يابنت بلدى كان الرئيس عبدالفتاح السيسى محقا تماما عندما قال إن اهتمامه الأول فى فترة رئاسته الثانية سوف يهدف بناء الإنسان المصرى! نعم لقد فقد الإنسان المصرى فى السنوات الأخيرة الكثير من مميزاته! فقد الصدق وكلمة الشرف والتمسك بالقيم والمبادئ بل فقد أيضا طيبته وتلقائيته وابتسامته ومشاعر الرضا والسماحة التى كان يتصف بها، إننا نريد العودة إلى مثلنا العليا وتقاليدنا وأهمها تقديس الأسرة وتوقير واحترام الأب والأم صاحبا الفضل الأكبر على الأبناء.. وقد جاء الزمن الأغبر الذى يستشيرني فيه الأبناء حول رفع قضية حجر على الأب وبهدلته فى المحاكم يا للعار!!
***
أقسم بالله أننى أصابنى الخرس لم أستطع الرد لشعورى بالهول والحسرة من جراء كم الجرأة والجحود ونكران الفضل على الآباء! حتى ولو كان الأب بعيدا عن أولاده لأية ظروف ولكن على الأقل لابد أن يتذكروا أنه أباهم وأنهم من نطفته وربما يكون الغضب منه واردا لكن الإساءة والجحود الإذاء غير مسموح بها مهما كانت الأحوال!
***
فوجئت بمكالمة هاتفية من إحدى مدن القناة طالت لأكثر من ساعة زمن قال لى محدثى فيها: أرجو أن يتسع صدرك لما سوف أشرحه لك والمكالمة على حسابى الخاص لكن أرجو أن تسمعينى كأمى التى نصحتنى بأن أتحدث إليك. أنا شاب فى الثامنة والعشرين من عمرى تخرجت فى جامعة القناة فى كلية التجارة الإنجليزية، وأدرس الآن الماجستير والدكتوراه، ولى أخت واحدة ما زالت تدرس بجامعة القناة، والدى صاحب شركة نقل معروفة فى مدينتنا وله «أجنس » كبير ويعتبر من أثرياء المدينة وهو لا يزال رغم بلوغه سن السبعين يعمل ويشرف بنفسه على شركته، وقد نشأت يا سيدتى فى أسرة حزينة، أبى طلق أمى وهى فى الثانية والثلاثين من عمرها وأنا فى سن السابعة وأختى فى الرابعة من عمرها، وأصرت أمى على أن تحتضننا وترعانا رغم المبلغ الضئيل الذى كان يرسله أبى لها كل شهر لطعامنا وإعاشتنا، ولم تخرج أمى للعمل فهى بلا شهادات ولا مهارة فى أى عمل سوى رعاية البيت والأولاد، وسألتها بعد أن كبرت لماذا طلقك والدى يا أمى؟.. قولى بصراحة.. هل صدر منك ما أغضبه؟ بكت أمى وقالت بل أنا التى طلبت منه أن يطلقنى بعد أن أعيتنى الحيل فى أن يقلع عن طريق الخمر والنساء. وأصبت وأنا شابة صغيرة بمرض السكر وضغط الدم من طول وإهانة كرامتى وأنوثتي فهو يرافق النساء علنا ولا يستحى من أن يقول ..نعم من رأيتها معى فى السيارة هى حبيبتى الجديدة؟ عاجبك و لامش عاجبك؟ قلت له لا مش عاجبنى! قال ماذا تريدين؟ قلت.. إما أن تقلع عن مثل هذه المساخر أو تطلقنى، قال.. ما فيش مانع.. روحى وإنت طالق يا أم أيمن!! وجمع ملابسه واستأجر شقة فى عمارة مواجهة لمنزل الزوجية وعاش فيها مع حبيباته ومن يدعى أنهن زوجاته حتى اليوم! وسألتها .. وهل كان يحرص على أن يرانا ويطمئن علينا ونحن صغار؟
قالت.. لن أكذب،، نعم كان يراكما تقريبا كل يوم وكان يشترى لكما بنفسه كل طلباتكما لكن المبلغ الذى كان يرسله لى كان ضئيلا بالنسبة لمكاسبه المهولة من عمله الكبير! سألتها ..ومصاريف الجامعات وغيرها من الملبس وغيرها؟ قالت.. كان هو الذى يدفع لكنه يحرص على ألا يضع فى يدى مالا، يعنى أنه يرسل إلى المنزل خروف العيد فى عيد الأضحى ولوزام رمضان فى شهر رمضان وكعك العيد مثلا ولكن الفلوس على القد!
سألتها ..وهل وصلتلك ورقة طلاق يا أمى تثبت أنه تم طلاقك منه رسميا؟
نظرت أمى إليّ مليا وترددت لأول مرة فى الرد عليّ ثم قالت لى والدموع ترقرق فى عينيها.. لقد سألته يا ولدى ورد على والدك أغرب رد فى الدنيا !!
الأسبوع القادم أكمل لكِ الحكاية.
ساحة النقاش