الزواج هو ذلك الرباط المقدس الأبدي الذي يجمع بين زوجين تعاهدا أن يكون كل منهما سندا للآخر مدى الحياة، يقتسمان الحقوق والواجبات، وأن يصونا نفسيهما من كل شيء يدنس قدسية الحياة، وكما جعل الله سبحانه الحياة الزوجية مرهونة بالمودة والرحمة وأنهما دستور التعامل بين الزوجين على أساس الاحترام المتبادل والتقدير الكامل والحنو واحترام المشاعر وتقدير الجهد المشترك، فإنه جعل الطلاق استثناء للقاعدة عندما تستحيل الحياة بين الزوجين لأسباب قوية تستحيل معها الحياة، ولذلك وصف الطلاق بأنه "أبغض الحلال"، وإن كان من شأنه أن يعصم الزوجين من الوقوع في المعاصي، كما يحفظ كرامة المرأة من الإهانات المستمرة من قبل بعض الأزواج الذين لا يحترمون زوجاتهم ولا يقدسون الحياة الزوجية ولا الرباط المقدس الذي يجمع بينهما، ولكننا نلاحظ الآن إفراطا في استخدام حق الطلاق حتى ارتفعت نسبته إلى حدود غير مقبولة قد تهدد تماسك الأسرة ومن بعدها المجتمع ككل، إن الطلاق ليس حلا في كل الحالات، ولكن للأسف إن أغلبية المجتمع الآن أصبح عنده كلمة الطلاق رداً لأى شيء عابر من دون أن توجد مشكلة حقيقة تستدعي الانفصال، وهي كلمة يهتز لها الأبناء وتتزلزل أمامها أركان البيت الذي قد يكون الزوجان أمضيا سنوات في تثبيت أركانه، وإننا على يقين أن المسجد له دور والكنيسة لها دور إلى جانب المؤسسة التعليمية، جميعها يجب أن تتصدى للمفهوم الخاطئ للعجلة في إفشال الحياة الزوجية على أتفه الأسباب.
لقد أحل الله الطلاق ولكنه أبغضه في نفس الوقت، وحين يبغض اللّه أمرا من الأمور، فإن معناه أن ضرره أكبر كثيرا من نفعه، فالطلاق تشريد للأبناء، وقطع لصلة رحم، وتقويض لأساس بيت أصبح معرضا للانهيار وأن تذره الرياح، هو انتزاع لنصف إنسان من نصفه الآخر بعد أن التحما في كيان واحد، وهو إنهاء بخصومة لصحبة رائعة بين رجل وامرأة، إنه فعل يهتز له قانون السماء الذي يجمع ويؤلف بين القلوب والأرواح، إنه إعلان بفشل رجل وامرأة، هذا مع اعترافنا أن وجوها وأخلاقا سيئة قد تتكشف بعد فترة من العشرة يستحيل معها الحياة, ولكن الحوار الهادئ قد يكون حلا وملاذا يحمي البيت والأبناء من
هذه القنبلة الموقوتة...
ساحة النقاش