السادية .. مرض العصر
كتبت :نبيلة حافظ
إلي كل نفس مهمومة ومتعبة تبحث عن ملجأ آمن لتلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي، يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه .. نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها .. فإذا كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك .. أرسليها لنا .. نحن في إنتظارك
كل إنسان منا لديه قدر من القسوة موجودة بداخله ولكن عندما يزيد هذا القدر عن حده الطبيعى يكون هذا نذير خطر .. ومؤشرا قويا على وجود خلل نفسى لهذا الإنسان .. فعندما تتحول القسوة داخل النفس البشرية إلى صورة من صور العنف والعداء والتى يشعر معها صاحبها باللذة والرضا بل والسعادة من قسوته على الآخرين هذا الإنسان بكل تأكيد هو إنسان مريض نفسياً وحالته تستوجب العلاج .
وإذا تأملنا حولنا - الآن - هؤلاء القساة الذين يمتلئون عداء ويفيضون شراً ويملأون الدنيا بغياً وظلماً وينشرون الألم والأذى على الآخرين من الأبرياء .. المسالمين لابد وأن نتساءل : كيف اصبحوا على هذه الحالة ؟ وهل كانت بدايتهم فى الحياة بهاكل هذه القسوة .. أى بمعنى آخر هل لديهم استعداد وراثى ؟! أم أن احداث الحياة وتداعياتها ومغرياتها تجعل بذرة القسوة لديهم تكبر وتتضخم لتصل إلى هذا الحد المفزع والمرعب والذى لا يتخيله أى إنسان .. !!
فأى عاقل على هذه الأرض لا يمكن أن يتصور هذه الصور المرعبة لحالات التعذيب التى كانت تحدث بالأجهزة الأمنية التابعة للنظام البائد .. فحكايات التعذيب التى يرويها أصحابها لا يتخيلها عقل .. ولا يمكن أن تحدث بين البشر .. شىء لا يصدقه العقل على الإطلاق .. ولكن نعود ونتساءل مرة أخرى كيف وصل هؤلاء لهذه الحالة من القسوة ؟!
إن الطب النفسى استطاع أن يرصد وأن يحدد نمطاً معيناً أو ملامح بعينها لهذه الشخصية التى نتحدث عنها .. وقد أطلق عليها اسم الشخصية السادية .. وهى شخصية أمرها عجيب وسلوكها فى الحياة غريب والأساس الذى تقوم عليه حياته وعلاقاته بالآخرين القسوة والعنف .. وهو فى كل الأوقات يلجأ إلى القسوة البدنية والعنف الشديد الذى يحقق إيذاء فعليا يجعله يفرض سيطرته على الآخرين .
فالإنسان السادى يحتاج نفسياً إلى علاقة يكون فيها هو الجانب الأقوى المرهوب .. وإن يكون الآخر هو الضعيف الخائف وذلك لا يتحقق إلا بأن يبطش بعنف هذا الطرف الآخر وبذلك تستمر هذه العلاقة تحت التهديد المستمر من جانبه .. وليست القسوة البدنية هى وسيلته ومصدر إسعاده .. ولكنه يسعد أيضا بإهانة الآخرين وإذلالهم .. وهو يشعر بمتعة كبيرة عندما يشاهد الآخرين وهم يتألمون من إيذاء جسدى أو معنوى ويلجأ إلى الكذب إذا كان ذلك سيجعله يحقق هدفه وبالتالى يميل إلى إحداث الوقيعة بين الناس وإطلاق شرارة العداوة والعنف بسبب افتراءاته وأكاذبيه .. وهو يطلب من الآخرين أن يطيعوه طاعة عمياء ووسيلته فى ذلك ارهابهم ويرفض تماماً أى معارضة أو أى رأى مخالف ويشطاط غضباً إلى حد العنف غير المحدود للإطاحة بمن يختلف معه ..
وقسوة وعداوة وعنف وبطش السادى يتشكل حسب درجة تعلمه وموقعه فى الحياة .. فالاستاذ الجامعى مثلاً تكون ساديته لتلاميذه عن طريق الدراسة بأن يجعلها صعبة وشاقة .. والمدير المسئول تكون ساديته عن طريق التهديد والبطش فى مجال العمل .. والحاكم السادى هو من يمارس على شعبه أسلوب التجويع والترهيب والإذلال .. حتى فى الحياة الزوجية قد يصاب الزوج بالسادية فيمارس أسلوب الضرب والإهانة لزوجته .. هؤلاء وغيرهم هم مرضى بالسادية .. وهم مصدر متاعب للآخرين على الرغم من أنهم يملكون شخصيات ضعيفة .. خائفة مرتجفة ... فاشلة .. عاجزة ..!!
ساحة النقاش