فى دنيا المشاهير :

أمهات صنعن نجوما

كتبت :ايمان عبدالرحمن

 

"وراء كل قصة نجاح أسباب..ووراء كل رجل عظيم امرأة..ووراء كل ناجح امرأة".. فقلب فى قصص النجاح ستجد أن وراءها امرأة .. هى "الجدة والأم والأخت والزوجة"..هى التى تدفع وتقوى وتشد الأذر .. تصبر وتشجع وتسهر.. فحتما سيكون أبناؤها من العظماء.. في السطور القادمة غصنا في حياة المشاهير لنعرف ماذا قالوا و كتبوا عنها ، و كيف أثرت في حياتهم ونجاحاتهم >>

التوأمان مصطفى وعلى أمين.. ولدا في 21 فبراير 1914 فى مركز قيادة ثورة 1919 أي بيت الأمة حيث كان زعيم الثورة"سعد زغلول" خال أمهما..وقد عايشا تداعيات وقائع الثورة.. فحينما اندلعت ثورة 1919 كان عمر التوأم ثلاثة أعوام، وظلا في هذا البيت 13 عاماً..

كان لوالدتهما أثر كبير عليهما..فقد كانت المحفز الأول لجعلهما من يوم 21 مارس عيدا للأم..كتب مصطفي أمين عن أمه :" أنا مدين لأمي بالكثير، وكانت أمي مؤمنة إيماناً غريباً بثورة 1919 وبلغ اهتمامها بهذه الثورة أن اشتركت في تهريب منشورات، ففي إحدي المرات التي كانت المواصلات مقطوعة بين القاهرة والمحافظات لأن رجال الثورة قاموا بقطع السكك الحديدية التي كانت تربط العاصمة بباقي المحافظات ذهبت إلي بورسعيد بالمركب وكانت تحتفظ بالمنشورات تحت ملابسها وكأنها حامل، وقامت بتسليم المنشورات إلي قاضي محكمة بورسعيد الذي كان أحد أعضاء الجهاز السري في الثورة.

أنور السادات

في كتابه "البحث عن الذات" لم يشر الراحل أنور السادات إلي والدته ،ولكنه كتب عن أم الأفندي - جدته - كما كان يطلق عليها، وأشاد بالدور الذي لعبته في حياته قائلا :" كم كنت أحب هذه السيدة ،كانت شخصية في غاية القوة بالإضافة إلي الحكمة، حكمة الفطرة والتجربة ،والحياة وطوال فترة نشأتي في القرية كانت هي رأس العائلة فقد كان والدي يعمل في الجيش في السودان، وكانت هي ترعانا وتخرج وراء الأنفار كأي رجل تتعهد الفدانين والنصف التي اقتناها والدي.

أحمد بهجت

الساخر الراحل "أحمد بهجت" عرف عنه ولعه الشديد بالحيوانات وبرفقه بهم ،حتي أنه كان يأويهم في المنزل مما كان يوقعه في مشكلات كبيرة مع والدته ،وكان مما قاله "كانت تربيتي صارمة جداً لأنني ولد وحيد لثلاث أخوات بنات وكان والداي يحيطانني برقابة شديدة خوفاً علي، وفرضت عزلتي عليّ حباً من نوع آخر بعدما كنت أقضي كل وقتي في القراءة،ويضيف عن حبه للحيوانات، وخصوصا القطط والكلاب، كنت أطعمهم طعامي ،وكان يشفق قلبي علي أي كلب حتي لو كان أجرب واستضيفه في البيت وكنت أتعرض للوم.

الأبنودي

الشاعر الكبير الخال "عبدالرحمن الأبنودي" يتحدث عن والدته :" الحاجة فطنة " ودورها في حياته قائلا: ولدت في قرية أبنود.. وقضيت فيها فترة ربما وصلت إلي سن السادسة أو السابعة من العمر. لقد كنت أقيم فيها مع أمي فاطمة جنديل - قنديل- أنا وهي فقط!. لأن والدي كان في هذه الفترة قد انتقل بإخوتي للإقامة في مدينة قنا.. بعدما عمل مدرسا للغة العربية هناك ثم مأذونا وعالما دينيا. وأتذكر أنني حين ولدت لم يستبشروا خيرا.. لأنني كما قالوا ولدت في الحسومات. وفي بلدنا من يولد في هذه الفترات من السنة يعدونه من الأموات لأنه وكما قالوا لي.. يولد ضعيفا. وبالتالي سوف يموت ولكن أمي عملت كل جهدها حتي لا أموت.. كما أخبرها بذلك أبي.. الذي أكد لها أن عبدالرحمن لن يعيش طويلا. ويبدو أن إصرار أمي علي أن أعيش قد ولد بداخلي وإياها طاقة لا مثيل لها من الحب والعاطفة الذين ظلا طويلا إلي أن توفاها الله.

ويضيف..أمي التي منحتني الحياة بعدما كنت غير مؤهل للاستمرار في هذه الحياة.. كانت تسهر من أجل أن أشفي من الأمراض. وكانت تشجعني علي الحياة وتساعدني علي أن استمر. وشيء آخر مهم.. لقد منحتني أيضا حب الشعر والتمسك به.. حتي أنها كانت من أهم مصادر هذا الشعر في حياتي.. وأنا أذكر في هذا المقام أنني كنت أترجم كل أقوالها وما أسمعه منها إلي أشعار وكلمات أغان. ولذلك وفي إحدي زياراتي لها. طلبت مني حقها فيما كنت أكسبه من المطربين.. وكانت تقول لي بالحرف الواحد.. مش ده كلامي إللي أنا كنت بأقوله لك والناس فاكرة إنك إنت مؤلفه!!. وكنا نضحك كثيرا. هناك العشرات من المواقف العظيمة التي كانت تربطني بأمي وأتذكرها بالتفاصيل هذه المواقف مازالت تجري في دمي وعروقي ومازالت كلمات فاطمة جنديل تعيش بداخلي.

عبدالحليم حافظ

حكاية أخري تجسدها الحاجة "علية" أخت الراحل عبدالحليم حافظ التي حلت محل والدته وتولت تربيته فكتب عنها في مذكراته : 'استيقظت من تخدير البنج، دخل الأطباء.،علية أختي معي، تحب أناديها يا ماما، أحبها كثيرا، وآثار الدموع في عينيها قالت لي قبل عملية حقن الشعيرات: يا حليم لازم يشيل المرض إنسان غيرك، إسأل الأطباء، أنا متنازلة عن أي جزء من جسمي يشفيك إلى الأبد"

وكانت تحس به مثل أي أم تحس بابنها فيذكر أيضا موقف يبين ذلك.."حدث لي النزيف في المغرب،حملتني الطائرة من المغرب إلى باريس،علاج ستين يوما في باريس،استكملت العلاج في لندن ،قرأت يومها خطابا من أختي علية أحفظ حروفه يقول الخطاب: ابني العزيز حليم،حلمت أنك في حفلة الكل فيها بملابسهم وأنت ترتدي جلبابا، هل أنت مريض؟ كان مكان الحفلة العجمي وكان البحر هائجا، هل صحتك بخير؟ طمني عليك بمنتهى السرعة، أختك علية".

بنت الشاطئ

أما الدكتورة "عائشة عبدالرحمن" كتبت عن دور والدتها في تشجيعها واستكمال تعليمها وكان معروف في ذلك الوقت بقاء البنت في المنزل:"أنهيت دراستي في المدرسة الأولية ثم الراقية وكدت استسلم لضرورة حجزي في المنزل ،إذ كنت قد بلغت الثالثة عشرة من عمري ،لولا أن ظفرت لي أمي بعد بدء الدراسة بشهرين بالإذن في التعليم ممن لا يملك والدي أن يعصي له أمرا وهو إمامه في التصوف، واستقر بي الحال بعد عناء فى مدرسة المعلمات بطنطا.

وكتبت أيضا متسائلة عن والدتها ،هل كان حنان الأمومة هو الذي يدفعها إلي مساعدتي وهي تراني أذوي وأنا أرقب انهيار أمالي؟أم تراها كانت تستشف أنني سأكون واحدة من الجيل الذي يشهد محنة الحيرة بين القديم الذي عرفه والجديد الذي يبلوه لأول مرة،أم لعلها كانت مسوقة ،مثلما كنت ،بدافع لاإرادى له لأن تدفعني إلي الطريق الآخر الذي لم أكن حتي فكرت فيه ؟ من ذلك مثلا أنه عندما أوصدت مدرسة المنصورة للمعلمات بابها دوني،أدهشني أن أمي لم تعد بي إلي دمياط ريثما تدبر أمرها،وإنما انطلقت تبيع سوارا ذهبيا كانت تتزين به وقطعت لنا تذكرتين للسفر إلي القاهرة بحثا عن مكان لي بمدرسة المعلمات بحلوان ،أما عندما أصر والدي في عطلة الصيف علي ردي إلي طريقي الذي حدت عنه،فقد كانت تعرض بيتنا للانهيار وهي تحاول الذود عن طموحي.

حسن شاه

الكاتبة الصحفية "حسن شاه" كتبت عن والدتها أنها من المنصورة مثل أبيها، وذكرت :" أمي ولدت في بداية القرن الماضي وكانت تحمل الابتدائية وكان في زمانها المدرسات فرنسيات وانجليزيات، ولم تكن هناك معلمة مصرية ،فكانت أمي رحمها الله حتي ماتت تغني لأولادي بالانجليزية والفرنسية الأغاني التي كانت تحفظها.

طه حسين

عميد الأدب العربي طه حسن كتب في سيرته "الأيام" واصفا مرحلة طفولته العصيبة وإحساسه العظيم بالاختلاف عن أخواته فكتب عن والدته :" كان يحس من أمه رحمة ورأفة ،ولكنه كان يجد إلي جانب هذه الرحمة والرأفة من جانب أمه شيئا من الإهمال أحيانا، ومن الغلظة أحيانا أخري ،ويفسر ذلك قائلا :" علي أنه لم يلبث أن تبين سبب هذا كله ،فقد أحس أن لغيره من الناس عليه فضلا ،وأن أخوته وأخواته يستطيعون ما لا يستطيع ،وأحس أن أمه تأذن لأخوته وأخواته في أشياء تحظرها عليه ،وكان ذلك يحفظه ،ولكن لم تلبث هذه الحفيظة أن استخالت إلي حزن صامت عميق، ذلك أنه سمع من أخوته يصفون ما لا علم له به ،فعلم أنهم يرون مالا يري .

ويروي حادثة أخري أثرت في حياته.. عندما كان يأكل من الطبق الكبير المشترك فأخطأ وسمع ضحك أخواته ،وسمع بكاء والدته، ومن ذلك الوقت عرف لنفسه إرادة قوية..

ولكنه يذكر تأثير والدته الكبير عليه فكتب :"وكان يحب الاستماع والانصات إلي حديث أمه مع سيدات القرية " ،وهذا أثر فيه كثيرا،وعندما أتم حفظ القرآن الكريم خافت عليه من الحسد كأي أم وقامت بتبخيره خوفا من العين

المصدر: مجلة حواء -ايمان عبدالرحمن

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,699,240

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز