كتبت : أسماء صقر
تحرص الأمهات على تدريب أبنائهن على صيام رمضان وتعريفهم فضله وحثهم على التحلى بالأخلاق الحسنة وذلك من خلال اتباع العديد من الأساليب فى مقدمتها التحفيز والمكافأة، وحتى تتبع الأم الطرق والأساليب التربوية الصحيحة التى يستفيد منها الأبناء توجهت "حواء" إلى علماء النفس والاجتماع للتعرف على الأساليب المثلى لتعويد الأطفال على الصيام..
فى البداية يقول د. جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة عين شمس وأمين لجنة قطاع الطفولة بالمجلس الأعلى للجامعات واستشارى العلاج النفسي بوزارة الصحة: الاهتمام من الآباء والأمهات على تعويد أبنائهم الصوم والصلاة منذ الصغر أمر عظيم في غرس القيم الدينية داخلهم، ويبدأ تدريبهم على ذلك بالتدريج حيث يمكن تعويدهم خلال شهر شعبان حيث يبدأ الطفل بالصوم لعدد ساعات معينة حسب قدرته العضوية والنفسية مع تجنب استخدام مبدأ العقاب والإجبار، وتشجيعه وتحبيبه في الصوم من خلال مبدأ المكافأة وإخباره أنه سينال الثواب الكبير من الله سبحانه وتعالي مع سرد القصص البسيطة أمامه عن أهمية الصوم وسبب فرضه.
ويتابع: يجب على الوالدين معرفة قدرات الطفل وإعطائه الحرية في صوم عدد الساعات التي يريدها والثناء عليه ومدحه أمام إخوته والأقارب والأصدقاء ليتحمس على زيادة عدد ساعاته وبهذا يتعود على الصوم تدريجيا، مع مراعاة الفروق الفردية التى تختلف من طفل لآخر فى الناحية النفسية والجسمانية والعقلية، والوالدان هما المسئولان عن تحديد قدرة الطفل على الصيام وفقا لحالته الصحية.
غرس القيم
تقول د. عزة أحمد صيام، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها: يجب تعويد الطفل على الالتزام بالصلاة بجانب الصوم والتعامل بالحسنى مع الآخرين وتحفيظه آيات قرآنية قصيرة والاهتمام بمشاركة الأبناء في إطعام المحتاجين والتجمع مع الأهل والأصدقاء عند موعد الإفطار والسحور لأن مشاهدته ذلك يترك أثرا كبيرا في نفسه ويجعله يقبل على الصيام، وتعويده الذهاب للمسجد وهو في سن صغيرة قبل سن التكليف الشرعي، فقد أثبتت الدراسات التربوية أن تشجيع الطفل على الصيام يؤدى إلى اكتساب عادات غذائية وروحية وأخلاقية تستمر معه فى الكبر.
وعن طرق غرس القيم الدينية داخل أطفالنا تقول د. هناء جلال، أستاذ أصول التربية بجامعة المنوفية: تبدأ تنمية القيم الدينية من خلال ثلاث مراحل، الأولى غرسها بإعطاء معلومات عنها ثم العمل على تعزيزها والثالثة التفاعل والتطبيق ما يجعله يستجيب لما نعلمه إياه، كما أنصح الوالدين باستخدام المحفزات للأطفال والتوجيه والمتابعة من وقت لآخر والمكافأة على ما يقدمون عليه من أمور إيجابية.
السلوكيات الطيبة
يرى د. أسامة رأفت سليم، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، أنه يجب على الآباء اغتنام فرصة شهر رمضان والصيام لتدريبهم وتأهيلهم على اكتساب السلوكيات الحميدة في تصرفاتهم وحياتهم اليومية، ويقول: لا يوجد أفضل من الصوم لغرس السلوك الطيب في نفوس الطفل، كما أن الشهر الفضيل فرصة عظيمة للتصالح مع النفس والآخرين في حالة الخصومة مع الأصدقاء، وأنصح بزيارة الأهل وتنظيم العزومات الرمضانية لزيادة التفاعل الاجتماعي، والحرص على معايشة الطفل لجو الصيام وقت الإفطار والسحور، وينبغي على الأمهات تقليل الجهد البدني للطفل أثناء الصيام، مع تعريف الطفل بالأعذار التى تبيح الإفطار كالمرض والسفر لفترة طويلة حتى لا يتعجب إذا قابل بعض المفطرين، وإذا شعر بالتعب وأفطر فلا يجب معاقبته بالضرب حتى لا يعتاد الكذب، ويجب متابعة الوالدين لنوعية وكمية الطعام التي يحتاج إليها جسم الطفل ليكون قادرا على الصيام دون إرهاق.
وتقول د. إيمان خميس، أستاذ علم نفس الطفل بجامعة المنوفية: لا شك أن إشراك الطفل في إعداد المشروبات البسيطة الرمضانية أو عمل السلاطة يعوده الصبر أمام إغراء الطعام، وكذلك يجب إعداد ملابس خاصة لطفلك ليترسخ في ذهنه أن الصيام يعني التجديد وحسن المظهر، وعلى الأم أن تترك طفلها يلعب بحرية مع الاعتدال حتى لا يصيبه الشعور التعب ويجعله غير قادر على إكمال الصيام، مع ضرورة تعليمه أن الصوم يقوى في نفسه المراقبة، وأنصح بضرورة تقديم الغذاء المتوازن للطفل الذي يعوضه عن الصيام ويساعده على مقاومة العطش والجوع.
السن الشرعى
تقول د. ناهد نصر الدين عزت، أستاذ علم الجمال بجامعة القاهرة والتنمية البشرية: عند تعويد الطفل الصيام يجب منعه من الأغذية الضارة والاعتماد على الأطعمة الخفيفة كالفاكهة حتى يتعود على الأسلوب الغذائي والصحي السليم، كما أن الحرص على تزيين المنزل بالزينة الرمضانية وسماعه أغاني رمضان ترسخ في وجدانه أن هذا الشهر عنوانا للرحمة والخير والبركة، وأشدد على عدم تخويف الطفل من الله سبحانه وتعالى، فالتربية بالحب أفضل من الإكراه والعنف.
أما عن السن الشرعى لصيام الطفل فيقول الشيخ أحمد الصباغ، أحد علماء الأزهر الشريف: رهن الشرع الحنيف السن الذي يبدأ فيه الوالدين بتعليم أولادهما الصيام بالطاقة والتى تختلف تبعا لبنية الطفل، فالصغير لا يلزمه الصوم حتى يبلغ لكن
يؤمر به متى أطاقه ليتمرن عليه ويعتاده فيسهل عليه بعد البلوغ، وقد كان الصحابة "رضي الله عنهم" يصومون أولادهم وهم صغار وإن بكى الصغير منهم يعطونه اللعب ليتلهى بها، لكن إذا ثبت أن الصيام قد يضر بالطفل وجب إفطاره، وعلى الوالد اصطحاب أبنائه إلى المسجد لتعويدهم الصلاة وترغيبهم فى أداء الفرائض، وإخبارهم أن الصوم أحد أركان الإسلام وأعظم القربات إلى رب العالمين، وأنه فرضه على المسلمين وسجل ذلك في القرآن ليبقى خالدا، قال تعالي "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، وأن الله جعل أجر الصيام مختصا به، فعن أبي هريرة "رضي الله عنه" عن النبي "صلى الله وعليه وسلم" أنه قال "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به"، وتعليمهم أن ركنا الصوم النية والامتناع عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
ساحة النقاش