تتعانق أعيادنا كمصريين مسلمين ومسيحيين معا هذا العام.. وتجتمع احتفالات رأس السنة الهجرية الجديدة 1440 مع بداية السنة القبطية 1735 على يوم واحد فى أوائل شهرنا هذا من سبتمبر..وهو لقاء نعتز به جميعا تأكيدا على وحدتنا كشعب واحد..فيه نستعيد معا قيم وأخلاقيات رسولنا الكريم والسيد المسيح عليهما الصلاة والسلام..ودعوتهما لنشر الحب والتسامح والسلام من أجل خير البشرية.
فمع التقويم المصرى الفرعونى كان ميلاد السيد المسيح موافقا ليوم 29 كيهك وهو الموافق ليوم 1 يناير من السنة الميلادية, وجاءت هذه الفروق فى اختلاف التقويم على مدار القرون الماضية بين التقويم الأوروبى والغربى والتقويم القبطى..وتعود شهور السنة القبطية إلى الأسرة الخامسة والعشرين من العهد الفرعونى.
جاء ميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام معجزة إلهية للبشرية, فقد اصطفاه الله من أطهر نساء العالمين السيدة العذراء لتحمل به.."قالت أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر".."قال كذلك الله يخلق مايشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون", وجاءت معجزة الله لينطق فى المهد ليرفع الافتراء عن أمه مريم بنت آل عمران التى نذرتها أمها لله وعبادته:"قال إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة مادمت حيا وبارا بوالدتى"..جاء نبى الله المسيح إلى البشرية ليدعو من أجل الخير والمحبة والحق وتعاليم الله السماوية.
وقد كرم القرآن الكريم فى آياته المسيح وجاء اسمه أكثر من 20 مرة, كما كرم الله السيدة مريم وخصها بسورة كاملة سميت باسمها..ولهذا يعتز المصريون مسلمون ومسيحيون بنبى الله عيسى وأمه مريم ورحلتهما المقدسة إلى مصر, حيث احتمت بها لائذة بوليدها رضيعا من بطش ملك اليهود لتجد كل الأمان والحب بين شعبها, فدعت لنا:"طوبى أرض مصر مبارك شعبها وعلى الناس المسرة".
ومع احتفالاتنا برأس السنة الهجرية التى نستقبلها بعد أيام نستعيد معا ذكرى هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام ..ومن آمن معه من مكة إلى المدينة متحملا فى صبر كل أنواع الإيذاء من الكفار والمشركين.. ليبدأ الدعوة الإلهية لنشر الإسلام بالحب: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".. لتكون الهجرة من الباطل والظلام إلى الإيمان والحق والنور فى السنة الثالثة عشر من نزول القرآن الكريم ليبدأ التقويم الهجرى مع وصول النبى الكريم إلى المدينة المنورة.. وكانت أول أسس دعوته لنشر التآخى بين المهاجرين والأنصار من أهل المدينة.. وإقامة أول وثيقة لإقرار حق المواطنة لكل أهلها مع دعوته للمساواة فى الحقوق والواجبات بين البشر لافرق بين عربى وأعجمى..فقير أو غنى..رجل أو امرأة لم يفرق الإسلام بين من دخل فى دينه وأصحاب الديانات الأخرى فلا إكراه فى الدين..من أجل تحقيق الأمن والأمان داخل مجتمع المدينة وخارجها..يدعو بالرحمة والبر والتقوى والتعاون على الخير والدعوة إلى العلم والعمل:"اطلبوا العلم ولوفى الصين"..والإعلاء من شأن المرأة وحقوقها فى زمن كانت القسوة رمز للقوة..جاء لنصرة الضعيف وأوصى بحسن التعامل والاحترام بين الكبير والصغير وبالنساء خيرا وأكد على حقها فى الحياة وفى الذمة المالية الخالصة وحقها فى الميراث وإرادتها الحرة.. حقها فى التعليم والعمل..كان يقول عن السيدة عائشة: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء"لما حفظت عنه من الأحاديث وفقه القرآن والسنة.
دعا إلى إعمار الدنيا وإكرام النفس الإنسانية وحفظها وعدم التعدى عليها وصلة الأرحام والتعاون والتكافل وكلها حقوق إنسانية لتسقيم الحياة بين البشر..كما أوصى بالرفق بالحيوان..وهى مبادئ سبق بها منظمات حقوق الإنسان.
نتذكر سيرته العطرة وأخلاقه الكريمة مع أخلاق وسيرة السيد المسيح..مع احتفالاتنا.
ساحة النقاش