مع بلوغ الإنسان عقده السادس يمر بالعديد من التغيرات التى تطرأ على حياته نفسيا واجتماعيا وصحيا كالعصبية والميل للعزلة والقلق الدائم والتى قد تثير غضب الأبناء أو يعجزون عن التعامل معها، فما الطريقة المناسبة التى يمكنهم من خلالها التعامل مع مشكلات مرحلة الشيخوخة دون تأفف أو ضجر؟

سؤال طرحناه على خبراء النفس والاجتماع فكانت هذه السطور..

فى البداية تقول أمينة محمود: أصبح والدى سريع الغضب خاصة بعد إحالته على المعاش، فهو لا يطيق روتين الحياة الممل والجلوس لساعات طويلة بالمنزل دون عمل أو نشاط يملأ من خلاله وقت فراغه، ورغم محاولاتنا الالتفاف حوله والاهتمام به إلا أنه أصبح عصبى للغاية ولا يرضيه أي شيء، وقد يصل به الأمر للامتناع عن الطعام أو طلب أطعمة معينة لا تناسب حالته الصحية.

وتقول ياسمين على، طالبة: يرفض والدى تناول الدواء أو الذهاب للطبيب لمتابعه حالته الصحية، ورغم حرصنا على إشراكه فى كافة أمور حياتنا إلا أنه يميل إلى العزلة ويفضل الجلوس منفردا، وعندما نعرض عليه استشارة طبيب نفسى يرفض ولا يستجيب لتعليماته.

بينما يشتكى سليم حجاج من مشاعر الخوف والقلق الدائمة التى تعترى أمه ويقول: بعد وفاة أبى أصبحت أمى تعانى القلق الدائم والاضطراب النفسى خاصة وأننى ابنها الوحيد ولا يوجد أحد يرعاها أثناء تواجدى فى العمل.

الحياة الممتدة

بعد التعرف على المشكلات التى تواجه الأبناء خلال تعاملاتهم مع ذويهم من كبار السن ما الطريقة المناسبة لمواجهة التغيرات التى تعترى الآباء خلال مرحلة الشيخوخة؟

تقول د. هند فؤاد، خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: تختلف حالة المسن وفق شخصيته وجنسه واللذين يحددان المشكلات التى يعانيها كبار السن، فالرجال أكثر تأثرا من السيدات، حيث تحاول الأم بعد بلوغها الستين أن تشغل وقتها بأبنائها ومتابعتهم مهما انشغلوا عنها، كما تتفاوت هذه المشكلات تبعا لظروفه الصحية ووضعه الاجتماعى فمثلا الطبقة الفقيرة أو المتوسطة نجد أن دور كبار السن ممتد للأحفاد ولا يقتصر دورهم على تربية أبنائهم فقط وقد نجدهم مسئولين على أسر أبنائهم ويتحملون العبء المادى لهم الأمر الذى يشعرهم بالسعادة لاستمرار دورهم فى الحياة، بينما تظهر فى الطبقة العليا المشكلات الاجتماعية والنفسية بشكل أكبر لانشغال الأبناء بالسفر والعمل وكذا الأحفاد، لذا أنصح الأبناء بعدم ترك آبائهم وأمهاتهم فريسة للوحدة والإصابة بالاكتئاب ومشاركتهم وقتهم ومحاولة استيعابهم ودمجهم فى حياتهم والاستفادة من آرائهم التى كونتها السنين والمواقف.

الاحتواء

يرى د. إبراهيم مجدى، أخصائى الطب النفسى أن مشكلات الأبناء مع آبائهم من كبار السن تتمثل فى الأمراض النفسية كفقدان أو ضعف الذاكرة وقلة التركيز والإصابة بالاكتئاب والزهايمر بالإضافة إلى العصبية الشديدة وتصلب الشرايين وأمراض الشيخوخة، إلى جانب اضطرابات النوم، لافتا إلى ضرورة التعامل مع تلك الاضطرابات بمرونة وهدوء، مؤكدا أن أمراض الشيخوخة لا تستجيب بشكل كبير إلى الأدوية، ناصحا الأبناء باحتواء آبائهم بالحب واستيعابهم فى تلك المرحلة العمرية الحرجة.

يوضح د. وليد عبد العال، أستاذ طب وصحة المسنين بجامعة عين شمس، أسباب إصابة كبار المسنين بعدد من الأمراض قائلا: ترجع الإصابة بالاكتئاب والزهايمر وخليط من الخرف الوعائى نتيجة الإصابة بجلطات متكررة فى المخ، وقد يصاب المسن بالشلل الرعاش ما يجعله شخصية متوترة وعنيفة الأمر الذى يحتاج علاج ومتابعة مستمرة، بالإضافة إلى اضطرابات سلوكية عديدة, فقد يفاجئ أبنائه أنه يتلفظ بألفاظ بذيئة وليست من سلوكياته أو يصاب بهلاوس سمعية وبصرية ويتخيل أشياء وشخصيات غير موجودة، ومن مشكلات هذه المرحلة والتى لا يعرف الأبناء كيفية التعامل معها عدم قدرته على المشى ورفضه استخدام الكرسى المتحرك، وهنا يجب أن يكون أبناؤه دائما إلى جواره ويشعروه بأهميته – رغم عجزه - من خلال مشاركته فى قضاء حاجاته اليومية دون قسوة فى التعامل أو إبداء التذمر من تصرفاته أو ردود أفعاله التى قد تكون غير ملائمة فى أحيان كثيرة، أما إصابة المسن بالأمراض العضوية مثل أمراض القلب والسكر والضغط فيجب الاستعانة بالطبيب المعالج لمتابعه حالته والمداومة على أخذ الأدوية فى وقتها ولن يتم ذلك إلا إذا شعر المسن بحب وخوف واحتواء أسرته له وأن رعايتهم له هي جزء من حبهم وتقديرهم لما فعله من أجلهم.

ويضيف: يصاب كبار السن بالقلق والتوتر سواء على الأبناء أو الأحفاد أو الخوف من اقتراب الأجل، وبالتالى فإن العلاج يعتمد على المعاملة الاجتماعية والسلوكية السليمة، حيث يعطى الابن لأبيه القليل من يومه ومساعدته فى استكمال باقى أنشطة حياته ومشاركته الأحداث والخروج سويا، بالإضافة إلى تبادل الأحاديث عن الماضى والحاضر والمستقبل وبالتالى يشعر المسن بأنه لم يفقد قيمته، كما أنصح بمتابعة المسن من خلال الأخصائى المعالج حتى تتحسن حالته.

المصدر: كتبت: أميرة إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 758 مشاهدة
نشرت فى 15 نوفمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,832,046

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز