عندما يسأل أبناء الطلاق:ماما:بابا فين؟؟
كتبت :أسماء صقر
يدفعون ثمن أخطاء لم يرتكبوها ويحوزون لقب ضحايا دون سعي أو مجهود.. إنهم أبناء المطلقين والمطلقات الذى يسعي كل منهم إلي بناء حياة جديدة علي أطلال حياة زهور مازالت تتفتح متطلعة لحياة مستقرة.
لكن كيف يري الطفل طلاق أبيه وأمه؟ وما تداعياته النفسية عليه؟! هذه صورة نقلها إلي كل زوج وزوجة يفكران في الطلاق كأسلوب لحل مشكلاتهم التي قد تبدو ساذجة أمام المشكلات التي سيقع فيها أبناؤهما؟! ll
كيف يرى الأطفال فكرة الطلاق كحل للنزاع بين الوالدين وما تداعياته على حياتهما؟
- يقول : رامى عادل - 10 سنوات - : لحظة معرفتى بخبر تطليق أبى لأمى صدمت وشعرت بأننى طفل غير كل الأطفال الذين أعرفهم ومستقرين أسريا، ومع ذلك تقبلت الأمر والوضع وفضلت أن أعيش مع أمى بخاصة وأن أبى تزوج من امرأة أخرى وهذا أحزننى كثيرا فكنت أتمنى عودتهما لبعضهما رغم الخلافات الشديدة التى بينهما.
وعلى النقيض تقول هبة حامد 12 سنة : طلاق أمى راحة لى فعندما تحدث مشاجرة بين أبى وأمى كنت أشعر بالخوف الشديد والرعب من سوء معاملته لأمى، أما الآن تخلصت من هذا فأشعر بإننى حرة وأمى لا تحب أن تغضبنى فتتركنى أفعل ما أحب .
ويتساءل جمال عمر - 15 سنة - : لا أدرى لماذا طلبت أمى الطلاق من أبى فهى تقول لى دائما : إنه لا يهتم بها ويجلس على الكمبيوتر طوال اليوم فضلا عن معرفته وصداقته الشديدة بفتاة عرفها من خلال أصدقائه وهى تشك أنه متزوجها لكننى أشعر أن هناك سبباً آخر لذلك تريد هى ألا أعرفه ورغم ما قالته عن أبى أحبه وأحرص على زيارته بل وبيننا صداقة عكس ما أحسسته .
ولا تتوقع نادية أحمد - 14 سنة - طلاق أمها وأبيها رغم المشكلات وتضيف : أبى لا أراه الآن بشكل مستمر فأشعر بأن قلبه أصبح قاسياً على ومشغولا بأبنائه الآخرين من زوجته الجديدة فطفولتى فى البداية كانت تسير بشكل جميل وكنت أشعر بالسعادة وأحب غرفتى التى أجلس فيها أكثر الأوقات وعند معرفتى بالطلاق فقدت كل معانى ومشاعر السعادة الجميلة التى كنت أشعر بها قبل الطلاق.
أما محمد شلتوت - 16 سنة - يقول : كم شعرت بالظلم لحظة طلاق أمى فوالدى ليس له قرار أو شخصية قوية أما والدته فكانت دائما تتصيد لأمى المشكلات رغم أنها كانت ترعاها وتقوم بجميع شئون منزلها إلا أنها كانت تفضل بنت أختها عن أمى وكانت تتمنى منذ عدة سنوات أن يتزوجها أبى، لكن فى هذه الفترة كانت متخاصمة مع أختها وجدى رفض الزواج من ابنتها بسبب مشكلات عن الميراث ومنذ هذه اللحظة أرى كل الناس فى نظرى لا يدركون معنى الحق والعدل المهم المصالح والمنفعة العامة.
مشاعر الفقدان
ويحدثنا د. عبدالمنعم شحاتة - أستاذ علم النفس بجامعة المنوفية - عن الآثار المترتبة نفسيا على سلوك الأطفال قائلا : يرتبط الأطفال نفسيا بالوالدين فعندما ينفصلان ويشعر الأطفال أنهم فقدوا نصف ذواتهم تنتابهم مشاعر الفقدان والرفض والهجر فى تعاملهم مع الآخرين مما يدمر قدراتهم على التركيز فى الدراسة وإصابتهم بالأمراض النفسية كالإحباط والاكتئاب ، والتوتر والقلق النفسى المستمر والتشتت ، ولا يمكن القضاء على الآثار الناجمة عن الطلاق ولكن يمكن التقليل منها بأفضل الطرق التى ليس من السهل على الوالدين اتباعها ، ولكن ستكون نتائجها وجود بيئة أكثر استقرارا للأطفال وينتهى الأمر بهم إلى تحسن العلاقات الأسرية . ومن هذه الطرق أن ينال الطفل الحرية فى رؤية كلا الوالدين فلابد أن يكون قادرا على الاتصال أو رؤية أى من الوالدين دون الخوف من مضايقة الطرف الآخر ، وإظهار حب الطفل لأحد والديه دون خوف وعدم إكراه الطفل فى أحد الوالدين فهذا ينعكس عليه بالسلب فى شخصيته حيث يصبح عدوانيا وليست لديه ثقة فى نفسه .
وأيضا يشعر الطفل بالثبات والأمان والاستقرار ، لذا يحتاج الوالدان إلى وضع قواعد وأسس متشابهة فى التعامل مع الطفل مثلما كان يعيش الطفل قبل وقوع الطلاق كأوقات النوم ، وأداء الواجبات والمتطلبات المادية للطفل ، وهنا يتم خلق روح التعاون لدى الأطفال ومشاركتهم وتفاعلهم مع الوالدين بشكل طبيعى .
وتنبه د. عزة صيام - أستاذة علم الاجتماع ووكيلة كلية الآداب للدراسات العليا والبحوث الإنسانية بجامعة بنها - إلى ضرورة أن يعرف الطفل أن كلا الوالدين لايزالان يلعبان دوراً فى حياته، فالوالدان ينفصلان والطفل فى حاجة إلى الأبوة الثنائية ويحتاج أن يشاركاه جميع أوجه حياته، وخاصة فى المدرسة ، فلابد أن يحضر كلا الوالدين جلسات مجلس الآباء والحفلات المدرسية فهذا يوضح للطفل أن المدرسة من أولويات أبويه ما يجعل الطفل يشعر بأن التفوق فى الدراسة هو الأهم .
وتشير إلى أن هناك خطوات لاستعادة المرأة المطلقة حياتها بعد الطلاق ، منها التعبير عن الحزن بحرية وبدون تحفظ حيث ينتاب العديد من الناس الخوف من التعبير عن مشاعر الغضب والاكتئاب ، بل من المفيد لصحة المرأة أن تترك العنان لمشاعر الحزن التى تمر بها حتى تنتهى تماما وتتخلص من روح اليأس تدريجيا لأن تلك المشاعر لن تدوم أبدا .
كما يجب فهم أسباب الطلاق والاعتراف بالخطأ إذا وجد حتى تستطيع المرأة معالجة الأزمة وتؤسس لنفسها حياة خالية من تلك المشكلات والسلبيات ، وأن تكون صادقة وحيادية مع ذاتها .
وبدء صفحة جديدة للمرأة المطلقة مع زوجها السابق خالية من الضغوط والكره والحقد من أجل مصلحة الأبناء وإمكانية رؤيتهم فى ظل تواجد الأب والأم معا للحفاظ على استقرارهم النفسى والأسرى.
وتنهى حديثها قائلة : لابد أن تتحلى المرأة المطلقة بالصبر والهدوء عند تعاملها مع أبنائها والصبر عليهم ، وتهتم باستعادة التوازن العاطفى لديها ولا تبالى لنظرة العتاب واللوم إذا وجدت من حولها طالما أنها مدركة أن ما فعلته صحيحا وفى صالح الأولاد ، وحقا الحياة أصبحت مستحيلة مع زوجها وأيضا تحذر من انتقام أحد الوالدين من الآخر بتكريه الأولاد فى الطرف الآخر سواء الأب أو الأم فهذا يعمل على انهيار الطفل نفسيا وعاطفيا واجتماعيا
ذكرت إحدى الدراسات التى أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى مصر ، أن الأسر المفككة ترتفع فيها نسبة جرائم العنف الأسرى ، مشيرة إلى أن 87% من مرتبكى هذه الجرائم من المتزوجين . فى مقابل نحو 13% من غير المتزوجين ويشكل الذكور غالبية مرتكبى العنف بنسبة تزيد عن 87% بينما تمثل الإناث نحو 22%.
كما أوضحت دراسة أخرى للمركز أن السبب الثانى لظاهرة تعرض الأطفال للتشرد هو التفكك الأسرى نتيجة وفاة العائل ، أو وقوع الطلاق بين الوالدين واتجاه كل طرف إلى الزواج بآخر . وبلغت نسبة المشردين من الأطفال لهذا السبب نحو 1.24% من حجم الأطفال المشردين.
ومع ارتفاع نسبة الطلاق وزيادة نسبة التفكك الأسرى تزداد نسب التشرد عند الأطفال بشكل مستمر.
ساحة النقاش