توكل كرمان .. عنوان اليمن الجديد!
كتبت :نبيلة حافظ
توكل كرمان .. امرأة بألف رجل من رجال العالم العربى والإسلامى أصبحت نموذجاً للتحرير والديمقراطية فى بلاد تحكم بالقمع والديكتاتورية .. ونموذجاً للتغيير فى دول كان دور المرأة مغيباً ومهمشاً فيها .. تمردت على الأوضاع المتردية فى مجتمعها العربى الذى يعطى للرجال الكثير .. ويحرم النساء من أقل حقوقهن، لقد أصبح اسمها مرتبطا بمصير اليمن .. ويضاف إلى سجل النساء الخالدات بتاريخ العرب بفضل رمز من رموز الربيع العربى ،وجاءت جائزة نوبل للسلام إليها لتحمل أسمي المعاني الأخلاقية والإنسانية العظيمة .. وتكون تشريفاً للعرب والإسلام والمرأة العربية تحديداً.
وقفت توكل كرمان أمام حشد كبير من الشخصيات العالمية فى الاحتفالية التى أقيمت لتوزيع جوائز نوبل .. وقفت شامخة .. ذات حضور قوى ازدانت بحجابها البسيط أمام أعين الملايين.. أعلنت فى كلمتها أن المرأة العربية سوف تظل شامخة .. أبية .. تدافع عن حقوق بلادها.. لا يهزها الظلم ولا الطغيان .. ولا تكبلها قيود أو أغلال .. سوف تظل تصارع من أجل نيل حقوقها ولكى تحتل مكانتها فى المجتمع العربى الذى حرمها الكثير من حقوقها .. لقد كانت كلماتها مدوية وهى تقول بكل شجاعة إن الزمن الذى كانت فيه النساء العربيات ضحايا قد ولىّ وإن النساء قادمات وهن الآن قياديات .. لسن قياديات فقط لبلادهن أو لمعاركهن .. بل قياديات للعالم والدليل على ذلك تلك الجائزة التى منحت لها لتصبح أول امرأة عربية تمنح نوبل للسلام .. ولتكن هذه الجائزة اعترافا من المجتمع العالمى بدور المرأة العربية المسلمة فى ربيع الثورات العربية الذى تجسده توكل كرمان الناشطة السياسية والمعارضة البارزة للنظام الحاكم باليمن .
ü لم يكن غريبا على هذه المرأة أن تفوز بهذه الجائزة .. فتاريخها حافل بالأعمال والبطولات إلى جانب أنها تربت داخل بيت كله سياسة ومواقف وطنية.. فوالدها رجل القانون والسياسة عبد السلام كرمان والذى أصر على أن يدمج ابنته فى الحياة السياسية وخاصة بعد أن أكملت دراستها الجامعية وحصلت على ماجستير فى العلوم السياسية، ولم تقف توكل عند الدراسة فقط بل بدأت تمارس السياسة باليمن وأصبح هدفها الأول فى الحياة هو القضاء على الفساد والبحث عن حياة أفضل ،العدالة الاجتماعية أهم أركانها لذلك كانت قضية حقوق الإنسان بمعانيها الواسعة هى شغلها الدائم .. انخرطت فى العمل السياسى وكانت عيناها على فساد الحكم وكان الحلم الذى يراودها هو التغيير .. لذلك نادت بالتغيير فى وقت مبكر، وطالبت الرئيس عبد الله صالح بالرحيل عن الحكم .. من هنا اندلعت ثورتها وثورة شباب اليمن فى الثالث من فبراير .. تلك الثورة السلمية التى طالبت بالحرية والعدالة الاجتماعية.
قادت توكل كرمان المظاهرات فى الشوارع والطرقات والساحات فى شجاعة قل نظيرها .. اعتقلت من جانب الأمن وتم تهديدها بالقتل ولم يثنها كل هذا عن الاستمرار فى طريقها ،طريق البحث عن الحرية الضائعة .. لم تخف من قمع الأمن لها بل كان يزيدها ذلك إصرارا على النضال والكفاح فى ثورة شعبها لتصبح توكل مع كل هذا عنوانا لليمن الجديد ولذلك لم يكن مستغربا تكريم العالم كله لها .. ولم يكن غريبا حصولها على نوبل للسلام .. ولا أن تختارها مجلة التايم الأمريكية فى المرتبة الأولى لأكثر النساء ثورية فى التاريخ .. ولا أن يتم تصنيفها ضمن أقوى «500» شخصية على مستوى العالم .. كل هذا التكريم كانت توكل تستحقه وبكل جدارة .. ولم يكن غريباً علينا نحن نساء العرب أن نتفاخر وسط العالم بأننا نساء عربيات.
ساحة النقاش