لآل بيت النبى مكانة خاصة بقلوب المصريين حيث يشدون إلى أضرحتهم الرحال، ويحفظون سيرهم ويحتفلون بمولدهم، وفى رمضان تتلهف قلوبهم شوقا للصلاة بمساجدهم، فتعالوا بنا لنعايش سيرهم ونتعرف كيف يحتفل المصريون بموالدهم.

يحرص محبو آل البيت على زيارة مقام السيدة نفيسة والتبرك بضريحها الذى ينساب عليه أنوار ربانية ونفحات إلهية حيث يتوافد مئات الآلاف من أبناء مصر فى شهر ربيع الأول من كل عام للاحتفال بمولدها وسط حالة من الحب والشوق والرجاء والبكاء والدعاء.

تتخذ العائلات من الحارات مستقرا لنصب خيمهم، حيث تعد النساء الأطعمة لتقديمها إلى رواد المولد الذى اشتهر بتقديم عدة وجبات منها الفول النابت والعدس والعسل الأسود الذى كانت تحبه السيدة نفيسة رضى الله عنها، وفى ساحة المسجد ينتشر بائعى الحلوى والحمص والسبح والبخور ولعب الأطفال، إلى جانب الدراويش ومحبى السيدة، فالبعض يقف فى حلقات الذكر والآخر يتلو القرآن، بينما ترتفع الأصوات داخل الضريح بالدعاء والرجاء والبكاء، أما الطرق الصوفية فيحرصون على إقامة السرادقات فى المنطقة، فيما يتجول أبناؤها وسط المحتفلين يوزعون الورد والرياحين والعطور والنعناع مهللين «مدد يا نفيسة العلوم، يا بنت النبى الغالي، يا حفيدة الحسن .»

المقام النفيسى

يحظى مسجد السيدة نفيسة بمكانة خاصة فى وجدان المصريين فيكثرون من زيارته يوم الأحد من كل أسبوع أو كما يطلقون عليه يوم الحضرة حيث تشمل الزيارة الضريح وأداء صلاة العصر، ولا يعرف أحد السر وراء ارتباط الزيارة بهذا اليوم وصاة العصر بالتحديد التى يختصها مريدى السيدة نفيسة.

مولدها ونشأتها

ولدت رضى الله عنها فى شهر ربيع الأول سنة 145 هجرية بمكة المكرمة، ونشأت فى المدينة المنورة، والدها حسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن على رضى الله عنهم أجمعين، وكان والدها يأخذ بيدها ويدخل الغرفة النبوية الشريفة ويخاطب النبى صلى الله عليه وسلم بعد السلام قائلا: «إنى راض عن ابنتى نفيسة، فيرد عليه النبى وأنا راض عنها برضاك عنها والحق سبحانه وتعالى راض عنها برضاى عنها »، نشأت فى العبادة والزهد تصوم النهار وتقوم الليل، وكانت لا تفارق حرم جدها، تزوجت من ابن عمها إسحاق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق، وأنجبت له القاسم وأم كلثوم، وحجت ثلاثين حجة، وكانت تتعلق بأستار الكعبة وتقول إلهى وسيدى ومولا متعنى وفرحنى برضاك عنى، قدمت إلى مصر فى شهر رمضان فاستقبلها المصريون أحسن استقبال، ثم استقرت فى بيت أعد لها مع زوجها، وراح الناس بمختلف فئاتهم يترددون عليهما يأخذون عنهما العلم والحديث.

مناقبها وكراماتها

كان الإمام الشافعى يتردد على السيدة نفيسة فيسمع منها الحديث، وكان يأتى إليها ويسألها الدعاء، فكان إذا مرض يرسل إليها أحد أصحابه فيسلم ويقول لها إن ابن عمك مريض ويسألك الدعاء، فتدعو له فلا يرجع له من أرسله إلا وقد عوفى من مرضه، فلما مرض مرضه الذى توفى فيه أرسل لها كعادته يلتمس منها الدعاء فقالت لمن جاءها متعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم، وعندما رجع إليه وأبلغه ما قالت، علم أنه ميت فأوصى أن تصلى عليه، فلما توفى مروا بجنازته بأمر أمير مصر على بيتها، فصلت عليه.

فى حياتها جف ماء النيل فجاء الناس إليها وسألوها الدعاء فأعطتهم قناعها فذهبوا به إلى النهر وطرحوه فيه فما رجعوا حتى زخر النيل بمائه وزاد زيادة كبيرة، كما أسلم سبعون يهوديا وتعلم أئمة الفقه على يديها، وتزوج رجل مسلم من قبطية فجاء منها بولد وعندما شب أسر فى بلاد الغزو فسألت والدته عنه من رجع من المعركة فلم تجده، فقالت لزوجها: بلغنى أن هناك سيدة شريفة من أسرة نبيكم يقال لها نفيسة، وإن لها كرامات فاذهب إليها علها تدعو لولدى، فإن جاء آمنت بدينها، فجاء الرجل إليها وقص عليها القصة، فتضرعت إلى ربها أن يرد عليها ولدها ويخلصه من أسره، فلما كان الليل عاد ولدها فأسلمت ووهبت نفسها لخدمة السيدة نفيسة.

وفاتها

لما جاءها مرض الموت أرسلت لزوجها إسحاق المؤتمن تستحضره إليها من المدينة، وعندما زاد بها المرض فى أول جمعة من رمضان عام 20 ه أشار عليها الأطباء بالإفطار لما رأوا بها من ضعف، فقالت قولتها الشهيرة: معاذ الله .. اصرفوا عنى طبيبى ودعونى وحبيبي.

المصدر: كتب : محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 748 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,696,993

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز