حكايات الهروب من الظلام

كتبت : منار السيد

نزلت إلى الشارع هرباً من ارتفاع درجة الحرارة في ظل انقطاع التيار الكهربائي وتوقف المراوح والتكييفات ، واندهشت من الازدحام في الشارع وليس فقط من المارة بل من الناس الجالسين أمام منازلهم وعلى الرصيف .. وآخرين متوجهين ناحية السوق التجاري المليء بالمولدات الكهربائية ، وغيرهم يلجأون للحدائق لمحاولة تخفيف الملل لدي أطفالهم ... وهذا هو حال الشعب المصري في مسلسل الهروب من الظلام في شوارع المحروسة 

تقول "الحاجة أمينة وأولادها" نفترش الرصيف المقابل لمنزلنا عند حلول الساعة السادسة ونتبادل الأحاديث في الهواء الطلق ، ويلعب الأحفاد حولنا ، وبكوب الشاي ولقمة العشاء البسيطة نتغلب على الظلام القهري ، ونهرب للهواء الطلق.

أما الحاج سليم فيقول "أنا راجل كبير وماستحملش الحر " ، وعندما سألته ماذا تفعل للهروب من هذه الحالة يقول: بمجرد انقطاع الكهرباء أنزل أمام المنزل وأجلس على الكرسي على الرصيف أتمتع بالنور من كشافات السيارات التي تمر على الطريق ، وأنتظر أي نسمة هواء ربنا ينعم بها علينا.

على الرصيف

وليس هذا حال عم سليم وحده ولا الحاجة أمينة ولكن كثير من الأسر غيرهم الذين يهربون من انقطاع الكهرباء ويلجأون إلى أي مكان في الشارع بحثا عن النور والهواء الطلق ، فمجدي السيد " محاسب " هو أيضا يهرب بزوجته وأولاده من حر الصيف والعتمة الكهربائية بطاولة صغيرة وكراسي خشبية على الرصيف المقابل للمنزل الذي تنبت منه الحشائش الصغيرة ، وهذه الفكرة أعجبت باقي الجيران ليستغلوا انقطاع الكهرباء لتكوين جو من المودة والصداقة بين الأفراد ، وعند اقتراب غروب الشمس ينزل الجميع إلى الشارع وللجلوس سويا في هذه الحديقة الجماهيرية.

المول التجاري

تقول منه حسين متزوجة وأم لطفلين ، بمجرد حلول الساعة السابعة أجهز أنا وأبنائي ونستعد لمغادرة المنزل ليس حبا في الخروج ولكن هربا من الجو الحار ولكن مع الوقت المحدد لانقطاع الكهرباء ، فكلنا نعاني من الانقطاع الدائم للكهرباء والذي يترتب عليه توقف التكييفات والمراوح وأطفالي مازالوا صغار لا يتحملون درجة الحرارة العالية والظلام المترتب من انقطاع الكهرباء .

بالإضافة إلى بكائهم المستمر لشعورهم بالملل من الظلام وعدم تشغيل التليفزيون أو الكمبيوتر ، فاضطر للهروب بهم إلى الشارع والذهاب للمول القريب من المنزل وأظل هناك حتى الساعة العاشرة تقريبا وبعدها أعود للمنزل ، وليس معنى ذلك أن الكهرباء لا تنقطع بعد الساعة العاشرة ولكنني لا استطيع المكوث في الشارع حتى بعد الساعة العاشرة ولكن ما باليد حيلة .

الحديقة

أما سمية إبراهيم فتذهب مع أبنائها إلى الحديقة هربا من الحر والكهرباء المنقطعة حيث تقول : لا أعرف ماذا أفعل مع أبنائي أثناء انقطاع التيار الكهربائي فهم يريدون اللعب على الكمبيوتر ومشاهدة التليفزيون ، وبمجرد انقطاع الكهرباء يشعورن بالضيق وأضطر وقتها لاصطحابهم للحديقة القريبة من منزلنا لإلهائهم باللعب بالألعاب بالإضافة إلى أنني أفضل الجلوس هناك في النور والهواء الطلق بدلا من الموت خنقا وزهقا داخل المنزل وسط الظلام.

السيارة

ووجدت عبير وزوجها حلقة أخرى من الهروب وهي"التنقل بالسيارة " حيث تقول: انتظر عودة زوجي من العمل ونأكل وأتركه يستريح قليلا ثم يستيقظ وليس أنا من يوقظه ولكن حرارة الجو بعد انقطاع الكهرباء لأجده يقول لي " تعالي ننزل نتمشي بالعربية لحد لما النور يرجع" ونظل نلف بالسيارة حتى ليلا ، وهذا هو حالنا يوميا ولكنني أصبحت لا أشكو فقط من انقطاع الكهرباء ولكن من طوابير البنزين الذي يطير بسبب كثرة سيرنا بالسيارة طوال الليل.

النادي

أما سلمى وأصحابها يقولوا "مافيش فايدة" ، وتحكي لنا قصتها مع الهروب من انقطاع التيار الكهربائي حيث تقول : تعبت كثيرا أنا وصديقاتي من انقطاع الكهرباء وخصوصا ونحن في فترة امتحانات ومعتادة أنا وصديقاتي المذاكرة سويا، ولكن كلما نوينا البدء في المذاكرة تنقطع الكهرباء ،فنقرر الذهاب لمنزل صديقة أخري لنجد الكهرباء منقطعة أيضا ، لذلك قررت أنا وصديقاتي الذهاب في الفترة المتوقع انقطاع الكهرباء بها إلى النادي لضمان عدم انقطاع الكهرباء بسبب وجود مولدات ، وهذا هو آخر حل توصلت إليه أنا وصديقاتي للهروب من الظلام ومحاولة النجاح

المصدر: مجلة حواء -منار السيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 802 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,807,729

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز