مشاعرك
تحددها المواسم
كتبت: مروة لطفي
أخيراً.. انتهي الصيف بشمسه الحارقة التي كثيرا ما طالت عقلي وأعصابي وأصابتهما بحروق نفسية من الدرجة الرابعة وأتي الخريف بتقلباته المناخية ليقلب حالتي النفسية رأسا علي عقب لينتابني تيار جارف من الاشتياق لكلمة حب تروي ظمأ قلبي أو رسالة قصيرة تخفف من جراحي التي لا يكتب لها أبدا أن تندمل.. لكن.. هيهات.. فأيام الخريف سريعة تماما كمشاعري وأحلامي المبتورة التي تعاد صياغتها بقدوم الشتاء بشمسه الدافئة وأمطاره الغزيرة حيث تمنحني الأمل أن أنعم بفرحة العشاق ولأبدأ رحلة لا نهائية من البحث عن الحب بعيد المنال.. حتي يأتي الربيع لتتفتح قلوب المحبين بينما أظل وحدي دون جليس أو أنيس.. هكذا.. هي مشاعري دافئة ممطرة شتاء.. حارة رطبة صيفا.. وأنت.. هل تتبدل حالتك النفسية والمزاجية مع فصول السنة؟!.. إذا كان الأمر كذلك.. فما هو السبيل للتمتع بربيع دائم طوال العام؟!
يبدو أننى لست الوحيدة التى تتأثر بمواسم السنة فغيرى الكثيرات منهن سهام نادر «مدرسة» تقول: ما إن تبدأ أوراق الشجر فى الاصفرار والذبول حتى تنتابنى حالة نفسية سيئة وتزداد حدتها مع قدوم الشتاء بطقسه البارد وسحابه الذى يحجب ضوء الشمس فيشعرنى بالضيق والحزن ولا تتحسن حالتى المزاجية إلا عندما يأتى الربيع بمناخه المعتدل ويعقبه الصيف لتبدأ النزهات الليلية ومصايفه الساحلية حيث أقضى معظمه فى الساحل خاصة وأن طبيعة عملى كمدرسة تجعل إجازتى مع أولادى فى الصيف لهذا أعتبره أكثر شهور العام سعادة لدى..
- ويختلف مع الرأى السابق محمد عبدالرحيم محاسب «قائلا»: لا شك أن الطقس الصيفى الحار يجعله من أكثر المواسم التى تعكر المزاج فضلا عن الشعور بالخمول والإرهاق في العمل لهذا أكرهه كذلك الربيع حيث تزداد الأتربة مما يصيبنى بمشاكل فى الجهاز التنفسى فتؤثر على حالتى النفسية..
فلا أشعر بالارتياح النفسى إلا فى فصل الشتاء ففيه النشاط وساعات النوم الطويلة بعيدا عن أرق الصيف..
مزاج المبدعين
- وإذا كانت فصول العام تؤثر على نفسية البعض فكيف يكون الحال بالنسبة للمبدعين وحيث تلعب حالتهم المزاجية دورا رئيسيا فى إلهامهم؟!
تقول مشيرة عيسى «عازفة البيانو العالمية» :
- لقد ولدت فى العاشر من شهر مايو وفضلا عن توافق يوم مولدى مع يوم زواجى لهذا أعتبر موسمى الربيع والصيف هما الأحب إلى قلبى بينما لا أميل لموسمى الخريف والشتاء لكن رغم ذلك لا أترك نفسيتى فريسة لمواسم السنة المختلفة وقد تعلمت كيفية التغلب على التقلبات المزاجية المصاحبة لفصول السنة خلال إقامتى الطويلة فى النمسا حيث الشتاء والبرودة القارصة طوال العام مما يصيب المقيمين بها بالاكتئاب الذى يتغلب عليه النمساويون بتغير المواسم داخل بيوتهم بمعنى تغيير ألوان المفارش والورود والأشياء المستخدمة فى المنزل لتتناسب مع كل فصل من السنة كذلك ألوان الملابس فحتى إذا كان الطقس شديد البرودة فى الربيع يحرص الجميع على ارتداء ألوان ربيعية وقد تعلمت منهم تلك الطريقة للتغلب على مشاعرى فأرتدى حاليا ألوانا غامقة لتناسب الخريف رغم أن الطقس لا يزال صيفيا فى مصر.. كما أحرص على الاستيقاظ والنوم مبكرا وفى مواعيد ثابتة طوال العام.. مما يساعد على عدم تأثر نفسيتى بالتغيرات الموسمية.. وعلى المستوى العملى أعزف بيانو طوال السنة.. ورغم أننى أعتبر الصيف أحب الفصول إلى قلبى إلا أن موسم العمل يكون فى الشتاء دائما لهذا أعتبر تأثرى بالمواسم محدودا إلى حد ما.
الربيع العربي
وتؤكد الفنانة المتميزة نادية رشاد أن الشتاء.. موسمها المفضل قائلة:
- منذ نعومة أظافرى والشتاء يرتبط بالنشاط والدراسة لذا أعشق العمل فيه خاصة أن طقسه البارد يمنحنى الطاقة والإلهام حتى أن معظم أعمالى الأدبية كتبتها خلال موسم الشتاء واستكملت القليل منها بعد نهاية الموسم حيث يظل الإلهام يلاحقنى طالما دخلت فى حالة الكتابة حتى أنهى عملى الأدبى..
أما بالنسبة للتمثيل فلا أترك نفسى للتغيرات الموسمية لتؤثر على عملى الفنى حيث احرص على العمل دون التقيد بتغير الفصول .
شخصية منفردة
وتكشف الكاتبة الكبيرة هدى جاد عن طبيعتها الشخصية قائلة:
- ربما أكون شخصية منفردة فى التصرفات والإبداع بمعنى أن النزعة الدينية تطغى على تقلباتى النفسية المرتبطة ببرودة الجو أو حرارته مما يمنحنى نعمة الابداع فى أى وقت أو موسم.. ورغم ذلك فأنا من أنصار الشتاء بما فيه من شمس ساطعة ودفء القلوب وازداد عشقى لهذا الموسم بعد ارتباطه بثورة 25 يناير التى لم يتخيلها أحد لتسطع الشمس على مستقبل مصر.. كذلك أعتبر للصيف أيضا مباهجه حين أكون فى الساحل حيث أنظر للبحر لأتذكر شبابى حين كنت سباحة ماهرة أحصل على البطولات.. ولا يمكن لى نسيان الربيع الذى يرتبط بالفنان الراحل فريد الأطرش حيث غنى له وهو من أكثر الفنانين الذين عشقت ألحانهم..
تغيرات هرمونية
وعن العلاقة بين الحالة النفسية وتغير الفصول الأربعة يحدثنا الدكتور إسماعيل يوسف أستاذ علم النفس بجامعة قناة السويس قائلا:
- من المعروف علميا أن هناك علاقة ما بين فصول السنة والحالة المزاجية ويرجع ذلك للتغيرات الهرمونية بالجسم.. كذلك تربط بعض الدراسات هذه التغيرات الهرمونية بدورة القمر الشهرية وعادة ما تتأثر المرأة أكثر من الرجل بالتغيرات الموسمية ويرجع ذلك لتعرضها أكثر للإصابة بالاكتئاب والذى أرجعه البعض للتغيرات الهرمونية الأنثوية بينما أرجعه البعض الآخر إلى نظرة المجتمع للمرأة الذى يتقبل منها الشكوى بينما يرفضها من الرجل باعتبارها تتنافى مع مفهوم الرجولة من وجهة النظر المجتمعية الخاطئة السائدة..
- ولأن الوقاية دائما خير من العلاج يقدم د. إسماعيل يوسف بعض النصائح لتجنب سوء الحالة المزاجية المصاحب لتقلب الفصول ويمكن إجمالها فى الآتى: تحديد ساعات معينة ثابتة للنوم والاستيقاظ والحرص على ممارسة رياضة المشى يوميا حيث يساعد النشاط البدنى على التخلص من شحنات التوتر وتجنب وجبات العشاء الدسمة وأخذ حمام دافئ قبل النوم حيث يساعد على الاسترخاء والابتعاد عن مشاهدة أفلام الرعب أو سماع القصص المؤلمة قبل النوم.. وأخيراً، فى حالة الإصابة بأى من الأمراض النفسية التى تزداد حدتها مع تغير المواسم يجب استشارة الطيب المعالج لأخذ الدواء المناسب للحالة المرضية.
ساحة النقاش