كتب : عادل دياب

يعشن معنا بأفكارهن وأعمالهن العظيمة، فلا ننسى أن المصرية كانت قديما ملكة متوجة بينما العالم يعيش في الكهوف، وظلت حديثا في المقدمة تسبق غيرها بخطوات. إنهن نساء رائدات نتذكرهن ونفخر بهن.

[email protected]

إذا نظرنا إلى الأمر بعيوننا اليوم، فسوف نرى ما فعلته أمرا ممكنا رغم صعوبته، لكن إذا نظرنا إليه بعيون وقته، فسوف ندرك أن الكابتن طيار لطفية النادي أول امرأة مصرية وعربية وثاني امرأة في العالم تحصل على رخصة الطيران وتحلق بطائرة، هي امرأة معجزة.

في ذلك الوقت سنة 1933حين حصلت النادي على إجازة الطيران بعد 67 يوما فقط من التدريب، كانت فكرة أن تقود امرأة طائرة غريبة ومستحيلة في العالم كله ليس في مصر فقط، لكن المرأة المصرية رفعت رأسها إلى أعلى وجعلت مكانها التحليق فوق السحاب.

لطفية النادي من مواليد القاهرة في 29 أكتوبر 1907 لأب يعمل في المطابع الأميرية وأم على قدر من التفتح، تحلم لابنتها بمستقبل أفضل من المعتاد بالنسبة للبنات في ذلك الوقت، وربما كان ذلك من الأسباب المبكرة التي ساهمت في تكوين شخصية لطفية، لتصبح فيما بعد صاحبة إنجاز غير مسبوق وليس فقط أحلاما غير مسبوقة.

مما ذكرته لطفية عن نفسها، أنها أحبت فكرة الطيران منذ طفولتها، كانت ترى فيه حرية وشغفا، ويبدو أنه حقا كما يقال "إذا كنت تحلم بشيء وتؤمن به بالقدر الكافي، فسوف يتحالف العالم كله لتحقق حلمك" فبمجرد أن أنهت دراستها، وجدت مقالا عن مدرسة للطيران تم افتتاحها حديثا في القاهرة، هذه ليست صدفة إنه قدر، أو هكذا شعرت لطفية بالأمر.

قررت لطفية الالتحاق بمدرسة الطيران، لكنها لم تجد من يشجع فكرتها، فاتجهت مباشرة إلى مدير مصر للطيران في ذلك الوقت السيد كمال علوي، ومن حسن حظها أنه كان رجلا صاحب خيال وشجاعا، كما أن العالم في ذلك الوقت كان يتحدث عن الطيارة الأمريكية إيميليا هارت أول امرأة تحلق بطائرة في التاريخ، رأى علوي أن لطفية ليست أقل من إيميليا، وأنها فرصة رائعة للدعاية لمدرسة الطيران التي يديرها، وأن نجاحها سيفتح الباب أمام المئات، ليس فقط من الرجال، بل ومن النساء لدخول عالم الطيران، لكن لطفية لم تكن تملك المال لدفع مصاريف المدرسة، وكان والدها معارضا للفكرة، فاقترح عليها المدير وظيفة سكرتيرة في مدرسة الطيران مقابل مصاريفها الدراسية، كانت لطفية في ذلك الوقت المرأة الوحيدة إلى جانب 33 رجلا يدرسون الطيران، وهذا هو سر تخرجها وهي تحمل الرخصة رقم 34 في تاريخ الطيران المصري.

بعد تخرجها في عمر السادسة والعشرين تصدرت لطفية الصحف العالمية في ديسمبر 1933 باعتبارها أول امرأة عربية ومصرية تشارك في سباق طيران دولي، وثاني امرأة تقود طائرة بمفردها بعد إيميليا هارت، وكان من جوانب الإثارة في الخبر أن لطفية كانت أول من يصل إلى خط نهاية السباق قبل 62 طيارا من جنسيات مختلفة، لكن لجنة التحكيم التي شابها بعض التحيز قررت ألا تعلنها فائزة بالسباق لأنها لم تعبر فوق إحدى نقاط المراقبة، لكنهم رغم ذلك قرروا لها جائزة شرف قدرها 200 جنيه مصري وهي جائزة قيمة جدا في ذلك الوقت.

حين قرأ والدها الخبر في الصحف وشاهد الصور التي التقطت لها شعر بالغضب، لكنها أقنعته بأن يصحبها في رحلة معها بالطائرة، وحلقت به فوق القاهرة والجيزة ومنطقة الأهرامات، وقد خرج من هذه الرحلة وهو من أكبر المشجعين لها، بعد أن رأى شجاعتها وجرأتها وتمكنها، فقد كان ما يدفعه لمعارضتها الخوف عليها، أما الآن فقد أصبح مطمئنا تماما لكفاءة وقدرة ابنته.

تكريما لها منحتها سويسرا الجنسية، وعاشت حياتها بين مصر وسويسرا، وإن قضت أغلب الوقت في سويسرا حتى توفيت عام 2002، ومن أشهر ما قالته ما وصفت به أول مرة تحلق فيها بالطائرة، قالت: "شعرت بأن الطائرة خفيفة، وبأنني أملك العالم بأسره، وبأن الحرية التي طالما حلمت بها بين يدي، لا يمكنني أن أصف السعادة التي شعرت بها، لم يكن هناك خوف، فقط سعادة خالصة".

المصدر: كتب : عادل دياب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 320 مشاهدة
نشرت فى 25 فبراير 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,735,896

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز