كتب : محمد عبدالعال

أثارت مبادرة زواج التجربة التى أطلقها المحامى د. أحمد مهران جدلا واسعا خلال الفترة الماضية بسبب غموض الفكرة وتفسير المجتمع لها كونها أشبه بزواج المتعة أو المسيار المحرمين شرعا، فلا يوجد في الإسلام تحديد مدة للزواج أو تجربة، لذا حدث الالتباس والغموض بسبب تلك الدعوة، وحرصا من مجلة حواء على استيضاح الصورة كاملة ومعرفة ماهية الفكرة والرأي القانوني والشرعي كان لنا التحقيق التالى.

فى البداية تقول رشا سامى: إن زواج التجربة ما هو إلا فرصة أخيرة للطرفين، إذ ترى أن المشكلة الأساسية في الحياة الزوجية هو غياب التفاهم بين الزوجين لكن في هذه الحالة فهما يوثقان كل متطلباتهما بأوراق رسمية.

وترى زينب توفيق أن توثيق شروط الزوجة بعقد الزواج أفضل بكثير من عقد أو ورقة منفصلة يكتب عليه زواج التجربة فالاسم غير مستحب على الإطلاق خاصة أنه أثار جدلا بعدما عرف عنه أنه تحديد لفترة الزواج بمدة ثلاث سنوات وهو ما ينكره صاحب الفكرة الآن بعد رفض المجتمع لها.

وتقول بسمة عاطف: إنه لا يجوز أن يكون العقد مدنى في مكتب محامٍ، وإذا أراد الزوجان وضع شروط فلتكن في خانة الشروط الموجدة في العقد الأصلى.

عقد مدنى

يقول د. أحمد مهران، أستاذ القانون العام وصاحب فكرة "زواج التجربة": حدث جدل كبير جدا في الشارع المصرى والدول العربية على المبادرة التي أطلقتها منذ ثلاثة شهور خاصة عندما نشر أحد العقود التي قد أبرمتها لما يعرف بزواج التجربة، وقد نشأت لدى الفكرة بحكم عملى بالكثير من قضايا الأسرة حتى أصبحت أشتهر أننى محامٍ لتلك الأنواع من القضايا، فأغلب من يرفعن القضايا من السيدات يؤكدن أن الزواج تجربة فاشلة وهذا هو السبب الفعلى الذى استعرت منه عنوان المبادرة باعتبار أن الزواج ما هو إلا تجربة اجتماعية تحدد من خلاله شكل ونمط الحياة التي من الممكن أن تعيش فيها داخل الأسرة.

وأوضح مهران أن أول سؤال تسأله له السيدات ما الفرق بين الخلع والطلاق وما الخسائر التى تترتب على أى منهما، وهو ما جعله يرى أن المكاسب والخسائر المادية لها بعد كبير جدا في تحديد القرار إذا كانت الدعوة ستكون خلعا أو طلاقا أو العدول من الأساس عن الفكرة والعودة للزوج وأن الرجال أيضا يفكرون بنفس الطريقة المادية.

وكشف د. مهران أنه قام بتوثيق 221 عقد "التجربة" خلال الفترة الماضية، موضحا أن تلك العقود مسماها القانوني هو عقد مدنى ملحق بقسيمة الزواج  الشرعية يضع فيها الزوجان الشروط التي من وجهة نظرهما تضمن استمرار الزواج، على أن تكون أحد الشروط إذا خالف الزوج أى شرط من حق الزوجة طلب الطلاق كما يحق له تطليقها حال عدم التزامها بالشروط.

رأى شرعى

أعلنت دار الإفتاء فى بيان لها أن الزواج في الإسلام عقد مصون، عظمه الشرع الشريف، وجعله صحيحًا بتوفر شروطه وأركانه وانتفاء موانعه، شأنه كشأن سائر العقود، فالعبرة فيه بالمسمى، لا بالاسم، أي: النظر الشرعي لعقد الزواج يكون على مضمونه لا على اسمه؛ فمن أَجل الحكم على عقد زواجٍ بالصحة أو البطلان لابد من تصور صحيح لمضمونه، دون إغراق النظَر لحداثة اسمه.

وأوضح البيان أن "زواج التجربة" مصطلح يحمل معاني سلبية دخيلة على قيم المجتمع المصري المتدين الذي يَأبى ما يخالف الشرع أو القيم الاجتماعية وتم استخدامه لتحقيق شهرة زائفة ودعاية رخيصة في الفضاء الإلكتروني.

وأهابت دار الإفتاء فى بيانها بجميع فئات المجتمع عدم الانسياق وراء دعوات حَدَاثة المصطلحات في عقد الزواج التي ازدادت في الآونة الأخيرة والتي يكمن في طَياتها حب الظهور والشهرة وزعزعة القيم، مما يحدث البلبلة في المجتمع، ويؤثر سلبا على معنى استقرار وتماسك الأُسرة التي حرص عليه ديننا الحنيف ورعته قوانين الدولة، مؤكدة أن تجنب الخلافات الزوجية لا يكون مسلكه وضع الشروط الخاصة والحرص على كتابتها تفصيلًا في وثيقة الزواج الرسمية، أو إنشاء عقد آخر منفصل مواز لها بل سبيله مزيد من الوعي بمشاورة المختصين والتنشئة الزوجية السليمة، والتأهيل للزوجين بكافة مراحله، وهذا هو ما تحرص عليه دار الإفتاء المصرية عبر إداراتها المختلفة في سبيل خلق وعيٍ وإجراءات وقائية لضمان استمرار الحياة الزوجية، وذلك عن طريق عدة دورات متخصصة لتوعية المقبلين على الزواج، وطُرق حل المشكلات الأسرية.

الشريعة تصون المرأة

من جانبه يقول د. أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إن الشريعة الإسلامية تحرم قطعا ما يسمى بالتجربة أو المتعة أو تحديد المدة في الزواج، مؤكدا أن التجربة فقط في البيع والشراء ليست في زواج قائم على سكينة ورحمة، فالدين الإسلامى حافظ وحرص على كرامة المرأة ومنع الرجل من التعرض إليها أو إيذائها بأى صورة، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية كفلت للمرأة الحق فى رفع أمرها للقضاء للتطليق للضرر، مؤكدا أن المجتمع يحتاج إلى توعية لفقه الأسرة، مشددا على ضرورة وجود دورة تأهيلية للمقبلين على الزواج للتعرف على الحقوق والواجبات الزوجية.

لا يختلف عن الوثيقة الرسمية

يقول المحامى محمود سلامة، المختص بقضايا الأسرة: إن تحديد المدة في عقد الزواج يبطل العقد وهكذا فسر الجميع زواج التجربة في بداية طرح الفكرة وانتشارها، إلا أن التفسير الذى يطرحه الدكتور أحمد مهران صاحب المسمى والفكرة الآن في الموضوع ما هي إلا شروط يمكن وضعها بالفعل في عقد المأذون المستخرج من وزارة العدل وللزوج والزوجة الحق في ذلك ولا يرى ضرورة لانفصالها في ورقة أخرى وأعتبرها عقد مدنى منفصل، فشروط عقد الزواج تكون في الأغلب منحصرة في بعض البنود منها قائمة المنقولات ومن يكون له حق الانتفاع بالوحدة المنزلية في حالة الطلاق أو عند اقتران الزوج بأخرى إلا بإذن كتابى من الزوجة، أو رصد مبلغ مقطوع أو راتب دورى يدفعه الزوج لزوجته إذا طلقها.

أما عن رأى علم الاجتماع فيرى د. حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أنه لا يمكن أن يبنى زواج على ما يعرف بالتجربة، فالزواج في الأساس استقرار أما تحديد مدة أو تجربة فهى تدعو إلى عدم تماسك المجتمع وتفككه لأن الأسرة هي النواة الأولى التي يبنى عليها المجتمع، أما بخصوص ما يعرف بالشروط فأكد أنها إن كانت لا تمس صلب العقد وتماسكه وهو ما سيبنى به الأسرة والمجتمع فيما بعد فلا مانع منه، فمن عهود سابقة هناك شروط لا تخل بالعقد شرعا أو بالعادات والتقليد القائم عليها المجتمع مثال القائمة أو إخطار الزوجة قبل الزواج فما اتفق عليه في المجتمع ولا يمس ثوابته الدينية والاجتماعية لا يؤثر سلبا في نسيجه.

المصدر: كتب : محمد عبدالعال
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 250 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,755,176

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز