أطلقت وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج مبادرة تحت عنوان «اتكلم مصري » بالتعاون مع المجلس القومى للأمومة والطفولة للحفاظ على الهوية المصرية واللغة العربية وبخاصة لأبنائنا المقيمين بالخارج، إلا أن هذه الجهود و غيرها مما يبذل للحفاظ على لغة ابنائنا لن تؤتى ثمارها دون قيام المرأة المصرية بالدور المنوط بها خاصة مع ما نعانيه من ابتعاد ابنائنا عن الحديث باللغة العربية واللهجة المصرية بشكل صحيح ، فإلى أى مدى تهتم الأمهات بتعليم أبنائهن اللغة العربية بما يحافظ على هويتهم ، وما الوسائل التى تساعدهن فى الحفاظ على لغتنا الجميلة؟
فى البداية تقول نوال مهدى، مدرسة لغة عربية: لقد صور الشاعر حافظ إبراهيم الحال الذى تمر به اللغة العربية وما تتعرض له من غزو ثقافى فى عدة أبيات نظمها منذ سنوات عديدة وهى "أنا البحر فى أحشائه الدر كامن..فهل سألوا الغواص عن صدفاتى ..فلا تكلونى للزمان فإننى ..أخاف عليكم أن تحين وفات"لذا فإن على الأسرةدور كبير فى الاهتمام باللغة العربيةوغرس الانتماء فى نفوس الأبناء من خلال تعلمها وإجادتها وعد إهمالها والاهتمام باللغات الأجنبية.
وترى دعاء إبراهيم، موظفة أن صعوبة المناهج التعليمية خاصه منهج اللغة العربيةوراء عزوف كثير من الطلاب عن اللغة العربية، داعية القائمين على العملية التعليمية إلى مراعاة عقلية الطالب ومرحلته العمريةعند وضع المناهج من خلال الاستعانة بالخبراء لتسهيل المناهج، لافتة إلى أن الكثير من المدارس الخاصةوالدولية تهتم باللغة الأجنبية وتسعى بشكل كبير لتسهيل مناهجها لضمان استيعاب الطلاب لها عكس اللغة العربية ما جعل الطالب يرى أن اللغة الإنجليزيةأسهل من العربية.
وتقول هبه محمد،مقيمة بإحدى الدول الأوروبية: أسعى دائما لتعليم أبنائى اللغة العربية فى المنزل باستمرار،حيث أحرص دائما على التحدث بها فى المنزل لزرع حبها والانتماء لمصر فى نفوسهم منذ الصغر,كما أهتم بحضور التجمعات العربية وزيارةأصدقائى المصريين والعرب، معتبرة مبادرة "اتكلم مصرى" دعوة قوية للمصريين بالخارج لربطهم بمصر ولغتهم الأم، لافتة إلى أن للسفارات المصرية بالخارجدور قوى فى الربط بين المصرى المهاجر وبلده.
اتكلم لغتك
يقول عبد الرحمن محمد، طالب: انتشار "الفرانكو أراب" وسهولته بين الشباب جعلنى والكثيرين ننسى اللغة العربية وكذا الإنجليزية، فأحيانا كثيرا أثناء المذاكرةأنسى بعض الكلمات وأكتبها مثلما أكتب على صفحات التواصل الاجتماعى "فيس بوك، وواتس اب".
أما شهيرة حمدى، ربة منزلفتدعو كافة وزارات الدولة ومؤسساتها إلى تبنى المبادرة ونشرها, قائلة: المشكلة الأكبر عندما نكون فى دولة عربية كمصر ونجد الأمهات والأباء يسعون لإلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصةلتعليمهم اللغات الأجنبية باعتبارها أحد أهم متطلبات سوق العمل فى الوقت الذى يأتى تعلم تلك اللغات على حساب اللغة العربية.
الاغتراب الداخلى
تعلق د. سوسن فايد،أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعيةعلى المبادرة وآراء المواطنين حولها قائلة: لابدأن تستهدف المبادرةجميع المصريين سواء فى الداخل أو الخارج, فهناك غزو لثقافتنا ولغتنا العربية, لكننا شعب قوى محب للغته ومحافظ عليها لسنوات بل لقرون ومعتز بثقافته وحضارته, وهناك من تعرض للاغتراب الداخلى داخل المجتمع المصرىمن خلال النظر إلى اللغات الأجنبية على أنها المستقبل, بالإضافةإلى حرص الأهل على إلحاق أبنائهم بمدارس أجنبية لتعلم اللغة الإنجليزية واعتبار العربية لغة ثانية، بالإضافة إلى ظهور "الفرانكو أراب" بين رواد مواقع التواصل الاجتماعى حيث يكتبون الكلمات العربية بحروف إنجليزية.
وتابعت: لا شك أن اللغة نافذة نطل منها على الآخر ما يجعل من تعلم اللغات الأخرى أمرا مهما انطلاقا من قول الرسول "صلى الله عليه وسلم" "من عرف لغة قوم أمن مكرهم"، لكن يجب أن نتقن لغتنا أولا فهى هويتنا وليكن اعتزازنا بلغتنا الأم وليس كما يحث فى مجتمعنا الحالى حيث نتفاخر بمصطلحات أجنبية قد لا نعرف معناها فى اللغة العربية، وأؤكد أن الحفاظ على الهوية المصرية يبدأ من الاهتمام وتعلم اللغة العربية. وهذا الإهتمام يبدأ مما تعلمه
الأم لأبنائها.
آليات وإمكانيات
أما د. نورا رشدى، أستاذ العلاقات الأسرية فتشير إلى أنه يجب إعان اللغة العربية كلغة أساسية فى جميع المدارس الموجودة فى مصر، مع تسهيل المناهج التعليمية للطالب حتى يتمكن من التفاعل معها، وأخيرا غرس الثقافة العربية من خال تنظيم المسابقات الثقافية أو تحفيظ القران الكريم وغيرها من الطرق التى تمكن الطالب من إتقان اللغة العربية.
وتضيف: هذا عما يمكن أن نقوم به اكمالا لدور الأم وهو دور أساسى فى هذا الإطار حيث تعد المعلم الأول للطفل، لذا أنتقد ما تقوم به بعض الأمهات من الإعتماد على الحديث مع اطفالهن فى سنوات الطفولة الأولى ببعض الكلمات الأجنبية وبخاصة أمام الآخرين حيث يجعل هذا الأسلوب الطفل ينظر إلى لغته الأصلية وهى اللغة العربية على أنها تأتى فى المرتبة الثانية، وأن الحديث بها وبخاصة أمام الآخرين يعد أمر بعيد عن الأناقة والجمال، ومع الوقت يعتاد هذا مع زملائه بالمدرسة أو النادى فيصبح هو أيضا مصدر للحديث بهذه الطريقة بن اقرانه، لذا فعلى الأم أن تدرك أن إعتزاز الطفل بلغته الأصلية ينمى لديه روح الإنتماء والولاء بل ويعد أولى درجات حب الوطن، وهو ما نسعى إلى تحقيقه وبخاصة فى المرحلة الحالية، من هنا أنصح كل الأمهات أن يكن المرجع اللغوى الذى يكتسب منه الطفل مفرداته اللغوية الأصيلة بل وينشأ عليها، فلنتحدث مع ابنائنا باللغة العربية بل ونعمل على تقويمهم أثناء الحديث أول بأول إذا لجأوا إلىإستخدام مفردات لغوية غير عربية.
ساحة النقاش