أحداث عايشناها وأجواء من المحبة والألفة ودفء العائلة التى تميز بها رمضان زمان جمعت بيننا، وبعد تقدمنا فى العمر وتبدل الأدوار لنتحول من الأبناء والأحفاد إلى الآباء والأجداد عادت الذكريات لتدغدغ مشاعرنا ويسيطر الحنين إلى الماضى على جوارحنا. وبين فضول من لم يعايش الماضى وحنين من عاصره كان هذا الباب الذى نتعرف من خلاله على طقوس رمضان زمان..
تسترجع الكاتبة الكبيرة والروائية سكينة فؤاد ذكريات رمضان قائلة: أهم ملامح الشهر الفضيل كان الدفء الإنسانى خاصة قبل وجود التليفزيونات، فكانت القصص والحواديت والفوانيس ولمة العيلة والتواصل والتراحم بين الناس هى ملامح هذا الشهر الكريم، كما كان بداية لزرع القيم الأخلاقية فى الأبناء، فمازلت أذكر لأمى -رحمة الله عليها- وأنا فى التجارب الأولى للصيام وعندما داعبتنى رائحة حلوى رمضان فبدى لأمى أن نفسى تراودنى ألا أكمل صيامي، فقالت لى مقولة لا أنساها: «إن كل العبادات يراها الآخرون أما الصيام فلا يراه إلا الله، والصيام تحدي، وبقدر ما أنت قوية ستنتصرى على كل المغريات حولك .»
وتتابع: رمضان زمان كان فى الشارع المليء بالزينة، وكانت أمى حريصة على تغيير شكل البيت كله وإعادة ترتيب أثاث المنزل، وتغيير المفارش بأخرى مطرزة بالخيامية.
أما عن العلاقات الإنسانية خلال شهر رمضان زمان فتقول: كان التراحم والتواصل بين البشر مباشر قبل اختراع وسائل التواصل الاجتماعى التى ربما تعتقد الأجيال الجديدة أنها بديلا عن التواصل الإنسانى المباشر، وأستغل كلامى هنا لأوجه رسالة لكل الشباب أن يحرصوا على التواصل الإنسانى خاصة مع من تقدمت أعمارهم، وهو ما كنا نحرص عليه مع الأقارب والجيران الذين كانت تجمعنا بهم مشاعر وثيقة وقوية.
وعن مائدة رمضان قديما تقول: نفس الأمهات والجدات فى الطعام لا يوجد مثله لذا كانت الحلوى الرمضانية تصنع بالكامل فى البيوت سواء كانت قطايف أو كنافة أو مهلبية قمر الدين وكان يتم توزيعها على الجيران.
وختمت الكاتبة الصحفية حديثها برسالة وجهتها إلى المصريين عامة وربات البيوت خاصة قائلة: أتمنى أن نتوقف عن تحويل شهر رمضان -الذى من المفترض أن يكون شهرا للصيام- لشهر للإسراف فى الطعام، وأن تدرك الأجيال الحالية والشباب المشاعر الروحية والدينية التى يتميز بها هذا الشهر الفضيل.
ساحة النقاش