. كنت أعتبر زوجى ملكا خالصا لى لا يجب أن يتحدث أو يجالس أحدا غيرى وخاصة بعد أن أنجبت له ولدا جميلا صار كل شىء فى حياته.

***

وتدمع عيون الحاجة ثريا وتقول: ذات مرة كانت أخته الكبيرة مريضة جدا وأصررت أن أخرج معه للشراء والنزهة ومنعته من زيارتها «لا أدرى لماذا كنت أفعل ذلك ،» وكان أن توفاها الله وهو بعيد فى عمله، وعندما ذهبت للعزاء كان غضب أهله منى واضحا فقررت مقاطعتهم بالكامل وفعلا قاطعتهم تماما.

ثم كانت المفاجأة الأسبوع القادم أحكى لك باقى الحكاية.

المصدر: بقلم : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 414 مشاهدة
نشرت فى 24 مايو 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,857,505

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز