منذ نشأة فن السينما وهو على خط التماس مع الواقع المجتمعى الذى يستمد منه قضاياه ليعبر عنه بأعمال فنية يجد فيها المشاهد نفسه، وقد كانت قضايا المرأة من أهم المحاور التى حظيت باهتمام صناع السينما خاصة فيما يتعلق بالطلاق وما يتبعه من تشريعات، حتى أصبحت السينما سلاحا مشهرا فى نضال المرأة للحصول على حقوقها المشروعة، ونجحت الومضات السينمائية المتتالية فى لفت الأنظار إلى كثير من الأوضاع الظالمة فى هذا الإطار حيث بحثت لها عن حلول جذرية يمكنها معالجة ما تعانيه من تشوهات.

فإذا قمنا بجولة عاجلة على ما رصدته السينما المصرية من أعمال تجسد لقضية الطلاق سنجد على سبيل المثال لا الحصر فيلم «امرأة مطلقة » الذى قدمته سميرة أحمد، و «الضائعة » لنادية الجندى، «أسفة أرفض الطلاق » و «البعض يذهب إلى المأذون مرتين » و «طلاق سعاد هانم »، و «إنذار بالطاعة » بطولة ليلى علوى.

أريد حلا

تجدرالإشارة إلىأن القصة الواعية التى قدمتها الكاتبة حسن شاه وجسدتها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة فىهذا الفيلم المؤثر والذي نجح فى تغيير قوانين الأحوال الشخصية عقب عرضه عام 1975 والذى يعد من أول الأعمال التى اصطدمت بهذا النوع من القضايا بشكل مباشر، وكان سببا فى إدخال بعض التعديلات على القانون ليصبح أكثر إنصافا للمرأة المصرية، وهو الفيلم الذى واجه المجتمع وكشف عن إجحاف قانون الأحوال الشخصية السائد وقتها، وكان السبب فى صدور قانون 44 لعام 1979 ، ولم تكن السينما المصرية أبدا لاعبا سيئا فى قضية الطلاق والأحوال الشخصية بصفة عامة، ولم تكن محرضا للمرأة ولا للرجل على الانفصال ولا هجر عش الزوجية ولا التفرق الأسرى، وإن وجدت بعض الأعمال المرحة فهى من قبيل رسم الابتسامة على الوجوه ليس أكثر، فضلا عن كونها منعدمة التأثير.

طلاق سعاد هانم

ومن أربعينيات القرن الماضى نندهش من اقتراب الفن السابع من قضية الطلاق، حينما قدم لنا أنور وجدى مخرجا ومؤلفا وممثلا ومنتجا ومعه عقيلة راتبوبشارة واكيمفى إرهاصة مبكرة لكون الظاهرة تؤرق المجتمع إنتاج سنة 1948، حيث يتحدث الفيلم عن طلاق الزوج لزوجته للمرة الثالثة ما يجعلها محرمة عليه، ويلاحظ أن قصة الفيلم تتشابه مع أعمال فنية جاءت من بعده مثل "زوج تحت الطلب" بطولة عادل إماموليلى علوى 1985، و "جوز مراتى" بطولة فريد شوقى وداد حمدى 1961، ومسرحية "الواد سيد الشغال" ما يعنى أن الفكرة رائجة جماهيريا على مدى أزمنة بعيدة.

موعد على العشاء

يأتى هذا الفيلم كواحد من أتقن الأعمال التى ناقشت قضية الطلاق فى ظل جبروت بعض الرجال، ولا نظن أن التشريعات القانونية يمكنها أن تقدم ما ينصف المرأة إزاء هذا التعسف والصلف الذىيتسم به بعض الأزواج وهو هنا ينتهى بتضحية مرعبة دفع كلا الطرفين ثمنها- الظالم والمظلوم -حيث تدور قصة الفيلمالذى عرض للمرة الأولى فى 16 نوفمبر عام 1981 حول قضية الإضرار بالمرأة جراء التعسف فى استخدام بعض الرجال لنفوذهم بما يضر بحق الزوجة فى الحياة، فنوال "سعاد حسنى" المتزوجة من رجل الأعمال المتسلط عزت "حسين فهمى" الذى تزوجها رغما عن إرادتها هو لا يرى فيها إلا قطعة ديكور دون أن يبادلها العواطف والمودة ولا يعير لها اهتماما، على عكس ما كان عليه فى فترة الخطوبة، تمل نوال من حياتها مع عزت وتطلب منه الطلاق لتتوالى الأحداث ،الفيلم من إخراج الرائع محمد خان، كما تطرقت حسن شاه فى روايتها التى تحولت إلى فيلم بعنوان "امرأة مطلقة" من إخراج أشرف فهمى عام 1986 إلى ثغرات القانون فى التعامل مع السيدات بعد وقوع الطلاق، إضافة إلى أعمال أخرى منها:"الضائعة" إخراج عاطف سالم1986، و "امرأة تدفع الثمن" 1993، وهى أعمال صنعت ردود أفعال وجدلا عند عرضها، ومن الأعمال التى ناقشت جانبا من قضية الطلاق والآثار المترتبة عليه فى سياق يمزج بين الجد والهزل فيلم المخرج عمر عبد العزيز "الشقة من حق الزوجة"  بطولة محمود عبد العزيز ومعالى زايد1985، وفيلم أحمد عواض "أريد خلعا" بطولة أشرف عبد الباقى وحلا شيحا 2005.

امرأة ترفض الطلاق

فى سياق دفاع المرأة عن نفسها بوصفها خير من يعبر عن الأضرار الواقعة عليها جاءت أفلام حسن شاه ككاتبة وإيناس الدغيدى مخرجة، وإلى جوارهما الممثلة والكاتبة نادية رشاد التى وهبت قلمهاللدفاع عن قضايا المرأة وكان لها مساهمتها فىتعديل القوانين لتصبح أكثر إنصافا للمرأة، من هذه الأعمال فيلمها المؤثر"آسفة أرفض الطلاق" إخراج إنعام محمد على عام 1980، وتدور أحداثه حول النقيض مما سبق، فمنى التى تهب حياتها لزوجها وعائلتها تجد زوجها فجأة يرغب فى الانفصال عنها وهو الأمر الذى ترفضه بشدة.

أريد خلعا

 تناول قضية الطلاق بشكل كوميدى لكنه يرسل رسائل تهم كل أسرة مصرية،الفيلم من بطولة أشرف عبد الباقى وحلا شيحا، وهذا الفيلم تحديدا ناقش قضية الطلاق بأكثر من وجهة نظر حيث يجعلك تتعاطف مرة مع الزوج وأخرى مع الزوجة ، وأخيرا على سبيل المثال نجد أيضا «محامى خلع » بطولة داليا البحيرى وهانى رمزى والذى ناقش نفس القضية بنفس الأسلوب الكوميدى الساخر حيث نجد الزوجة التى تصر على الطلاق لأسباب ضاحكة.

المصدر: كتب : طاهــر البهـى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1124 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,742,954

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز