مع تزايد معدلات الطلاق الذى بات شبحا يهدد الأسر المصرية ظهرت الكثير من التساؤلات حول أسباب ازدياد حالات الانفصال، وسبل تفاديها، والخطوات التى يمكن للزوجين اتباعها أثناء احتدام الخلاف بينهما لتجنب وقوع الطلاق واستمرار الحياة الزوجية التى وصفها التشريع الإلهى بالميثاق الغليظ.. إجابات هذه التساؤلات وغيرها الكثير محور حوارنا مع د. محمد هانى، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية.

- كيف ترى ارتفاع معدلات الطلاق، وهل يمكن اعتبارها ظاهرة اجتماعية؟

من المعروف لدى الجميع أن نسب الطلاق ارتفع بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين لتصبح مصر بالإحصائيات التى أصدرتها عدة جهات مسئولة داخليا فى صدارة الدول العربية والأفريقية فىحالات الطلاق ما ينذر بمشكلة تهدد استقرار المجتمع، وقد أشارت بعد الدراسات أن هناك 4,5 مليون مطلقة، وأن مقابل كل 100 عقد زواج 44 حالة طلاق أىبمعدل حالة كل دقيقتين ونصف، لذا يمكن اعتبار هذه الزيادة ظاهرة مجتمعية تشكل مشكلة خطيرة.

- فى البداية خلال مرحلة الخطوبة يتغاضى الطرفان عن الكثير من العيوب تفاديا للصدام أو إنهاء العلاقة، فبماذا تنصح الشاب والفتاة أثناء هذه الفترة؟

ينبغى ألا يقبل الشاب على الخطبة إلا عندما يكون مؤها فكريا ونفسيا ومعنويا لها، مع التأنى فى الشريك ومراعاة التوافق الفكرى والنفسى والمعنوى، وإتاحة الوقت المناسب لنفسه وشريكة حياته لكى يدرس كل منهما الآخر، ويتأكد من عدم وجود صفات جوهرية قوية فى مكونات الشخصية قد تؤدى لمشكلات فيما بعد كالعصبية والبخل والكذب من عدمه.

- وما أسباب زيادة معدلات الطلاق فى السنوات الأولى من الزواج؟

أثبتت العديد من الإحصائيات التى أجراها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ومركز دعم واتخاذ القرار أن ثلثى حالات الطلاق تحدث خلال السنوات الأولى للزواج، وأرجعت ذلك إلى سوء الاختيار، وحرص كلا الطرفين على إظهار أفضل ما لديه وإخفاء سلبيات شخصيته أو التغاضى عن بعض الصفات غير المرغوب فيها مثل العصبية والبخل والكذب، وقد يكون الرجل معتادا على تعدد العلاقات النسائية فيجد صعوبة فى الابتعاد عن صديقاته بعد الزواج ما يتسبب فى المشكلات، بالإضافة إلى افتقاد كلا الطرفين للخبرة فى حل مشكلاتهما ما يجعلهما عاجزين عن احتوائها فيحتدم الخلاف لتتفاقم المشكلة وتصل إلى الانفصال.

- وماذا عن الخطوات التى يمكن للزوجين احتواء المشكلة من خلالها؟

يجب اختيار الوقت المناسب لعرضها، ومراعاة المرونة فى التعامل بينهما بحيث لا يتمسك كل منهما برأيه، بالإضافة إلى المصارحة بينهما وتحديد كل منهما ما يبغضه فى الآخر من صفات أو أفعال، إلى جانب عرض المشكلة بأسلوب جيد وهادئ لا يثير غضب الطرف الآخر.

- وكيف يمكن لكل منهما اكتساب الخبرة الحياتية التى تساعدهما على مواجهة الخلافات؟

لا شك أن الخبرة لا يتم اكتسابها من النصائح النظرية التى يقدمها الآباء لأبنائهم بل يتم اكتسابها من المواقف الحياتية، لذا على الوالدين نقل خبراتهم وتجاربهم التى عاشوها لأولادهم عند تعرضهم لأى مشكلة، على أن يكون تدخلهم بحكمة وتعقل.

- ألا يعد تدخل الأهل أحد مسببات الطلاق؟

هناك حالات ينبغى على الأهل التدخل فيها لتقديم النصح وليس للتطفل أو فرض آرائهم على الزوجين، لذا يحذر على الوالدين السعى إلى السيطرة على الزوجين أو انحيازهما لطرف دون الآخر لأن ذلك قد يتسبب فى تفاقم المشكلة بل يجب أن يكون تدخلهم لتهدئة الأجواء وتلطيفها.

- هذا عن مسببات الطلاق فى السنوات الأولى من الزواج، فماذا عن الانفصال بعد عشرة عشرات السنوات؟ وكيف يتخذ الطرفان أو أحدهما هذا القرار بعد كل هذه السنوات؟

فى هذه الحالة يكونالطلاق نتيجة لتراكم الخلافات بين الزوجين، فقد يتحمل أحدهما الخلافات التى تنغص حياته فى سبيل الحفاظ على الأسرة والأبناء لكن تأتى عليه مرحلة يضيق فيها ذراعا بما يفعله الآخر، وقد يصل الزوجان أنه لم يعد هناك لغة حوار وتفاهم بينهما فيتخذا هذا القرار، وهناك زوجان يكونا قد أجلا الانفصال لحين كبر الأبناءوهوما يسمى بالطلاق الصامت حيث يجمعهما منزل واحد بلا مشاعر أو عواطف، ومع بلوغهم سن لا يؤثر الطلاق على نفسياتهم يعلنا انفصالهما.

- هل هناك أسباب أخرى وراء تزايد معدلات الطلاق؟

عدم التفاهم بين الزوجين والتباعد الفكرى، إلى جانب تسلل الملل والفتور العاطفى بين الزوجينما يفقد كل منها مشاعره وأحاسيسه تجاه الآخر.

- وما الذى ينبغى عليهما فعله إذا وصلا لتلك المرحلة من الجفاء العاطفى؟

يجب أن يكون هناك تصالح مع النفس ومصارحة كل منهم للآخر باحتياجاته ورغباته وميوله، مع التأكيد على ضرورة الاحترام المتبادل بينهما، واتباع طرق مبتكرة لحل المشكلات بينهما، إلى جانب استرجاع ذكريات الحب التي كانت تجمعهما ليتمكنا من التغلب على الروتين والملل اليومي للحياة بينهما.

- وماذا عن إطلاع الأصدقاء على أسرار الحياة الزوجية؟

لاشك أن تدخل الأطراف الخارجية بطريقة غير لائقة وتطفلهم يؤدىإلى الطلاق، كإشراك الزوج أصدقائه وإطلاعهم على تفاصيل حياته ومشكلاته مع زوجته فيؤثرا بشكل أو بآخر على قراراته، وكذا الزوجة التى تستمع لنصائح صديقاتها والتى قد تضر حياتها أكثر مما تنفع، لذا ينبغى على الزوجين احتواء مشكلاتهما وعدم إطلاع أحد عليها لأن العلاقة الزوجية لها أسرار يجب المحافظة عليها.

- وما تعليقك على أن الإهانة والعنف الزوجى أحد مسببات الطلاق؟

العصبية فى التعامل وتعمد إهانة الزوج لزوجته أو العكس من أهم أسباب الطلاق،فعندما يضيع الاحترام فى أى علاقة يختفى الحب والتفاهم، وعندما يحل عدم التقدير بين الطرفين تفقد العلاقة رونقها فيميل كل منها إلى الاستغناء عن الآخر.

- بالرغم من وجود هذه الأسباب منذ القدم إلا أننا لم نشهد تلك الزيادة فى معدلات الطلاق بهذا القدر فما تعليقك على ذلك؟

كانت العادات والتقاليد قديما تجرم الطلاق إلا فيما ندر، لكن مع تغير المجتمع وتطور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي تشغل الناس وتستهلك مشاعرهم وتفصلهم عن بعض, فقد الكثيرون الدفء في العلاقات الزوجية ما تسبب فى زيادة المشكلات بين الزوجين التى تتسبب فى الطلاق.

- كلمات أخيرة تهمس بها في أذن زوجين احتدمت المشكلات بينهما وقررا الانفصال؟

الطلاق من أصعب القرارات المصيرية التي ستتخذونها فى حياتكما،فإذا كانت هناك فرصة للتصالح والتفاهم فيجب استغلالها، وعليكما أن تعرفا أنكما نسيج واحد سعادة أحدكما تنعكس على الآخر، وأخيرا تحليا بالصبر والمرونة ولتحاولا جاهدين إلى إصلاح العلاقة والإبقاء عليها فذلك خير.

المصدر: حوار: إيمان الدربي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1300 مشاهدة
نشرت فى 12 سبتمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,803,401

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز