خضير البورسعيدى كاتب خطوط أستار الكعبة

كتب :صلاح بيصار

وتسابيح وابتهالات الحرف العربىلخط العربي هذا الفكر الساكن كما يقول الأولون.. هو إشارة معبرة ومبهجة .. تعكس روح اللغة العربية وما تحمله من إيحاءات وتجليات واشراقات وهي لغة القرآن الكريم.. ومن هنا أعطي العرب عناية كبيرة للخط عند الكتابة منطلقين من مبدأ يؤكد قول علي بن أبي طالب: الخط الجميل يزيد الحق وضوحا.. وقول عبدالله بن عباس: «الخط لساعن اليد».

ولما آلت الخلافة الإسلامية للدولة العثمانية بالغ السلطان فى الاهتمام بالخط العربى وأساتذته وراحوا يتنافسون فى تمجيد وتكريم الخطاطين حتى أن بعضهم كان يمسك بالمحبرة لكبار فنانى الخط العربى أثناء الكتابة احتراماً لهم وتقديرا لفنهم.. ليس هذا فقط بل اشتهر كثير من سلاطينهم بجمال الخط مثل السلطان أحمد الثالث ومحمود عبدالمجيد الذى توجد «بسملة» بخط يده بالمقام الحسينى بالقاهرة .

والفنان خضير البورسعيدى واحد من كبار الفنانين فى مصر والعالم العربى فى اللوحة الخطية التى تألقت بحسن بنانه.. جمع فيها بين التشكيل الجميل وجلال التعبير .. وقد أشرقت فى معرضه المقام حاليا بقاعة بيكاسو بالزمالك. وجاء فى 50 لوحة بعنوان «الخط الجميل حلية الكاتب».

فى بداية رحلته مع الخط العربى شارك فى آخر كسوة للكعبة أرسلتها مصر للسعودية عام 1962 وكان معه خمسون آخرون قاموا بإعدادها.. وكانت آخر كسوة ترسلها مصر للسعودية وذلك بعد عام من مجىء البورسعيدى إلى القاهرة قادما من طنطا وذلك للإقامة بجوار دار الكسوة فى ذلك الوقت والتى كانت تصنع بها الكسوة بالخرنفش.. وبعد عشرين عاما.. فى عام 1982 جاء تكليفه بكتابة الأدعية والآيات القرآنية التى تزين كسوة وستارة الكعبة.. وكان الهدف الاهتمام بشكل الخط أكبر من الاهتمام بالكتابة نفسها وذلك من أجل عدم اشغال الحاج أو المعتمر بقراءة المكتوب بقدر ماهو تأكيد وتعميق للحالة الروحية.

تلميذ سيد ابراهيم

يقول خضير البورسعيدى : بدأت فى سن العاشرة بكتابة الاعلانات وواجهات المحلات .. كنت أكتب بكلتا يدى .. وفى نفس الوقت حصلت على دبلوم الخط العربى من مدرسة خطوط طنطا حيث نشأت ودبلوم التخصص والتذهيب من مدرسة خليل أغا بالقاهرة .. وبعدها درست على كبار الخطاطين فى مصر أمثال : محمد حسنى وسيد ابراهيم ومحمد عبده .

وتمتد أعمال الفنان خضير والتى تتألق فى لوحات تهتف باسم الله وتسبح بحمده .. لوحات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية والحكم والأمثال الشعبية.. كل هذا بخط الثلث الجلى وهو أصعب أنواع الخطوط وقد تألق بلمسته فى إيقاعات عديدة ومتنوعة.. تسمو وتشرق وتحنو وتبتسم ببشاشة الكلم الطيب .

ليس هذا فقط بل ابدع فناننا لوحات أخرى فى تعبيرية من الخط التشكيلى الذى أظهر قدراته الفنية من حيث التكوين والايقاع وتناغم الألوان مضيفا الألوان مضيفاً أشكالا هندسية كالمربع والدائرة والأشكال الحرة .. تحاورت مع الحروف وباحت بجمال النظم والتنسيق .. خاصة وهو يزاوج فى أحيان كثيرة بين عدة خطوط فى اللوحة الواحدة .

يقول : حاولت أن تعكس لوحاتى تجربة تحمل دلالات عديدة أبرزها الدقة فى التفكير والجمال فى التعبير من اللغة المفهومة بين كل البشر .. فالفن الحقيقى لا يحتاج إلى شرح أو تفسير فهو كما يرى يعطى صورة حية عن حياة الناس وتاريخهم وثقافتهم .

«زد.. ودا»

وفى تشكيل يهيف بنور الكلم : «واقيموا الوزن بالقسط» يتجسد ميزان الحق والعدل.. من الكلمات ويعلو التشكيل لفظ الجلالة والخط أسود على أرضية بيچ وبين الكفتين زخرفة اسلامية تساهم فى حيوية التشكيل .

وفى «زد .. ودا» يلجأ الفنان إلى تكرار الحروف التى تتراقص مغردة مع تداخل المسطحات اللونية من الكحلى والبنى والاخضر الزيتونى والبيج والاحمر والأزرق .

وتعلو لوحة «اتق الله حيثما كنت» نقوش بالأحمر والأسود وبينما يبدو الخط بالأسود على أرضية من البيج .

وفى لوحة «وإن كان لايغنيك مايكفيك.. فكل مافى الأرض لا يغنيك» بالأحمر والأسود على أرضية بيج .. نجده هنا يظهر فى براعة وقوة تعبيرية جمال تشكيل حرف الكاف .

وعلى خلفية بيج تسطع دائرة كالشمس مسكونة بتسابيح «سبحان الله.. سبحان الله بالأبيض.. نطالع سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم.. تتألق بالشاعرية والخشوع ويتغير الايقاع اللونى للوحة .. فى ايقاع آخر على خلفية رمادية .. ويسطع حرف الهاء فى لوحة « وأشرقت الأرض بنورها» فيها تجل واشراق .. وفيها اضواء هامسة من القلب .

أما لوحة فاتحة الكتاب فينقلنا خلالها الى تشكيل دائرى بالأزرق والبنفسجى والأسود .. تستدير الحروف وتسمو وتشرق .. تجعل من الحرف لغة ومعنى وتعبيراً .

وفى لوحة لفظ الجلالة الدائرية والتى تمثل معزوفة روحية .. تستدير فيها الحروف فى أشكال ومنحنيات دائرية مع ألوان طيفية صداحة من الأحمر والبرتقالى والأخضر والأبيض والأزرق .. فى ألحان وأنغام تذكرنا بدرجات السلم الموسيقى.

والفنان خضير البورسعيدى أقام أكثر من 70 معرضا بمصر والكويت ودبى وباريس وبلغاريا والجزائر وكندا وهو عضو لجنة التحكيم الدولية باسطنبول.. وكتب المصحف الشريف ست مرات وكتب خطوط عدة مساجد واقيم له معرض بمكتبة الاسكندرية عام 2005 .. ونشرت له .. ونشرت له أول لوحة خطية فى عام 1966 .

تحية إلى سحر الكلمات ونور التعبير وعمق الآداء فى أعمال البورسعيدى.

 

 

 
المصدر: مجلة حواء -صلاح بيصار
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 2069 مشاهدة
نشرت فى 24 أغسطس 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,856,602

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز