سنوات عدة مرت ونحن نلهث وراء منح ذوي الإعاقة وبالأخص من أبنائنا الصغار في كافة المراحل التعليمية حقوقهم التي تساعدهم على الحياة بصورة طبيعية بل وتدفع بهم نحو تحقيق التميز والإبداع في كافة المحافل، حتى بدأت القيادة السياسية ليس فقط مع انطلاق عامهم في 2018 ولكن منذ السنوات الأخيرة الماضية تولى هذه القضية اهتمام كبيرا وعناية فائقة، بما يمكنهم من المشاركة بفاعلية جنباً إلى جنب مع باقي أفراد المجتمع، وهو ما لمسته بنفسي عن قرب من خلال حضوري للملتقى العربي الأول لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة والدمج، والذي نظمته وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بالتنسيق مع عدد من الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المدني، بحضور وتشريف سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ودعونا نستعرض بعضا مما لمسته من جهود للاهتمام بذوي الإعاقة وبخاصة في المجال التعليمي الذي يؤثر بصورة كبيرة على مستقبل أبنائنا، حيث نجد اهتماما ملموسا بدمج الطلاب ذوي الإعاقة في الفصول النظامية بالمدارس، بل وصدور القرارات المنظمة لذلك من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بالإضافة إلى قرار المجلس الأعلى للجامعات بقبول الطلاب ذوي الإعاقة السمعية في الجامعات المصرية، وفي رأيي فإن هذه الخطوات تعزز الاتجاة نحو تنشئة الأجيال الجديدة على مبادئ عدة نحتاج إليها ألا وهي دعم ومراعاة الآخرين والتعامل معهم دون تمييز بل وتقبلهم كأي أفراد عاديين خاصة وأن الكثير من هؤلاء الآخرين - إذا كنا ننظر إليهم نظرة محدودة كآخريين - منهم قد نجحوا بالفعل في تحقيق تميز ملحوظ ليس فقط على المستوى التعليمي ولكن أيضا الرياضي والعملي، والأمر لا يتوقف فيما يتعلق برعاية ودعم طلابنا من ذوي الإعاقة عند حد هذه الخطوات فهناك اهتمام كبير بالعمل على دمجهم جميعا في سن التعليم قبل الجامعي داخل المؤسسات التعليمية، سواء المنشأة خصيصاً لهم، أو مدارس التعليم الدامجة، وهي خطوة سيكون لها مردود كبير على مستقبلهم، خاصة مع ما حققه الكثيرون منهم من إنجازات للوطن وبخاصة في المجال الرياضي، بما يثبت أن الإعاقة لا يمكن أن تشكل عائقا نحو الاستمرار والتميز وأن أبناءنا هؤلاء والذين توليهم الدولة اهتماما خاصا وملحوظا لابد وأن يجدوا الدعم ليس فقط من كافة مؤسسات الدولة ولكن أيضا من مؤسسات المجتمع المدني والأفراد العاديين، ولا أقصد بالدعم هنا فقط الدعم المادي الملموس أو الدعم المعنوي، ولكني أعني الدعم الذي يرتكز على تغيير نظرة ورؤية المجتمع ككل وتعامل كافة أفراده معهم، فالإعاقة ليست عائقا وهو ما أثبته أبناؤنا هؤلاء بالدليل الدامغ في كافة المحافل، بل ربما تكون حافزاأكثر نحو النجاح والتميز، وبالتالي علينا أن نهتم جميعا كمؤسسات وأفراد بل وأسر بتنشئة أبنائنا على البعد عن التمييز السلبي للآخرين وبالخاصة من ذوي الإعاقة بل وتقبلهم بل والتعامل معهم بصورة إيجابية كأفراد عاديين سواء داخل المدارس أو الأماكن العامة وغيرهما، علينا أن نربي الأجيال القادمة على احترام الآخر ومعاملته وفقا لأدائه وعطائه وقدرته على النجاح وأخلاقه، وليس وفقا لمعايير أخرى غير مؤثرة ولا تشكل فارقا، ودعونا نستعير ما نهجته وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تأكيدا على هذا المبدأ من خلال إطلاقها مؤخرا لحملة "قادرون باختلاف" والتي تعني بتوعية كافة فئات المجتمع وبالأخص الطلاب بل وذوي الإعاقة أنفسهم بتقبل الآخر ومعرفة حقوقه وإقرارها، والأمر لا يتطلب منا سوى أن نكون قادرين على العطاء والإنسانية.
ساحة النقاش