ابراهيم شارود
يعد شهر رمضان المبارك بحق شهر الأحداث المفصلية في تاريخ الإسلام والمسلمين، حيث شهد أحداثا بالغة الأهمية على مر التاريخ الإسلامي كتبت بسببها تفاصيل كثيرة، وترسخت بنتائجها مفاهيم عميقة، لا تزال تبعاتها تلقي بظلالها على مسيرة الأمة وعلاقاتها ببقية الأقوام والأمم الأخرى.
فى السادس والعشرين من رمضان انتصر المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في معركة حطين، وتحرر بيت المقدس "القدس" من أيدى الحملة الصليبية، وعادت "القدس" إلى أصولها العربية والإسلامية بعد سنوات من وقعوها تحت سيطرة الجيوش الأوروبية، وبذكاء وحنكة استطاع صلاح الدين أن يقود 12 ألف جندى للانتصار.
لم يتجه صلاح الدين مباشرة إلى القدس، بل اتجه لفتح المدن والقلاع الساحلية أولا ليحرم الصليبين من أى معونة قد تأتى إليهم من غرب أوروبا عن طريق البحر، فضلا عن استرداده لموانئ فلسطين التى من شأنها أن تهيئ له اتصالا بحريا سريعا وسهلا بين شطرى دولته الشام ومصر، وتمكن صلاح الدين من استرداد كل الساحل بين غزة وبيروت باستثناء "صور" وأخذ بعد ذلك يستعد للزحف صوب القدس، وحينها أمر أهل حلب بعقد معاهدة مع البيزنطيين، فضمن عدم وصول إمدادات منهم للجيوش الموجودة فى بيت المقدس، ثم جمع قواته من مصر ودمشق وحلب والجزيرة والموصل وسار إلى قرب بحيرة طبرية وعسكر، وعسكر هناك على مشرف سهل حطين، واجتمع الصليبيون فى تلك الموقعة وكانوا قد هزموا فى صفورية الغربى، وكان جملة من معه اثنا عشر ألفا غير المتطوعين، وجمع الصليبيون جنودهم وكانوا قرابة الخمسين ألفا، والتقى الفريقان يوم الجمعة 24 ربيع آخر عام 583هـ، وابتدأ القتال وفصل الجيشان بحلول الليل ثم عاد الاشتباك مع طلوع النهار، واستمات المسلمون فى القتال، واستخدم صلاح الدين ومن معه الأسلحة وخاصة أسلحة النفط، ووصلت خسائر الصليبيين فى تلك المعركة إلى أكثر من 30 ألف من المشأة، بجانب خسائر فادحة فى المعدات.
وفى الخامس والعشرين من رمضان انتصر جيش مصر بقيادة السلطان سيف الدين قطز على المغول فى معركة عين جالوت ، وتم حماية الدنيا كلها من الفناء ونصر الله عز وجل مصر وجيش مصر على المغول أعداء الإنسانية، كما اشترك فى هذه المعركة الشيخان أحمد البدوى وإبراهيم الدسوقي رضى الله عنهما، كما شهد الشهر عام 666 هجريا تحرير أنطاكيا من الاحتلال الغربى، وكانت أنطاكية إحدى مدن الشام التي شملها الفتح في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وقد فتحها المسلمون عقب معركة اليرموك بقيادة أبو عبيدة بن الجرّاح –رضي الله عنه-، وظلت هذه المدينة في عهد المسلمين إلى أن بدأت الحملات الصليبية سنة491 هـ، فكانت من أوائل المدن التي سقطت في قبضة الصليبيين، وفي (أول رمضان سنة 666 – 15 مايو 1268م) أحكم السلطان الظاهر بيبرس حصاره على أنطاكية، وحاول أن يفتح المدينة سلماً، لكن محاولاته تكسّرت أمام رفض الصليبيين التسليم، فشن هجومه الضاري على المدينة، وتمكن المسلمون من تسلق الأسوار في (الرابع من رمضان)، وتدفقت قوات بيبرس إلى المدينة دون مقاومة.
ساحة النقاش