بقلم: ابراهيم  شارود

لطفية النادى هى أول كابتن طيار مصرية، ولدت عام 1907، كان والدها يعمل بالمطبعة الأميرية وكان يرى أن الدراسة للبنت يجب ألا تتعدى المرحلة الابتدائية، بعكس الأم التي رأت أن تعليم الفتاة ضرورة حتى نهاية المطاف، لأن الأم هي مصنع الرجال، التحقت لطفية بـ«الأمريكان كولدج» وقرأت في يوم من الأيام عن الطيران وتشجيع الفتاة المصرية لدخول هذا المجال، وكانت مدرسة الطيران وقتها في أوائل نشأتها عام 1932 وكل الذي يلتحق بها من الرجال فقط.

فكرت لطفية بالالتحاف بمدرسة الطيران، إلا أن والدهارفض، ولم تكن تملك نقودا لتحقق حلمها، وبإصرار وبحث عن البدائل لجأت إلىكمال علوي، مدير عام مصر للطيران آنذاك وعندها فكّر بالأمر وطلب منها أن تعمل في المدرسة بمرتب شهرى يمكنها من خلاله سداد مصروفاتها، فعملت سكرتيرة بالمدرسة وكانت تحضر دروس الطيران مرتين أسبوعيًا دون علم والدها، تعلمت الطيران مع زملاء لها على يد مدربين مصريين وإنجليز في مطار ألماظة بمصر الجديدة وكانت الفتاة الوحيدة بينهم، وحظيت باحترامهم، وكانت تعمل في مطار ألماظة بغرض الحصول على المال لتمويل تعلمها الطيران،بعدها لجأت لطفية إلى الكاتب الصحفي أحمد الصاوي صاحب العمود الصحفي الشهير «ما قل ودل» بجريدة الأهرام؛ وقالت له: «عاوزة أتعلم طيران» فكان رده  «أنت لسه صغيرة ولازم موافقة أهلك»،فما كان منها إلا أن أحضرت والدتها التى قالت: «إن التحاق لطفية مشروط بعدم دفع مليم واحد للدراسة لأن والدها إن علم بالأمر أو حدث لها أي مكروه هيقول أنت اللي قتلتيها» فذهبت لطفية إلى كمال علوي مدير عام مصر للطيران وقتها وعرضت عليه الأمر ورحب بها لتكون فاتحة خير لالتحاق أُخريات، وفي نفس الوقت هي دعاية للمدرسة وقال لها: «تعملين في المدرسة وبالمرتب تسددين المصروفات» وبالفعل عينت.

حصلت لطفية على إجازة الطيران عام 1933 وكان رقمها 34 أي لم يتخرج قبلها على مستوى المملكة المصرية سوى 33 طيارا فقط جميعهم من الرجال، وكانت أول فتاة مصرية عربية أفريقية تحصل على هذه الإجازة، وبسبب نشرالصحف خبر حصولها على إجازة الطيران أثير غضبوالدها،وحتى ترضيه اصطحبته معها في الطائرة وحلقت به فوق القاهرة والأهرامات عدة مرات، ولما رأى جرأتها وشجاعتها ما لبث أن أصبح أكبر المشجعين لها، وكان مدرسها "كارول الفرنسي" يعاملها كالطفلة حتى قالت عنه: كان يخاف على جدا"، وأضافت مقولته: «مش عاوز نفسك تتكبر بعد ما أصبحت أول فتاة مصرية تتعلم الطيران، لا تفعلي مثل إيمي جونسون التي تكبرت على والديها"، وكانت أول امرأة مصرية تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة، وتمكنت من الطيران بمفردها بعد ثلاث عشرة ساعة من الطيران المزدوج مع «مستر كارول» كبير معلمي الطيران بالمدرسة، وتعلمت في 67 يوماً، وقد تلقت الصحافة الدعوة لحضور الاختبار العملي لأول طيارة «كابتن» مصرية في أكتوبر 1933.

دعا نادي الطيران مؤتمر الطيران الدولي للانعقاد في مصر لمناقشة أحوال الطيران وقوانينه ولوائحه، واختبار مهارات الطيار ومدى كفاءته، واشترك في هذا السباق 62 طيارا من مختلف الجنسيات بطائراتهم بين القاهرة والإسكندرية، وكانت أول من وصل إلى نقطة النهاية رغم وجود طائرات أكثر منها سرعة.

لطفية النادي التى فازت بالمركز الأول، لكن تعسف لجنة التحكيم التي كان معظمها إنجليز سحبوا منها النتيجة بحجة أن الطائرة لم تمر إلا على خيمة واحدة في المكان المحدد للعودة إلى الإسكندرية، وكان الملك فؤاد منتظرًا النتيجة وعندما عرف بعدم تأهلها قال لها: «هذه أول مرة يحدث في مصر هذا وأعطوها جائزة شرف قدرها 200 جنيهًا مصريًا»، كذلك أرسلت لها هدى شعراوي برقية تهنئة تقول فيها: «شرّفت وطنكِ ورفعت رأسنا وتوجت نهضتنا بتاج الفخر بارك الله فيكِ»،وتولت هدى شعراوي مشروع اكتتاب من أجل شراء طائرة خاصة للطفية لتكون سفيرة لبنات مصر في البلاد التي تمر بأجوائها أو تنزل بها وتبين للجميع مقدرة المرأة المصرية على خوض جميع المجالات، وفتحت الباب لبنات جنسها لخوض التجربة فلحقت بها «دينا الصاوي، وزهرة رجب، ونفيسة الغمراوي، ولندا مسعود، وعزيزة محرم، وعايدة تكلا، وليلى مسعود، وعائشة عبد المقصود، وقدرية طليمات» ثم أحجمت فتيات مصر عن الطيران بصفة نهائية فلم تدخل مجال الطيران فتاة مصرية منذ عام ،1945 وهكذا توالت إنجازات كابتن لطفية أول كابتن طيار مصرية إلى أن تقاعدت عن الطيران وعينت بمنصب سكرتير عام نادي الطيران المصري بعدما ساهمت في تأسيسه وإدارته بكفاءة عالية إلى أن هاجرت إلى سويسرا التى عاشت فيها فترة طويلة حتى منحت الجنسية تكريمًا لها، وتوفيت عن عمر يناهز الخامسة والتسعين في القاهرة عام 2002.

المصدر: بقلم: ابراهيم شارود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 385 مشاهدة
نشرت فى 15 يونيو 2022 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,692,193

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز