الطلاق فى السنة الأولى
كتب :رجب رزق
زواج متعجل تنتهي45% من الزيجات في عامها الأول وذلك مؤشر إلي وجود العديد من الثغرات في بناء هذه الزيجات، فقد يكون الاختيار المتعجل سبباً، وقد يمثل تدخل الأهل عاملاً قوياً في فشل العلاقة الزوجية في مهدها.
ولكن الأخطر والأعمق في هذه المشكلة سهولة اتخاذ قرار الطلاق لدي حديثي الزواج تحت دعاوي عدم وجود أولاد وأن الحياة مازالت أمامنا.
وفي السطور القادمة نسلط مزيداً من الضوء علي الطلاق المبكر وتداعياته علي الأسرة
نبدأ مع أحد من عانوا من الطلاق السريع : محمد-مهندس- يقول: تعرفت على فتاة فى أحد الأفراح وأعجبنا ببعضنا، وكنت جاهزا للزواج وساعدتنى والدتى فى الزواج السريع مع تحفظ والدى، وعشنا أحلى أيامنا الأشهر الثلاثة الأولى، فمع بداية الحياة الطبيعية بعد الزواج والخروج والعمل، تحول سلوك زوجتى فبدأت لا تستطيع الحياة بدون أصدقاء وسهر وخروج، حاولت كثيراً أن أغيرها لكنها كانت عنيدة فتدخل الأهل والأقارب لكنهم كانوا فى غيبوبة، وبدلا من أن يحلوا مشكلاتنا زادوها تعقيدا حتى انتهينا إلى الطلاق المبكر.
أما سارة فقد تزوجت من زميل لها وكان زواجاً تقليدياً تقول: كنا متفاهمين لكن كان هناك خطأ لم أكن أتخيل أهميته هو أننا كنا نسكن مع أهله فى نفس العمارة، وكانت حماتى متدخله فى كل حياتنا كانت لى بالمرصاد تعترض على كل شيء يخص حياتنا، أكلنا وشربنا ونومنا وخروجنا كانت هى الآمر الناهى بالبيت وكان زوجى سلبياً للغاية، حتى ظلمها لى كان يقول لى «دى ماما ولازم نسمع كلامها». فقررت وقتها الطلاق وبسرعة قبل أن يكون بيننا أطفال.
القدرة علي الحل
ويقول محمود محمد: تزوجت من جارتى بعد أن جمع الحب بيننا، فى البداية ظهرت بعض المشكلات مع أهلها لكنى كنت أتصور أننى قادر على حلها وزوجتي عندى وخلاص، لكن بعد الزواج وجدتها إنسانة أخرى فبعدما كانت تختلف مع أهلها من أجلى أيام الخطوبة أصبحت تهاجمنى فى كل شىء.
حذرتها أن أسلوبها سيؤدى لخراب البيت قالت لى أهلى أهم من أى إنسان لدرجة فى كل اختلاف بيننا كانت تذهب لأهلها وتترك البيت واستمر هذا الحال ستة أشهر ولا حل.
فقررت أن الطلاق أفضل لى ولكرامتى من بيت وحياة كلها مشاكل.
سوء الاختيار
وعن الطلاق المبكر تحدثنا د. إنشاد عزالدين - أستاذة علم الاجتماع جامعة حلوان - والتى ترى أن أسباب ارتفاع نسبة الطلاق فى مصر خلال السنة الأولى من الزواج والتى تصل إلى 45% هى أسباب عديدة منها: سوء اختيار الشريك وفشل التوقعات للطرفين وأحلام الخطوبة الوهمية، وعدم ممارسة الحب وتدخل الأهل فى الحياة الزوجية، وأن معظم حالات الزواج تمت على اختيار الشكل والمظهر والمال وغابت عنها الشفافية.
ومن هنا تكون الخطورة على المجتمع الذى قد يتأثر بهذه الحالات فيحجم عن الزواج لترتفع نسبة العنوسة، التى هى من أحد أسباب هذا الطلاق السريع، فإن خوف البنت من العنوسة يجعلها تلجأ للزواج السريع ومنه إلى الطلاق السريع.
وأحب أن أوضح أن الطلاق هو أبغض الحلال عند الله وأن الطلاق فى حد ذاته شُرع حينما تكون الحياة مستحيلة وأن فكرة الطلاق بعيدة عن الأسرة المصرية.
وتضيف د. إنشاد : يجب تحرى الدقة فى الاختيار وإشراك الأهل ولا خاب من استشار، واللجوء إلى الله. والبعد عن فكرة «أطلق وأنا صغيرة هلاقى غيره لكن لو تحملت ممكن تضيع الفرصة».
وتحذر من أن الأسرة المصرية الآن أصبحت تدعم فكرة الطلاق السريع أو «الطلاق تيك أواي» فالقضية أصبحت فى غاية السهولة مع الحرية المطلقة فى الحياة والعيش بمفردها بكامل الحرية وأن نظرة المجتمع للمطلقة ليست صعبة مثل الماضي. ولو أن الزواج استمر للسنة الثانية فيرجع إلى حجم المشكلة.
وفى النهاية أحب أن أضيف هناك 3 صفات إذا اتصف بهّن الرجل نفرت منه المرأة نهائياً وإذا اتصفت بهن المرأة لتمسك بها الرجل البخل، الجبن، الزهو.
غياب المهارات الاجتماعية
ويتفق معها د. محمد خليل - أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس - يقول: من أسباب الطلاق السريع التعجل فى الزواج وعدم النضج بين الزوجين، وعدم جودة الاختيار وافتقاد المهارات الاجتماعية التى تمكن الأسرة من محاصرة المشكلات والقدرة على الحل بدلاً من أن تصل إلى الطلاق. ويرى أن صفة مطلق أو مطلقة باتت من الأمور المحتملة بالنسبة للأجيال الجديدة وأصبح شيئاً عادياً أن أتزوج وأطلق من جديد. وأن الجيل الحالى أكثر جرأة فى الإقدام على الطلاق بدلاً من بذل مجهود فى حل المشكلات. وهو ما يقلق المجتمع المصرى بعد إن أصبحنا الآن نسمع عن زواج المصلحة والبيزنس وأنماط زواج جديدة علينا.
الزواج عن حب
وعن رأى الطب النفسى فى هذه القضية.. يقول د. محمد أحمد عويضة -أستاذ الطب النفسى جامعة الأزهر -: لقد لوحظ فى السنوات الأخيرة ازدياد معدلات الطلاق فى السنة الأولى من الزواج والمشاهدات تقول إن معظمها تمت فى العلاقات التى كانت تتصف بالحب الشديد لدى الطرفين.
وأن الطرفين قد اختارا بعضهما، أى الزواج عن حب، أى أن الزواج الذى تم عن حب سجل أعلى نسب طلاق فى أول سنة، والسبب هو أن الزواج بدأ فى مرحلة المراهقة ومن هنا كل طرف غرق فى حب الطرف الآخر فرأى مميزاته ولم ير عيوبه، كما يقولون «مراية الحب عامية» بعد الزواج وبعد أول شهرين يتبدى وجه كل طرف، وتبدأ أوجه النقص والعيوب تظهر وأن الطرفين ليست لديهما القدرة على التكيف مع الطباع الجديدة فتبدأ الخلافات وتتصاعد دون اتفاق على طريقة لحل المشكلات بينهما.
ويضيف د. عويضة : لكنهما إذا استعانا باستشارى أسرى أو نفسى يمكن تجاوزهما للمرحلة الثانية وعلاقتهما تقوى وتزداد. ولو حاولا، حل مشكلاتهما وعيوبهما وتخطيا السنة الأولى، يكون معناه أن الطرفين تخطيا أخطر مرحلة فى الزواج وهى السنة الأولى.
وهذا هو الفرق بين الزواج عن الحب أو الزواج السريع.
أما زواج الصالونات فهو الأبقى لأنه يتم بإشراك الأهل والأصدقاء وكل طرف يرى عيوب الآخر ويختار إما أن يستمر وإما أن يتوقف.
وعن التأثير الاجتماعى للطلاق يرى د. عويضة أنه سبب رئيسى لزرع الخوف من الإقبال على الزواج : لنعيش فى مجتمع سلبى تزداد فيه مشكلاتنا.
ويرى د. محمد الحل فى : العودة لزواج الصالونات وأن يتم الزواج على قاعدتين «قاعدة العاطفة وقاعدة العقل» فالعاطفة بمفردها قد تبنى بيتاً سعيداً لكنه سيكون غير مستقر وغير مستمر.
والعقل بمفرده أيضاً لا يبنى بيتاً سعيداً لكنه يؤسس بيتاً مستقراً. ومن هنا تظهر أهمية فترة الخطوبة التى تخلق الحب بين الطرفين ولا تقل عن سنة حتى يقترب الزوجان من بعضهما.
وينمو بينهما الود ويكون زواجاً سعيداً ومستقراً.
التكافؤ مهم
أما د.مها على - استشارية الطب النفسى جامعة عين شمس - فتقول: إن ظاهرة الطلاق السريع الذى يتم خلال السنة الأولى من الزواج هى مشكلة نفسية اجتماعية ويرجع سببها فى الأغلب إلى غياب التكافؤ بين الطرفين، وسوء اختيار أحد الطرفين للآخر، وأن أحد الطرفين يتظاهر بشخصية بعيدة كل البعد عن شخصيته الحقيقية وهى سلوك نفسى سلبى ينتهجه كثير من المقدمين على الزواج والذى فى النهاية يؤدى إلى الطلاق السريع وخلال الشهور الأولى وليست السنة الأولى من الزواج لأنها سمة زواج بنى على الكذب وغياب الحقيقة والحب والتفاهم وهى أساسيات الزواج السعيد.
فعند حدوث مشكلات أثناء الزواج تنتاب الشخص أزمات نفسية تؤثر على المحيطين بأطراف المشكلة وتساعد على الطلاق، وبعد وقوع الطلاق ندخل فى مشكلات أكبر حتى تكون النهاية مجتمعاً نفسياً معقداً.
وهنا لابد من تفعيل دور الطب النفسى الذى هو بعيد عن الشخصية المصرية للمساعدة فى حل مشكلاتنا فى ظل الغياب الأسرى وانشغال الأهل بالمال والأعمال، وأيضاً تفعيل دور الأسرة قبل الزواج ومساعدة أحد الطرفين للتعرف بدقة على الطرف الآخر، ولكن بعد الزواج لابد أن يكون التدخل بحذر، وأغلب حالات الطلاق السريع نتيجة التسلط الأسرى أو التدخل الأسرى الخاطئ
ساحة النقاش