أزمة كل بيت

مرتب الزوجة بين سعادتها وشقائها

كتبت : نجلاء ابوزيد

زوجي يأخذ مرتبي كله ثم يعطيني مصروفا لا يكاد يفي باحتياجاتي الأساسية وإذا اعترضت هددني بالطلاق وتشريد الأولاد.

باختصار هذه قصة تعبْر عن الآلاف من النساء العاملات اللائي يعملن ثم يحصل أزواجهن علي رواتبهن ليتحول المرتب من مصدر سعادة ورخاء لمصدر ألم وشقاء وقهر!!

ولخطورة المشكلة وما تسببه من صراع في الأسرة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

كان هذا التحقيق للتعرف علي حق الزوجة في مرتبها وحدود حق الزوج فيه

البداية مع السيدة سهير صلاح - موظفة - حيث قالت : للأسف لم أتخيّل أن يكون المرتب سبب اختيار زوجى لى لأنه قبل الزواج أخبرنى أنه لن يعتمد عليه وأنه يرفض أن تساهم زوجته فى مصاريف البيت وأنه حقى وأفعل فيه ما أريد وصدقته وفرحت بشدة ولكن حدثت المفاجأة بعد الزواج عندما طلب منى أن أسلمه المرتب مع بيان المفردات وعندما سألته أخبرنى أنه يريد الاطمئنان علىَّ وعلى حسن تصرفى فيه وهنا اضطررت أن أخبره أننى اساعد أهلى فاعترض وغضب وأخبرنى بأنه الأحق به وأنه يقود البيت وإن لم يكن له سيطرة على مرتبى فلن يكون رجلا وتأزمت الأمور وهددنى بالطلاق وخفت بشدة لأننى لست صغيرة.

وعلمت بحملى وأمام هذه الضغوط استسلمت وأعطيته راتبى الشهرى وحاليا أحصل على مصروف ضئيل وعندما أخبرته برغبتى فى الحصول على أجازة رعاية الطفل بعد انتهاء شهور أجازة الوضع رفض بشدة مؤكدا احتياج الأسرة لمرتبى، وبصراحة أشعر بالقهر لكنى خائفة من الطلاق !!

شيرين طلعت تحكى قصتها قائلة : أساعد زوجى منذ خطوبتنا وقد فعلت ذلك بعد أن أخبرتنى زميلاتى فى العمل أن كل السيدات يساهمن مع أزواجهن لتستمر الحياة لكن المشكلة زادت بعدما بدأ يطالبنى بمعرفة تفاصيل مرتبى وأى حوافز أو مكافآت أحصل عليها لدرجة أنه حلف يمينا معلقا بالطلاق منى إذا أخفيت عنه أى مبلغ أحصل عليه وطبعاً حتى لا يقع الطلاق أخبره بكل دخلى لكنى لست سعيدة فكأننى أعمل عنده حتى إذا دفعت مبلغا للمجاملة فى أى مناسبة لصديقة يتحول البيت إلى معركة ويتهمنى بالإسراف وخيانة الأمانة لأن مرتبى حق للأسرة وللأسف لا أعرف عن دخله أى شئ.

«أساهم فى البيت بمزاجى وأرفض أن يعرف زوجى تفاصيل راتبى هكذا بدأت الأستاذة فاطمة مدرسة حديثها وقالت : قبل الزواج تحدثت مع زوجى فى هذا الموضوع المحرج خاصة وأنى مدرسة لغة انجليزية وأعطى دروساً خصوصية وأكدت له أننى على كامل الاستعداد للمساهمة فى كل شئ فى البيت لكن بشرط ألا يطالبنى أبدا بمعرفة دخلى.. أو ماذا أفعل فيه وتردد فى الموافقة لكنه قبل أمام أصرارى .. فمن تقبل أن يحصل زوجها على كل مرتبها تفقد كرامتها واستقلالها لكن المساهمة فى المصاريف واجب على كل زوجة عاملة لأنها تأخذ جزءاً من وقت البيت لعملها.

لا أجبرها

وإذا كانت هذه قصص الزوجات مع المرتب.. فكيف يرى الازواج مرتب الزوجة .

ü الأستاذ سعيد عابد - رجل أعمال - يقول : مرتب زوجتى شئ خاص بها خاصة وأنها تعمل مدرسة وأنا أرفض قيامها بإعطاء أى دروس خصوصية..من هنا فأننى أعتبر عملها تسلية حتى لا تتضايق من انشغالى فى عملى طوال اليوم ولم أجبرها يوما على المساهمة فى أى شئ فى البيت ،لكن هى بين الحين والآخر تشترى أحد الأجهزة الكهربائية التى تساعدها فى أداء الاعمال المنزلية.

الأستاذ محمد شفيق - موظف - يرى أن أى رجل متزوج من امرأة عاملة يعتبر دخلها جزءاً من الدخل الإجمالى للبيت وهذا شئ طبيعى لأنها تقتطع جزءاً من وقتها الذى هو حق للبيت لتمارس هذا العمل .. ولكن مساهمتها يجب أن تكون بالتراضى وليس بالإجبار وأنا شخصيا إذا رفضت زوجتى التعاون معى لن أجبرها لكن لن أتركها تعمل والأفضل أن تبقى فى البيت وتعتنى بالأولاد طالما لا نستفيد من غيابها ماديا.

صعوبة التراجع

وحول كيفية التعامل مع المرتب الخاص بالزوجة على الوجه الأمثل سألنا د. زينب شاهين أستاذ علم الاجتماع فقالت : المرأة العاملة وصلت للعديد من المواقع القيادية لكنها لم تستطع فى معظم الأحوال التخلص من الضغوط التى تمارس عليها للاستمرار فى عملها ومنها أخذ المرتب وعدم إعطائها الفرصة للتصرف فيه بحرية ، وللأسف هذه الظاهرة فى ازدياد مع ارتفاع سن زواج البنات حيث يشترط البعض الارتباط بفتاة عاملة على أساس الاستفادة مما ادخرته على مدى أعوام . وللأسف عادة ترضخ المرأة لمسألة أخذ مرتبها بالكامل على أساس أن هذا هو الوضع السائد أو على أساس ألا تهدم بيتها وهذا خطأ كبير.. ونحن هنا لا ندعوها لهدم بيتها ولكن ننصح كل فتاة مقبلة على الزواج أن تتحدث فى هذا الموضوع وأن تؤكد أهمية استقلالها المادى مع ضرورة قيامها بالتعاون المادى مع زوجها حتى تفى باحتياجات أسرتها..فالمساعدة المالية للزوج ضرورىة لكن دون استبداد وقهر من جانب الزوج فهى ليست خادمة لكن هى شريك فى هذا الكيان وعليها مسئولية تجاهه وطالما أنها تعمل فيجب أن تنعكس الفوائد المالية لعملها على بيتها وبالنسبة لمن يعانين الآن فعليهن البحث عن أسلوب يناسب شخصية الزوج بحيث تسيطر على مرتبها وأن تساهم بما تستطيع وعليها أن تدرك أنها عندما قبلت هذا الأسلوب فى البداية أصبح من الصعب التراجع وإلا قد يصل الأمر مع هذه النوعية من الرجال للانفصال وهنا لن ترتاح لأن المجتمع سيحملها مسئولية الانفصال .. فوق الحروف هو الأفضل لمن لم تتزوج بعد.. أما المتزوجات فعليهن التحاور بهدوء وباستمرار من أجل الحصول على حقهن فى رواتبهن وأن تستغل الفترات التى تكون الحالة المزاجية للزوج طيبة بحيث تطالب بهذا الحق الأصيل لها.

الذمة المالية

أما د. آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية فتتحدث عن موقف الشرع من دخل الزوجة قائلة:الإسلام كرّم المرأة بشكل واضح وحفظ لها استقلالها المالى عن زوجها ولا يجوز لزوجها أخذ شئ من مالها الخاص إلا بعد استئذانها .، وكانت المرأة فى الماضى متفرغة لحياتها الزوجية حتى إذا تاجرت فأنها تنيب من يتاجر عنها ولا تترك بيتها أو أولادها للقيام بعمل ما.. أما الآن فقد تغيرت الأوضاع وأصبحت المرأة تعمل والزوج يوافق على عملها وأصبح من العرف السائد والجائز شرعا أن تعطى جزءاً من دخلها لزوجها للمساعدة فى نفقات الأسرة وعدم إعطائها أى مال لزوجها يضايق الزوج وقد يدفعه لمطالبتها بالتوقف عن العمل طالما لا يستفيد هو أو الأولاد من هــذا العمل .

وعلى الجانب الآخر يجب على الزوج المتدين أن يراعى أن مساهمة الزوجة يجب أن تتم عن طيب خاطر وأنها إذا كانت ملتزمة بمساعدة أسرتها فعليه الا يمنعها وعلى كل رجل يتخطى حدوده ويأخذ مرتب زوجته كاملا ويمنعها من الاستمتاع بعائد عملها أن يدرك أنه يأكل سحتا وأن هذا لا يجوز شرعا لأن الاسلام جعل الذمة المالية للمرأة منفصلة عن الذمة المالية للرجل ليحفظ لها حقوقها.

 

المصدر: مجلة حواء -نجلاء ابو زيد
  • Currently 29/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
9 تصويتات / 1474 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,799,125

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز