إشراف : منار السيد - سمر عيد - سماح موسى - هايدى زكى
"ورقة وختم وأطفال بلا صحة"..هذه هي حقيقة الفحوصات قبل الزواج،فالأمر كان لايتعدى ورقة وعليها ختم مدون بها "لامانع طبي من إتمام الزواج" مما نجم عن هذا التحايل العديد من الأطفال المرضى وارتفاع حالات من الطلاق المبكر بسبب عدم الإنجاب، فبالرغم من محاولات الدولة وجهودها لإلزام المقبلين على الإنجاب بالفحص ولكن ظلت فحوصات الإنجاب ليست سوى شهادات طبية مع وقف التنفيذ.
كانت بداية إلزام الزوجين بفحوصات قبل الزواج كان ذلك في عام 2008 حيث شهدت حالةً من الجدل تحت قبة البرلمان حول ضرورة إجراء فحوصاتٍ طبية كشرط لإتمام الزواج، وانتهى الأمر إلى إضافة المادة رقم "31 مكرر" إلى "القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية"، التي تنص على أنه "لا يجوز توثيق عقد الزواج إلا لمَن يبلغ من الجنسين سن الـ18، ويُشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوِّهما من الأمراض التي تؤثر على حياتهما أو على الزواج وللتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة كلٍّ منهما أو صحته، أو على صحة نسلهما"، كما نصت على خضوع مَن يوثق زواجًا بالمخالفة لذلك بعقوبة تأديبية، وهو ما شدد عليه أيضًا "القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل"، وكذلك "لائحة المأذونين"، والتي نصت في مادتها الـ33 على أنه يجب على المأذون قبل توثيق العقد أن "يطلع على الشهادات الطبية التي تثبت توقيع الفحص الطبي على الزوجين وفقًا لقرار وزير الصحة رقم (338) لسنة 2008 وإثبات أرقامها بالوثيقة".
وعن أهداف الفحوصات فهي تساعد على الحد من انتشار بعض أمراض الدم الوراثية "الثلاسيميا، المنجلى"، وبعض الأمراض المعدية كالتهاب الكبد، ونقص المناعة المكتسب، والإيدز، تجنب المشاكل النفسية والاجتماعية للأسر التي تتسبب في بعض الأمراض لأطفالها، نشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل، ويتم إجراء الفحص الطبي في المراكز الصحية والمستشفيات، وذلك يكون عن طريق عمل تحليل للدم لإجراء الفحوصات التالية، وهي: تعداد خلايا الدم، فحص العزل الكهربائي للهيموغلويين، فحص فقر الدم المنجلي، فحص فيروس التهاب الكبد الوبائي "ب" أو "ج"، وفحص فيروس نقص المناعة المكتسب.
مانع طبي
وطبقا لدراسة صادرة عن المجلس القومي للسكانفإن 41% من الشباب الذين تزوجوا حديثا لم يجروا فحص ما قبل الزواج بشكل حقيقي، وتحايلوا من أجل الحصول على شهادة مختومة من أحد المستشفيات بأنهم أجروا الكشف مما أدي إلىإنجاب العديد من الأطفال من هذه الزيجات يعانون من الأمراض.
"لايوجد مانع طبي" هذا مابدأ به السيد إبراهيم عيد، مأذون شرعي حديثه حينما سرد حكاية الفحوصات الطبية قبل الزوج فيقول: منذ إصدار التشريع الخاص بفحوصات قبل الزواج والإنجاب منذ عام 2008 ومع كل زيجة أجد شهادة طبية مرفقة مدون أعلاها "لايوجد مانع طبي لإتمام الزواج"وهذه كانت المشكلة، فالتشريع موجود ولكن كان هناك تحايل على تنفيذه، فالشهادات الطبية كانت متاحة للبيع دون إجراء فحوصات طبية، ومنذ لك الوقت ونحن نعاني من عدم جدية الأهالي أو المقبلين على الزواج بضرورة إجراء هذه الفحوصاتللحفاظ على صحتهم وصحة أبنائهم في المستقبل، لذلك فعلى مدار السنوات الماضية قرارات الفحوصات شرطية ولكن التحايل عليها يجعلها عديمة الجدوى مجرد ورقة توثق فقط.
ضعف النمو
عندما يتعلق الأمر بأبنائنا فنحن نحتاج إلى التفكير قبل الاستهانة بالأمور والتي تجعلنا نندم على عواقب أفعالنا، وهذا ما حدث لفاطمة إسماعيل فتقول: تزوجت عام 2014 وعندما طلب المأذون من زوجي الشهادات الطبية أحضرها له من الوحدة الصحية بمقابل مبلغ مالي ولم أذهب مطلقا لإجراء أي تحاليل أو فحوصات، وكانت هذه الشهادة تفيد أننا أصحاء ولا نعاني من أي مرض وراثي، والنتيجة أننا أنجبنا ابنتي "لمار" والتي تبلغ 4 سنوات ولديها مشاكل صحية متعدد وضمنها ضعف النمو وذلك لوجود بعض المشاكل الوراثية عند زوجي مما أثر على ابنتنا ونصحنا الطبيب بتأجيل الإنجاب لمعالجة هذه المشكلات.
زواج الأقارب
أما عن زواج الأقارب وضحاياه من الأطفال بسبب خطورته وعدم الفحص قبل الزواج أو الإنجاب فتقول حسنية السيد: لاأعرف ماهية الفحوصات الطبية التي كان يجب إجراؤها قبل الزواج، فنحن في القرى لم نكن نهتم بهذا الأمر، وكانت الشهادات الطبية يأتي بها مأذون القرية دون الذهاب إلى الوحدة الصحية، ولكن أبنائي هم من دفعوا الثمن، فزوجي هو ابن عمي وأنجبت منه ولدين توأموللأسف الاثنين مصابين، أحدهما مصاب بمرض الصرع، والآخر لديه مشاكل صحية عديدة.
تقول نهال محمود: قبل زواجي عام 2012 ذهبت مع زوجي لإجراء الفحوصات الطبية بإحدى الوحدات الصحية وكان لدينا من الوعي مايدفعنا لضرورة إجراء هذه الفحوصات للاطمئنان على مستقبل أبنائنا، ولكنني انصدمت من رد إحدى ممرضات الوحدة الصحية عندما قالت إن الفحوصات لاتتم وأنه يجب ألا أضيع وقتي في هذا وأن ختم الورقة لن يستغرق نصف ساعة، ولكنني أنا وزوجي صممنا على إجراء الفحوصات ولكنهم أبلغوني أن الوحدة لايوجد بها بعض هذه التحاليل، وبالفعل خرجنا بالشهادة الطبية دون فحوصات ولكننا ذهبا إلىأحد المستشفيات لإجراء الفحوصات للاطمئنان على أنفسنا، وكانت نتيجة هذا الزواج آدهمونيرة، وهما معافان الحمد لله وبصحة جيدة.
ويقول حسام عبد الحميد: عندما ذهبنا عام 2010 لإجراء الفحوصات الطبية وجدت أن المسئول عن الفحص هو "موظف الحسابات "التي نسلم له البطاقات وندفع الرسوم ثم ننتظر قليلا ونستخرج الشهادات الطبية دون إجراء أي فحوصات، وللأسف كان ذلك الحال وقتها فكانت الوحدات غير مجهزة لإجراءالفحوصات المطلوبة بالإضافةإلى أن العديد من المناطق كانت تعاني من عدم وجود وحدة صحية مهيأة لاستخراج هذه الشهادات.
تشريعات
بالرغم من إلزامية الفحص ولكن كان هناك دعوات لجدية التنفيذ للعلم بأن هناك تحايلا على الفحص الفعلي، لذلك كانت هناك العديد من الطلبات بضرورة وجود تشريع خاص لإجراء الفحص قبل الزواج مثل التشريع الذي تقدم به أحد النواب عام 2016 والذي يشترط نص مشروع قانون «الفحص الطبى للمقبلين على الزواج من الجنسين»،ضرورة إجراء الفحص قبل تحرير عقد الزواج، حتى يكونوا على علم بالأمراض الوراثية المحتملة للذريةإن وجدت، فتتسع الخيارات أمامهم فى عدم الإنجاب أو عدم إتمام الزواج،بالإضافةإلى تقديم العديد من طلبات الإحاطةلضرورة إنشاء مراكز للإرشاد الأسرى قبل الزواج لتفادى المشاكل الوراثية، وتقديم النصح للمقبلين على الزواج بإجراء الفحص الطبي قبل موعد الزواج بمدة لا تقل عن 3 أشهر، مع التوعية بأن اكتشاف أي مرض لا يعني منع الزواج بينهما، حيث يترك لهما الخيار في إتمام الزواج أو الانتظار حتى الشفاء أو رفضه، وأن الفحص يهدف إلى إطلاع كل منهما على النتائج الطبية التي تم الحصول عليها وإسداء النصح والإرشاد إذا رغبنا ببناء زواج ناجح لا يتعرّض مستقبلا لأي انتكاسة صحية أو عائلية أو اجتماعية.
ليأتي سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالحلول للقضاء على هذه المشكلة من خلال منظومة التوثيق الإلكتروني للأسرة المصرية من خلال "المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية"، ويليه إطلاق سيادته للمبادرة الرئاسية للفحص قبل الإنجاب والتي ستشمل برنامجا متكاملا من الوعي والثقافة بجانب الفحص والمتابعة الصحية للحفاظ على صحة المرأة والأسرة.
ساحة النقاش