لم تقف دراستها لعلم الاقتصاد وبدايتها العملية فى عالم الأرقام والسياسات المالية البحتة والنظريات الاقتصادية عائقا أمام رغبتها الدائمة فى مواجهة الفقر وتحسين أوضاع المواطنين اجتماعيا واقتصاديا فى المناطق الأكثر احتياجا ما دفعها لتغيير مجال عملها من الاقتصاد إلى المجال الخدمى لتقترب أكثر من عالم المهمشين والطبقات الأكثر فقرا بهدف الارتقاء بمستوياتهم المعيشية، إنها ريهام أبو إسماعيل، عضو مجلس أمناء صندوق تحيا مصر، والتى التقتها «حواء » لتتعرف منها كيف تم اختيارها لهذا المنصب، ودور الصندوق فى تحقيق التمكين السياسى والاقتصادى للمرأة والشباب، وآليات مواجهة الفقر وضمان وصول ثمار التنمية لمحدودى الدخل..

- فى البداية نود التعرف على سيرتك الذاتية؟

تخرجت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبعد تخرجى فكرت فى استكمال الدراسات العليا فى الخارج خاصة وأننى أنتمى لعائلة أكاديمية، فوالداى وجدى أساتذة جامعيون، فكانت الفكرة الأكثر إلحاحا أمامى الحصول على درجتى الماجستير والدكتوراة والتدريس بالجامعة.

- متى كانت أول خطوة فى مسار حياتك العملية؟

بدأت أولى خطواتى العملية بعيدا عن الدراسة الأكاديمية حيث التحقت بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وأتذكر جيدا الحماس الشديدالذى تملكنى وقتها للعمل خاصة مع إجراء أول نموذج عن التنبؤ بالأزمات عام 1998، وبالفعل كان هذا النموذج الذى قمنا بإنجازه كفريق عمل من الشباب حديثى التخرج البداية لإنشاء مركز التنبؤ بالأزمات التابع لمجلس الوزراء حاليا، فى ذلك الوقت حصلت على منحة لدراسة الماجستير بالجامعة الأمريكية وكانت رسالتى عن الأزمات الاقتصادية وكيفية التنبؤ بها، وبعد حصولى على الماجستير التحقت بالعمل بوحدة السياسات النقدية بالبنك المركزى، ثم عملت بالبنك الدولى فى مجال تقديم الاستشارات الاقتصادية، ثم التحقت بوحدة السياسات الكلية والمالية بالمكتب الفنى لوزير المالية يوسف بطرس غالى آنذاك، بينما كان رئيسى المباشر د. هانى قدرى الذى أصبح وزيرا للمالية فى حكومة المهندس إبراهيم محلب بعد ذلك، ويمكننى القول أننى تعلمت كثيرا فى هذه الفترة، واتذكر دائما ما كنا نحظى به كفريق عمل من ثقة وتقدير من رؤسائنا وأساتذتنا رغم صغر أعمارنا، فكنا نحضر ونتفاعل فى المناقشات مع صندوق النقد الدولى لعرض السيناريوهات الاقتصادية والمالية المطروحة.

- ما الأسباب التى دفعتك للتحول من العمل بالمجال الاقتصادى ووضع السياسات المالية للمجال التنموى والخدمى؟

بالفعل عملى بالمكتب الفنى لوزارة المالية كان يركز على السياسات المالية كالتعامل مع عجز الموازنة ووضع السياسات المالية والمؤشرات الاقتصادية وتقليل الدين العام الداخلى والخارجى وغيرها من الموضوعات الاقتصادية البحتة، وكنت فى هذا الوقت كثيرا ما أتناقش مع د. هانى قدرى عن كيفية مواجهة الفقر والحد من وجوده فى المجتمع، ولماذا لا تصل ثمار التنمية الاقتصادية لمحدودى الدخل فكان رده دائما أن إجابة تساؤلاتى تأتى بالعمل فى النواحى التنموية، ومن هنا عرفت أن عملى يجب أن يكون فى مجالات العمل التنموى حيث البشر باحتياجاتهم المتعددة وقدراتهم المحدودة على الوفاء بها، وبالفعل تقدمت للعمل بعدة مؤسسات تنموية حتى تم قبولى للعمل ببرنامج الغذاء العالمى كمسئول برامج الفقر وتحليل الأمن الغذائى فى يونيو 2010، وأتذكر فى المقابلة الشخصية كان السؤال الموجه لى لماذا تريدين العمل فى التنمية ومواجهة الفقر كمجال جديد يختلف عن خبراتك الاقتصادية السابقة، وفى نهاية المقابلة قيل لى تمت الموافقة على قبولك بالعمل لاستعدادك الفائق للتعلم وخدمة البشر فى الملف التنموى أكثر من ذوى الخبرة فى هذا المجال.

- وما أهم المبادئ التى يستند إليها العمل التنموى، وما مدى اختلافه عن الخيرى ؟

أساس العمل التنموى هو معرفة احتياجات البشر خاصة فى المناطق التى لا تصل إليها جميع الخدمات، والتعرف على احتياجاتهم والعمل على تلبيتها بموارد أقل والاستفادة منهافى تغيير حال سكانها إلى الأفضل، وكذلك توجيه أنظار بقية أفراد ومؤسسات المجتمع إلى المشكلة وتحفيز الجميع على المشاركة فى إيجاد حلول نهائية لها، وفى الحقيقة لدينا مجهودات كبيرة من مؤسسات المجتمع المدنى للأعمال الخيرية لكنها تفتقد التنسيق وبالتالى لاتؤتى ثمارها فى تحقيق التنمية، فالمجتمع المدنى والجمعيات الأهلية تحتاج لخريطة للأماكن الأكثر فقرا وكيفية إنفاق أموال التبرعات على قائمة من المشروعاتالتى يجرى تحديدها وفق الاحتياجات الفعلية للوصول بالمحتاجين إلى حياة أفضل وليس مجرد تقديم إعانات مالية.

- وهل واجهتك تحديات فى هذه المرحلة من حياتك العملية؟

بعد بداية عملى بشهور قليلة اندلعت ثورة 25 يناير 2011 وبدأت معاناة الناس فى عدة مناطق ومحافظات لعجزهم عن الحصول على المؤن الغذائية، فكنا نحرص على توصيل تلك المؤن للمواطنين بمساعدة وتأمين القوات المسلحة، كما واجهنا مشكلة انتشار الفقر بشكل كبير فى عدة قرى بأسيوط مع عودة أبنائها العاملين فى ليبيا والتى كانت تعتمد فى معيشتها اليومية على تحويلات ذويهم النقدية، وفى 2013تمكنا منإنجاز أول تقرير عن أوضاع الفقر والأمن الغذائى على مستوى الجمهورية بالتعاون مع الجهاز العام للتعبئة والإحصاء،أما التحدى الثالث فكان مع زيادة تدفق اللاجئين السوريين إلى مصر وكان الكثير منهم يعانون ظروفا معيشية وصحية شديدة الصعوبة، وقتها طلب منا كفريق عمل إعداد برنامج لدعمهم فى أقل من شهرين.

- كيف تم اختيارك عضوا لمجلس أمناء صندوق تحيا مصر؟

كانت البداية بعد ثورة 30 يونيو وإنشاء صندوق دعم مصر الذى تحول بعد ذلك إلى "تحيا مصر"، وفى الحقيقة علمت أن اختيارى للعمل بالصندوق منذ بداية 2015 كان بترشيح من وزير المالية السابق د. هانى قدرى الذى كان يعلم مدى شغفى للعمل فى مجال التنمية البشرية ومحاربة الفقر، وبالفعل تم عقد أول اجتماع لأعضاء مجلس الأمناء البالغ عددهم 12 عضوا برئاسة رئيس مجلس الوزراء الذى طالب بوضع المعايير والضوابط التى على أساسها سيتم اختيار المشروعات التى سيقوم الصندوق بالعمل عليها، بجانب وضع قائمة مقترحة لها، وقد تم الاتفاق على اختيار المشروعات التى تمس الفئات الأكثر احتياجا مع مراعاة تحفيز مؤسسات المجتمع للقيام بدورها مثل مشروع القضاء على فيروس "c"، وحى الأسمرات، وأطفال بلا مأوى، بالإضافة إلى توفير مشروعات صغيرة للشباب فى إطار برنامج تمكينهم اقتصاديا، والتركيز على المشروعات الصغيرة للمرأة المعيلة من خلال مبادرة "مستورة".

- وماذا عن دور الأسرة فى حياتك؟

كان لوالدى الدور الأول والأكبر فى حياتى والذى بدأ من التنشئة، حيث تربينا فى بيت لا فرق فيه بين ولد وبنت،كما كان يشجعنى وأخى على تحمل المسئولية والاعتماد على الذات دون الخوف من الخطأ والتفكير فى حل أى مشكلة دون انتظار حلول جاهزة، وكذلك الاهتمام بالتعليم، فكان يعتبر أن استثماره الحقيقى هو تعليمنا بشكل جيد، لذلك حرصت طوال الوقت على التفوق فى دراستى، وبعد التخرج كان والدى يقول لى دائما إن دورى فى الحياة ليس فقط الزواج والإنجاب وتربية الأبناء لكن هناك دورا آخر فى الحياة العملية والمجتمع يجب أن أقوم به،وقد رزقنى الله بزوج يحترم المرأة ويقدر جميع أدوراها فى الحياة وكان يشعر دائما بالامتنان لوالدته التى لعبت دورا كبيرا فى تنشئته، كما أنه يرفض فكرة أن المرأة موجودة لخدمة الرجل، لذلك شجعنى على قبول العمل بالصندوق إلى جانب عملى ببرنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة.

- وكيف تقرأين مبادرات تمكين الشباب سياسيا واقتصاديا؟

لا شك أنها دليل واضح على إيمان الرئيس عبد الفتاح السيسى بالشباب وقدراتهم على العمل والإنجاز .

المصدر: حوار: شيماء أبو النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 787 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,803,214

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز