كتبت : أماني ربيع

ننتظر شهر رمضان كل عام بكثير من البهجة والمحبة، إلا أننا غالبا ما نخطئ في تقدير هذا الشهر الكريم وإعطائه حقه، فمع اقترابه نبدأ في الترقب لجبل المصاريف من أجل تخزين الأطعمة لإعداد الأكلات والعزومات الرمضانية وغيرها من الأمور البعيدة عن روح رمضان الحقيقية لتفرض المادة نفسها على الروحانيات، فنبحث عن مواعيد عرض المسلسلات والبرامج.

 في التحقيق التالي نبحث عن إجابة لسؤال كيف نستعد لرمضان روحانيا بعيدا عن التخمة التى نتعرضها لها من الأعمال الدرامية أو الأكلات والحلويات الرمضانية.

تقول سوزان شمس، موظفة: بدأت مؤخرا ألتفت للخطأ الذي نتبعه في رمضان وتحويله لشهر يمثل عبئا على جيوبنا ونفوسنا، لذا اتفقت مع أقاربي قبل قدومه واعتذرت عن العزومات واخترت أن أقوم بعزومة كبيرة قبل حلوله لكي أتفرغ فيه للعبادة، وقد أزال هذا عبئا كبيرا عني وجعلني أشعر ببهجة حقيقة في استقبال رمضان.

أما نجاة مصطفى، مدرسة فتقول: قمت بإخراج زينة رمضان التى أعددتها العام الماضي، وبدأت في وضع اللمسات الرمضانية على ديكور المنزل وبما أن ابني الأكبر بلغ 8 سنوات أعددت ركنا خاصا بالصلاة منعزلا عن المنزل ووضعت به مصحفا ومسبحة وكتيبات أذكار وقصصا للأنبياء مبسطة، ومن الآن أعلمه الوضوء والصلاة معي ونقرأ قصص الأنبياء سويا، وأخبره أننا نفعل هذا لنستقبل شهر رمضان ونحن في طاعة الله.

ويقول سيد خلف،  مهندس: مع دخول شهر رجب أبدأ في ما يشبه ماراثون بالمنزل والهدف الوصول إلى شهر رمضان مع القيام بأكبر قدر من الطاعات، نشترك في صنع سجل به صفحة باسم كل واحد فينا نقسمه على الصلاة والصوم والصدقة وصلة الرحم وأي فعل خير، وفي كل يوم نجلس ونرى من نجح في تحقيق أكثر أفعال خير، وبحلول رمضان نكون أصبحنا جاهزين ونفوسنا سعيدة ومبتهجة.

 

تعظيمه فى القلوب

يقول الشيخ سعد حسين، عضو الجمعية الشرعية بوزارة الأوقاف: شهر رمضان من الشهور العظيمة عند الله ويجب أن نعظمه في قلوبنا بالمثل، ونعتبر شهرى رجب وشعبان بمثابة تدريب على الطاعة في رمضان ولا يعني هذا أي نوع من التقييد أو الحرمان من البهجة، بل يجب أن نعود أنفسنا وأولادنا أن الطاعة والقرب من الله أمور مبهجة وأن نشركهم في ذلك، مثل الإكثار من الدعاء.. "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"، و"اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً".

ويتابع: يجب مراجعة النفس لمعرفة مواطن التقصير في العبادات ونحاول أن نجتهد لإصلاح ذلك، وأهم شيء إنهاء أي مشاحنات أو مشكلات مع الأصدقاء أو المعارف، فالصلح خير، وخيركم من بدأ بالسلام، لذا يجب أن ندخل الشهر الكريم بنفوس بيضاء وقد سامحنا في حقوقنا، وأن نطلب السماح ممن أخطأنا في حقهم، ولنجلس مع الأولاد ونخبرهم أن رمضان لا نمتنع فيه عن الطعام والشراب فقط فالحكمة منه هي الامتناع عن أي شيء يغضب الله مثل الكذب والنميمة وغيرها من السلوكيات السيئة، وعلى الوالدين أن يبدآ بنفسيهما ليكونا قدوة لأبنائهم، ولا يجب إغفال الروابط العائلية وذلك عبر زيارة الأقارب قبل بدء رمضان ودعوتهم للإفطار دون مغالاة فإطعام الطعام من الطاعات المحببة التي تنشر المحبة بين الناس، لكن دون تحميل عبء على الأسرة، كما يفضل إعداد جدول للطاعات مثل قراءة القرآن من أجل ختمه والنوافل بعد كل صلاة، وإشراك الأسرة في ذلك ومن يخالف يضع بعض النقود في علبة مخصصة على أن يتم توزيع ما يجمع من أموال كصدقات على الفقراء في نهاية الشهر.

 

بهجته لا إرادية

ترى د. أمنية عزمي، استشاري الصحة النفسية أن رمضان يدخل على القلوب بالبهجة ويكون لدى الناس استعداد لا إرادي لفعل الخير وهو ما يجب استغلاله، وتقول: لعل أهم الأشياء التي تدخل السرور على القلوب هي التسامح مع الآخرين فالتخفف من أعباء الكراهية والمشكلات يجعل الإنسان مليء بالطاقة الإيجابية، كذلك صلة الرحم من الأمور المحببة فالتواصل مع الأقارب وتنمية الروابط العائلية تشعر الإنسان أنه ليس بمفرده وتمنحه القوة وراحة النفس، ويجب محاسبة النفس قبل رمضان، ولا بأس من إعداد جدول شخصي نكتب فيه عن السلوكيات التي نحاول التخلق منها، والتسابق إلى حصد الحسنات من خلال الصدقة أو إطعام الطعام، ومحاولة نشر الخير على مستوى أكبر كل هذا يجعل قلوبنا مستعدة روحانيا ونفسيا للشهر الكريم.

 

فرصة لتقويم النفس

تقول ميريت صلاح، خبيرة التنمية البشرية: إن رمضان فرصة سنوية حقيقة لتقويم النفس، والصيام فيه لا يجب أن يكون عن الطعام فحسب بل عن كل الشهوات ومنها شهوة السوشيال ميديا والتلفزيون، لنحاول أن نعتبر شهر رمضان أشبه بـ "ديتوكس" لنفوسنا نطرد منها سموم الغل والأحقاد والشرور، ونحاول تطهير قلوبنا من أي مشاعر سلبية.

وتتابع: أولا يجب وضع خطة لاستقبال الشهر قبل بدئه تدور حول الطاعات والسلوكيات التي يجب التحلى بها، واعتبار الشهر مجرد أيام عادية نأكل فيها المتاح ولا نبدأ في حملات التخزين المسعور التي تشكل عبئا على الميزانية، مع إمكانية تزيين المنزل وإشراك الأبناء في ذلك وإخبارهم أننا نفعل ذلك من أجل ضيف كريم ونحكي لهم عن أهمية الصيام وكيف هو مفيد لصحة الجسم، وأن رمضان شهر الخير ويجب أن نتسابق خلاله لفعل الأشياء الجميلة، بالإضافة إلى أهمية إعداد ركن للصلاة تجتمع فيه الأسرة لأداء الفروض وقراءة القرآن، مع البدء في إدخال الأجواء الرمضانية قبل حلول الشهر من خلال تعويد الأطفال على الصيام للظهر أو العصر حسب السن، وتشغيل تسجيل قارئ القرآن في المنزل والتصدق وإعداد قائمة بالأدعية والأمنيات التي يرغبون في تحقيقها خلال الشهر الكريم، كما أن إعداد مائدة السحور في أول ليلة بشكل جميل وشهي مع تشغيل أغنيات رمضان المبهجة يدخل السرور على الأبناء ويجعل طقوس رمضان مفرحة لهم

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 636 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,371,832

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز