هل هو غدر الزمان (2)
كتبت :سكينة السادات
حكيت لك الأسبوع الماضى حكاية قارئتى آمال التى أحبها جارها الصيدلى وهى مازالت بعد فى المدرسة الثانوية وبادلته حبا صامتا بدون كلام حتى تخرج وتقدم لخطبتها بعد أن التحق بالعمل فى شركة أدوية حكومية وكان شرط الزواج أن تكمل تعليمها فى الجامعة منتسبة مع مراعاة شئون بيتها وزوجها ودراستها فى نفس الوقت ثم تزوجت آمال من حبيب العمر الذى كان إنسان محترما ودمثاً وعاشقا لها حتى أنه لم يأبه بمرور العام الأول من عمر زواجهما بدون حمل وكذلك العام الثانى ولم يقلق بل كان يقسم أنها عنده أغلى من أى طفل ينجبه من صلبه وأنه يكفيه وجودها إلى جواره .
وعندما كانت السنة الخامسة بدون حمل وتحت اكراه الأهل من الطرفين ذهبا إلى الطبيب وكانت الفجيعة الكبرى .. الزوج سليم والزوجة كانت برحم طفلة لا يتحمل أى جنين ولا يجدى معه حقن مجهرى ولا تلقيح صناعى ولا دواء ولا عملية جراحية ولا أى شىء ! تلك هى مشيئة الله أن تظل آمال عاقرا لباقى العمر !!
وتستطرد قارئتى آمال .. كانت فجيعة كبرى فى حياتى وكنت أبكى فى صمت دون أن يشعر بى أحد وبصراحة تامة لم يتدخل أحد من أهله بناء على تعليماته لهم لكننى كنت أشاهد حسرة أمه ونظرتها لأولاد اخوتى وأولاد الجيران وتنهداتها وبكاءها الدائم وهى تتحدث إلى ابنها .. ثم جاء اليوم الذى جلست فى مواجهته وقلت له بحزم وبدون تردد .
- أحمد حبيبى .. لازم تتجوز علشان تخلفلك طفل من صلبك وتريح أمك وأهلك !
وثار أحمد ثورة عارمة وقال أنه لا يحب أن يسمع منى هذا الكلام مرة أخرى ويومها خرجنا من المنزل للعشاء فى الخارج وكانت ليلة رائعة لا تنسى !
وكبرت المسألة فى نظر أمه وأهله وتجرأوا على مفاتحته فى أمر زواجه وكان ينهرهم ويطلب منهم عدم التدخل فى حياتنا ثم كان ذات يوم صعب على أن آراه يقبل ابن أختى ويمسح على شعره فقلت له ..
- طيب .. عندى حل .. اختار لك واحدة من طرفى تتجوزها وتخلف منها وأنا معاك برضه لن أتركك ويكون كل شىء بتدبيرى وبعلمى !
ولأول مرة أراه يسكت ويقول لى على استحياء .
- أعملى اللى أنت عاوزاه !!
وفعلا .. خطبت له فتاة قريبة لأمى من القرية لكنها متعلمة حتى الاعدادية ومقبولة الشكل وكنت أنا التى أقرر كل شىء حتى استئجار شقة إيجار جديد فى العمارة المجاورة لى أنا التى قمت باستئجارها وكانت فجيعة على قلبى يوم زواجهما الذى خططت لكى أسافر قبل أن يحل ذلك اليوم وعدت بعد ثلاثة أيام لأجده مثل الطفل اليتيم الذى تركه أهله فى شارع مظلم لا يعرفه ولم يره من قبل !!
هرع إلى وهرعت إليه محبا ومتلهفا وطلبت (رقية) زوجته وطلبت منها أن تأتى إلى البيت عندى ولا تتحرج وفعلا كانت تأتى إلى بيتى وتقوم بكل الأعمال المنزلية وتقبلنى ثم تذهب إلى شقتها وكنت أطلب منه أن يذهب إليها وألا يتركها لعدة أيام بدون أن يزورها وظل ذلك هو الحال حتى حملت رقية وأنجبت له ولدا جميلا فرحت أنا وهو به فرحة شديدة ثم بدأ التغير فى حياتنا !
واستطردت السيدة آمال .. انقلب الحال يا سيدتى فبعد أن كان المقار الدائم والاستقرار عندى صار كل الوقت هناك مع رقية وولديها وأحدثه عبر الهاتف فيقول لى على استحياء .
- معلش يا حبيبتى أنا أسف مش حاقدر آجى الليلة علشان الولد الصغير (سخن شوية) ! يعنى عنده حرارة مرتفعة !
وطبعا أسأل عن الطفل ثانى يوم وأجد أنه صار طبيعيا والحمد لله ولا يأتى زوجى أيضا وأسأله فيقول لى آسفا ..
معلش يا حبيبتى .. مش حاقدر أجى النهاردة علشان أنا رايح الحضانة علشان أقدم أوراق الولد الكبير .. إن شاء الله أكون عندك بكره !
وتستطرد السيدة آمال ويأتى بكره ولا يأتى زوجى ويقول إن رقية (بترجع) وتعبانه ويبدو أن نمرة ثلاثة فى الطريق !!
وأجلس وحيدة منهزمة أنعى ما فعلت بنفسى! أحيانا يمر أسبوع كامل لا أراه وأحيانا أسافر أسبوعين فلا يأبه بغيابى ولحفظ ماء الوجه يسأل عنى تليفونيا كل يومين أو ثلاثة !!
أليس هذا سحرا يا سيدتى وهو الذى لم يكن يطيق فراقى يوما واحدا ؟ أم هى الدنيا الظالمة والجحود ونكران الفضل ؟
ما رأيك قارئتى العزيزة هل هى الدنيا الظالمة أم السحر؟
ساحة النقاش