عام سعيد..

يا أى رجل فى العالم.. أكرهك "1"

كتبت :سكينة السادات

اسمحوا لى قرائى وقارئاتى الأعزاء أن أهنئكم بالعام الميلادى الجديد الذى أرجو أن يكون أفضل من سابقه وأدعو الله أن يشهد العام الجديد استقرارا وأمانا وهدوءا فى كل ربوع مصرنا الغالية، وأن نحقق فيه الآمال التى نصبو إليها من حيث الحرية والعدالة الاجتماعية والأمان وأسأل الله أن يوفق مسئولينا إلى ما فيه خير البلاد والعباد وأدعو لشعب مصر بأن يتحلّى بالأخلاقيات الكريمة وأن يبدأ العمل والإنتاج بكل طاقاته حتى يعود إلى وطننا الحبيب مجده وسؤدده.

 

ll

 

قارئتى الشابة رنا «30 سنة» أصرت على أن تحكى لى كافة التفاصيل واستمعت إليها جيداً ومن حسن الطالع وافقت على نصائحى بصدر رحب بعد أن رفضتها من كل من نصحوها بها مسبقاً!!

قالت رنا : لا تمليِّ منى يا سيدتى فأنا أعتبرك أمى وسوف لا أخفى عليك أى حدث فى حياتى وسوف أتقبل حكمك على الأمور مهما كان!

نشأت فى أسرة تصنيفها أنها من حيث الدخل والوضع الاجتماعي، تعتبر أسرة موسرة، والدى مهندس استشارى كان ولايزال مشهوراً جداً وكانت ولاتزال اللافتات التى تحمل اسمه تتصدر كبرى المشروعات الإنشائية فى مصر والخارج.

أما والدتى فقد كانت سيدة طيبة القلب إلى درجة قد لا يصدقها أحد فى هذا الزمان وهى قريبة لوالدى من بعيد لكن أسرتها لا تقل ثراء عن أبى وأسرته وكانت ولا تزال «أمى رغم أنها كبرت فى السن» جميلة، هادئة، مصلية، تقية لا شيء فى حياتها سوى زوجها وأولادها الأربعة حيث أحتل أنا الدرجة الوسطى فيهم فأنا نمرة ثلاثة وقبلى أخان وبعدى أخت واحدة تصغرنى فى السن بخمس سنوات.

نشأت يا سيدتى فى بيت رهيب نعم رهيب! الأب هو الحاكم بأمره فى البيت، يدخل من الباب فيسود الذعر والهلع بين أمى وبيننا نحن أولاده وكذلك الخدم ويبدأ فى «الزعيق» بسبب وبدون سبب وعلى أتفه الأمور وكثيراً بدون أى مبرر!

تقف أمى مرتجفة وتحاول أن تتكلم فيرد عليها أبى أحيانا بصفعة أو - لا مؤاخذة - بصقة على وجهها أو «بمطفأة سجائر» فى وجهها لاتتفادها أحيانا وأحيانا تصيبها، وتسيل دماؤها ولا يجرؤ أحد من أولادها على الاقتراب منها أو مسح دمها الذى يسيل على وجهها وملابسها وإلا سيناله من الحب جانب!!

ولا تستطيع أن تنصرف من أمامه إلا بعد أن يقول لها متأففاً وقرفانا وهو يلوّح لها بيده.

- غورى من قدامى.. إمشى!!

وتهرع أمى المسكينة إلى الحمام تغسل دماءها وتحاول أن تعالج الجرح بنفسها وبدون أى اعتراض سوى دموعها التى تنهمر وعندما تغيب فى الحمام يصبح والدى غاضباً متأففاً..

- إخلصى .. عاوز أطفح لقمة عندى ضيوف أجانب فى المكتب حضرى الغذاء بسرعة بلاش قرف.

وتهرع والدتى المسكينة إلى المطبخ وتستعين بالشغالة فى تحضير وتسخين الطعام ووضعه على المائدة، ودموعها منهمرة أيضاً وعلى فكرة كان أبى المليونير يرفض استخدام طاهى لأنه يحب أن يأكل من يد زوجته لكنه يوافق على الشغالة والجناينى و«اللوانجية» أى المسئولة عن التنظيف والغسيل فقط فى البيت!

وبعد أن يجلس أبى ويبدأ الأكل سريعا «يزعق» فين العيال؟

تجرى إليه الشغالة وتقول له إنهم جميعاً فى الخارج «أى فى المدارس والجامعة» ولم يعودوا بعد.

ويأكل طعامه ويطلب الحلو ثم يقوم إلى مكتبه للتدخين وشرب القهوة ثم - وياللعجب - نسمع أحاديثه فى المكتب مع الناس على الهاتف آخر ضحك ومجاملة وظرف وقهقهة من القلب وعندما يضع سماعة التليفون ينقلب وجهه مرة أخرى ويسحب حقيبته ويخرج قائلاً لأمى التى يجب أن تكون فى وداعه مهما حصل:

- عندى ضيوف ها تأخر الليلة!

ويرزع الباب ويخرج!

كان هذا هو البرنامج اليومى لأبى فى البيت وكانت أمى تقول إنها تتحمل من أجل الأربعة - هكذا كانت تسمى أولادها وكثيرا ما تتركه أو تشكو لأهلها مما تراه منه من معاملة أكثر من سيئة فكانت تقول إنها لن تسمح لأحد أن يربى أولاد غيرها وربنا هو الهادى.

نشأت أرى أمى تضرب على وجهها ويبصق فى وجهها وترمى بالحذاء أحيانا والفازة أحيانا أخرى لأسباب واهية أو بدون سبب ومرة - أمامى - ضربها لأنها لا ترد عليه !! ولم يكن قد قال شيئاً يمكن الرد عليه ولكن يا سيدتى فى الجانب الآخر كانت أمى تقول بصفتى أكبر البنتين والبنت سر أمها إنه يغدق عليها المال ولا يتأخر فى تحقيق أى مطلب لها وإنه أحيانا يمطرها بكلمات طيبة مثل .. عينى لك يا أم الأولاد.. كل طلباتك مجابة!

وتستطرد «رنا» قائلة.. تخرجت سيدتى فى كلية الألسن وعملت فى المركز الثقافى حسب اللغة التى درستها. أما أخواى الصبيان - وهما مهندسان كما أراد والدى لهما فقد تخرجا فى كلية الهندسة والتحقا بالعمل فى مكتب والدى ثم كانت المأساة عندما تقدم ابن خالتى الطبيب الوسيم لخطبتي! ماذا حدث بعد ذلك؟ هل تمت الخطبة؟ وما هو نوع المأساة؟

الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية!

أما عن حكاية اليوم فقد أوجعت قلبى كأم وأدركت تماما ما تعانيه والدة قارئتنا من آلام وعذرتها كثيراً لكن بفضل الله تعالى وإحسانه فإن لكل مشكلة حلا إذا ما توفرت الإرادة والسعى الدؤوب من أجل الإقدام على بداية علاج الخلل والاستمرار فيه حتى تعود الأمور لطبيعتها.

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 512 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,459,792

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز